مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
نتنياهو: خطاب عباس أمام المجلس المركزي يصب في مصلحة السياسة الإسرائيلية كونه يظهر جذور النزاع كما تعرضها إسرائيل دوماً
مقتل شاب فلسطيني خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي شرقي قلقيلية
نتنياهو ومودي يوقعان 9 اتفاقيات للتعاون بين إسرائيل والهند في مجالات متعددة
تمديد فترة اعتقال عهد التميمي يومين
مقالات وتحليلات
خطاب عباس قد يكون مؤامرة تهدف إلى أن تقودنا نحو مسار الدولة الواحدة
الوقت ليس مناسباً للانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يسرائيل هيوم"، 16/1/2018
نتنياهو: خطاب عباس أمام المجلس المركزي يصب في مصلحة السياسة الإسرائيلية كونه يظهر جذور النزاع كما تعرضها إسرائيل دوماً

قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن الخطاب الذي ألقاه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أمام المجلس المركزي الفلسطيني أول أمس (الأحد) وهاجم فيه بشدّة إسرائيل والولايات المتحدة، يصبّ في مصلحة السياسة الإسرائيلية كونه يظهر جذور النزاع كما تعرضها إسرائيل دوماً. وأكد استحالة تحقيق السلام طالما يتشبث الجانب الفلسطيني بمواقفه الحالية.

وأضاف نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في نيو دلهي أمس (الاثنين)، أن خطاب عباس أزال القناع عن وجهه وكشف النقاب عن الحقيقة البسيطة التي يعمل جاهداً منذ سنوات طويلة على غرسها في قلوب الناس وفحواها أن جذور النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين تعود إلى الرفض الفلسطيني الدائم الاعتراف بدولة الشعب اليهودي مهما تكن حدودها، وأشار إلى أن الفلسطينيين لن يجدوا وسيطاً آخر لاستبدال الأميركيين.

من ناحية أُخرى قال نتنياهو إن موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيال الملف النووي الإيراني يعكس نفس الموقف الذي يبديه هو منذ فترة. وأوضح أن الهدف الرئيسي من هذه القضية هو إدخال تغييرات على الاتفاق النووي، من شأنها أن تمنع طهران من الحصول على أسلحة نووية من دون عائق. وأضاف أن إيران تدرك أن إسرائيل تعارض بشكل قاطع تموضعها العسكري في سورية، مؤكداً أن نظام طهران يأخذ إسرائيل على محمل الجد وأن القرار بتصعيد الأوضاع أو عدمه يعود إلى هذا النظام.

وتوالت أمس ردود الفعل الإسرائيلية على خطاب عباس.

وأعرب رئيس الدولة رؤوفين ريفلين لدى استقباله وفداً من اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة في مقر رئاسة الدولة في القدس أمس، عن صدمته الشديدة من التصريحات التي أدلى بها رئيس السلطة الفلسطينية وقال فيها إن دولة إسرائيل هي مؤامرة من طرف دول الغرب استهدفت توطين اليهود في فلسطين على حساب سكانها العرب وأن لا علاقة للشعب اليهودي بأرضها.

ووصف ريفلين هذه الأقوال بأنها فظيعة، وأكد أنها تعرقل طريق بناء الثقة من أجل التقدم إلى الأمام.

وأضاف أن عباس عاد وكرّر بهذه الأقوال أفكاراً سبق له أن أبداها قبل عشرات السنوات وكانت فظيعة للغاية آنذاك وهي الأقوال ذاتها التي اتُّهم على خلفيتها بمعاداة اليهود وإنكار المحرقة النازية.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان [رئيس "إسرائيل بيتنا"] إن خطاب عباس يمثل تدميراً لسياسته ويشير إلى فقدان السيطرة وفقدان دعم العالم العربي المعتدل والتخلي عن المفاوضات مع إسرائيل. 

وأضاف ليبرمان أن عباس لا يفهم أنه لا بديل من الولايات المتحدة ليس له ولإسرائيل فحسب بل أيضاً لكل العالم المعتدل. وأكد أن عباس بدأ يسعى لخوض مواجهة سياسية مع إسرائيل. 

وندّد رئيس حزب العمل وتحالف "المعسكر الصهيوني" آفي غباي بخطاب عباس ووصف أقواله بأنها خطرة وكاذبة وتنطوي على معاداة للسامية. وأكد غباي أن المصلحة الإسرائيلية قبل وبعد خطاب عباس هي الانفصال عن الفلسطينيين مشيراً إلى أن الجانبين بحاجة إلى قادة يسعون لبناء الثقة بينهم.

 

كما عقّبت رئيسة حزب "الحركة" عضو الكنيست تسيبي ليفني من "المعسكر الصهيوني" على خطاب عباس فقالت إن المصلحة الإسرائيلية كانت وما تزال إقامة دولة يهودية ديمقراطية وآمنة، وأكدت أنه يتعين على الحكومة المضي نحو هذه الغاية مع الفلسطينيين أو من دونهم.

 

"هآرتس"، 16/1/2018
مقتل شاب فلسطيني خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي شرقي قلقيلية

قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن شاباً فلسطينياً قُتل برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مواجهات وقعت في قرية جيوس شرق قلقيلية أمس (الاثنين). وأضافت الوزارة في بيان لها أن القتيل هو أحمد عبد الجابر محمد سليم (24 عاماً) من جيوس.

 

وقال رئيس بلدية جيوس غسان خريشة إن هناك مواجهات يومية في القرية بسبب وجود الجدار الفاصل المحاذي لها. وأضاف أنه وقعت أمس مواجهات أطلق خلالها الجيش الإسرائيلي الرصاص الحي فأصاب شاباً في رأسه أُعلنت وفاته لاحقاً.

 

"معاريف"، 16/1/2018
نتنياهو ومودي يوقعان 9 اتفاقيات للتعاون بين إسرائيل والهند في مجالات متعددة

وقّع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ونظيره الهندي ناريندرا مودي في نيو دلهي 9 اتفاقيات للتعاون بين البلدين في مجالات متعددة. 

وأُعلن توقيع هذه الاتفاقيات في سياق مؤتمر صحافي مشترك عُقد أمس (الاثنين) وهنأ رئيس الحكومة الهندية نتنياهو في مستهله باللغة العبرية وقال له "أيها الصديق العزيز مرحباً بك في الهند".

وشكر نتنياهو مودي على علاقات الصداقة الفريدة من نوعها التي تربط بينهما وعلى الاستضافة الحميمة له. وأضاف أن مودي حقق تحولاً في العلاقات بين البلدين. 

 

وأُفيد أمس أن الجانبين سيبحثان أيضاً الصفقة التي كانت إسرائيل ستزوّد بموجبها الهند بصواريخ مضادة للدبابات من طراز "سبايك" والتي ألغتها نيو دلهي مؤخراً.

 

"هآرتس"، 16/1/2018
تمديد فترة اعتقال عهد التميمي يومين

مددت محكمة "عوفر" العسكرية أمس (الاثنين) فترة اعتقال الفتاة الفلسطينية عهد التميمي (16 عاماً) يومين.

 

وظهرت عهد التميمي الشهر الفائت في شريط فيديو وهي تعتدي على جنديين من الجيش الإسرائيلي في قرية النبي صالح. وتنظر المحكمة هذه الأيام في لائحتي اتهام قُدمتا بحق عهد التميمي ووالدتها تنسبان إليهما الاعتداء على قوات الأمن الإسرائيلية.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يديعوت أحرونوت"، 16/1/2018
خطاب عباس قد يكون مؤامرة تهدف إلى أن تقودنا نحو مسار الدولة الواحدة
بن درور يميني - محلل سياسي

•قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يوصف بأنه الزعيم الأكثر اعتدالاً الذي يمكن للفلسطينيين أن يختاروه، في سياق الخطاب الذي ألقاه أمام المجلس المركزي الفلسطيني أول أمس (الأحد)، إنه لن يُكرّر الأخطاء التي ارتُكبت سنة 1948 وسنة 1967 كونها أدت إلى المأساة الفلسطينية، النكبة. لكنه في الوقت عينه كرّر بالضبط الأخطاء ذاتها التي تنطوي على قدر كبير من الهذيان والوهم والرفض. 

•معروف أن ثمة خلافات في إسرائيل بشأن ما إذا كانت جذور النزاع مع الفلسطينيين تعود إلى سنة 1948 أو إلى سنة 1967. الآن جاء عباس وأوضح أن هذه الجذور تعود إلى سنة 1917، التي صدر فيها وعد بلفور الذي يقضي بأن لليهود حقاً في إقامة وطن قومي. كما أن هناك جدلاً فيما إذا كان ثمة خط يفصل بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، فجاء عباس وأوضح أنه لا يوجد مثل هذا الأمر وأن كلتيهما تقومان على الأكاذيب. 

•إزاء ذلك لا بُدّ من دحض الترهات التي أطلقها المعتدل من المقاطعة، نظراً إلى أن كل كذبة تتكرر تصل إلى كتب التعليم وإلى الجامعات وتمسي جزءاً من "الرواية الفلسطينية". 

• كانت هناك كثير من الأكاذيب في خطاب عباس. لكن يخيّل أن ثلاثاً منها جديرة بالدحض:

•أولاً، بالنسبة إلى عباس وعد بلفور هو مشروع استعماري. لكن العكس هو الصحيح. فهذا الوعد صدر في إطار الاعتراف المتزايد بحق تقرير المصير الذي هو نفسه كان نتيجة للكفاح المناهض للإمبريالية وأدى إلى انحلال الإمبراطوريات وإقامة الدول القومية. أمّا اليهود الذين كانوا يعيشون تحت إمبراطوريات عديدة فحصلوا على تقرير المصير إلى جانب شعوب أُخرى. وهكذا فإن الصهيونية هي حركة تحرر مناهضة للإمبريالية. والصهيونية لم تأت لاستغلال أحد، والنكبة نفسها هي نتيجة الرفض العربي. وفي كل الأحوال فإن عشرات الملايين في أنحاء العالم عايشوا تجربة الاقتلاع والطرد وتبادل السكان في إطار إقامة الدول القومية، وهذا يشمل العرب واليهود.

•ثانياً، أوجد عباس الانطباع بأن خطة السلام التي عرضها عليه رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت [2007] تتضمن الحفاظ على وجود إسرائيلي في غور الأردن مدة 40 سنة، وأكد أن هذا هو السبب الذي جعله يرفض تلك الخطة. لكن في مقابلة مع جاكسون ديل من "واشنطن بوست" أوضح عباس في ذلك الوقت أنه رفض الخطة لأنها لم تمنحه حق عودة على نطاق واسع. كما أن هذا كان رد فعله الفوري على كوندوليسا رايس [وزيرة الخارجية الأميركية السابقة] التي نقلت إليه جوهر الخطة بعد ساعات من سماعها من أولمرت. لكن ها نحن نحظى الآن برواية جديدة لا تمت إلى الحقيقة بأي صلة.

•ثالثاً، بحسب عباس "أراد الأوروبيون جلب اليهود من أوروبا إلى هنا من أجل الحفاظ على مصالح الأوروبيين في المنطقة. وقد طلبوا من هولندا التي كان لها أكبر أسطول في العالم نقل اليهود". فمتى كانت هولندا هي التي نقلت جموع اليهود؟ معروف أنها احتُلت من طرف النازيين، وأن المفتي الحاج أمين الحسيني بطل عباس تعاون مع حكام أوروبا في تلك الأيام، أي مع النازيين، كي يوسع مشروع إبادة اليهود ليشمل أرجاء العالم العربي وفلسطين أيضاً.  

•إن خطاب عباس هو في الأساس هدية لذلك الجزء في اليمين الإسرائيلي الذي يريد دولة واحدة كبيرة. فقد أوضح الزعيم المعتدل أنه لا يوجد هناك ما يمكن الحديث في شأنه، ورفض الاعتراف بحق تقرير المصير لليهود. وبالتالي فهو ليس شريكاً، وهو غارق في مزيد من الهذيان والأوهام والأكاذيب. ولعل هذا كله ليس هذياناً بل مؤامرة تهدف إلى أن تقودنا نحو مسار دولة واحدة كبيرة بموجب ما يريده كارهو إسرائيل وفي مقدمهم الائتلاف القائم بين حركة "حماس" وحركة مقاطعة إسرائيل BDS وإيران. بناء على ذلك لا يجوز الاستخفاف بالترهات التي يطلقها عباس، لأنه إذا لم نحذر فمن شأن خطاب هاذٍ كهذا أن يصبح علامة أُخرى في الطريق نحو تحقيق ذلك الهدف.

 

"مباط عال"، العدد 1011، 11/1/2018
الوقت ليس مناسباً للانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران
عاموس يدلين - رئيس "معهد أبحاث الأمن القومي"، جامعة تل أبيب

 

(أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأسبوع الفائت، أنه سيوقّع مواصلة تعليق العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، وفق أحكام الاتفاق النووي الذي تم توقيعه بين إيران والدول العظمى الست سنة 2015، مؤكداً أنها ستكون "المرة الأخيرة" التي يوقع فيها الأمر بشأن تعليق هذه العقوبات. عشية هذا القرار، خصص "معهد أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي إحدى منشوراته المركزية ("مباط عال")، التي صدرت الأسبوع الفائت، لموضوع الاتفاق النووي مع إيران وإمكان إلغائه والتداعيات المترتبة على ذلك. وتضمن الإصدار سبعة مقالات لباحثين في المعهد، بينهم وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان السابق موشيه يعلون، سبقتها المقدمة التالية التي كتبها رئيس المعهد عاموس يدلين):

•في هذه الأيام، يدرس الرئيس الأميركي خطوته التالية بشأن الاستمرار في تعليق العقوبات ضد إيران أو إعادة فرضها، وهو ما يعني عملياً انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي جرى توقيعه سنة 2015 بين إيران والدول العظمى الست. 

•"معهد أبحات الأمن القومي" استعدّ لهذا الحدث المهم بإجراء محاكاة متقدمة ونقاشات معمقة بشأن الموضوع خلص باحثو المعهد الرائدون في هذا المجال في ختامها، إلى التوصية بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي في الوقت الراهن. 

•هذا الإصدار الذي يشمل تحليلاً للواقع الاستراتيجي الشامل إزاء إيران في الوقت الحالي، يؤكد أن الضرر المترتب على قرار أميركي بالانسحاب من الاتفاق النووي يفوق الفائدة المتوقعة من هذا القرار. يتعين على الولايات المتحدة اليوم قيادة جهود دولية لممارسة الضغط على إيران، من خلال الإصرار على تطبيق الاتفاق بصورة كاملة ودقيقة، ثم معاقبة إيران على أعمالها وخطواتها المتحدّية والاستفزازية في المجالات التي لا تشكل جزءاً من مشروعها النووي: ممارساتها التآمرية في أنحاء الشرق الأوسط المتعددة، نشر الإرهاب والأسلحة، تطوير برنامج الصواريخ البالستية والمساس بحقوق الإنسان.

•شكّل خطاب الرئيس دونالد ترامب يوم 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، نقطة تحوّل واضحة في السياسة الأميركية تجاه إيران. ففي إعلانه أنه لن يعيد التصديق على الاتفاق، أعلن ترامب عملياً استئنافه وتحدّيه الاتفاق النووي (JCPOA) والسياسة الإيرانية في الشرق الأوسط. وقد أثار إعلانه هذا ردات فعل معارِضة من الشريكات الأُخريات في الاتفاق (بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، روسيا والصين)، إلى جانب ترقب حذر لقراره النهائي الذي يُفترض أن يصدر في أواسط الشهر الحالي بشأن ما إذا كان الرئيس الأميركي سيوقّع الأمر الذي يواصل تعليق العقوبات أو يعيدها، وهو ما يعني الانسحاب من الاتفاق بصورة فعلية. 

هذا ليس وقتاً مناسباً للانسحاب من الاتفاق         

•بعد خطاب الرئيس الأميركي مباشرة، تطرقنا إلى الموضوع وأوصينا بعدم فتح الاتفاق، بل بممارسة الضغط على النظام الإيراني على خلفية خروقاته لقرارات مجلس الأمن في قضايا برنامج الصواريخ، نشر الإرهاب والوسائل القتالية وبسبب تعدّياته على حقوق الإنسان. في هذه الأثناء تفجرت الاضطرابات في إيران. في هذه النقطة الزمنية الحاسمة، بين الوضع المرشح للانفجار في إيران وبين قرار الرئيس الأميركي الحاسم في مسألة الاتفاق النووي، نودّ العودة إلى تأكيد تقويمنا أن كلفة انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في الوقت الراهن تفوق الفائدة المتوقعة أو المرجوة منه. ولهذا تبقى على حالها توصيتنا بألاّ تبادر الولايات المتحدة إلى الانسحاب من الاتفاق النووي حالياً. 

•على هذه الخلفية يبدو مشجِّعاً بصورة خاصة تصريح وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون، يوم 5 كانون الثاني/ يناير الحالي، بشأن الجهود المبذولة الآن من أجل إيجاد حل يسمح للولايات المتحدة بالاستمرار في أن تكون طرفاً في هذا الاتفاق. ونحن نأمل بأنه حتى لو لم ينضج الاقتراح المطروح في الكونغرس الآن ولم يثمر تشريعاً خاصاً في غضون الفترة الزمنية القصيرة المتبقية حتى قرار الرئيس، قد يكون في استعداد الكونغرس للبحث في اقتراح آخر يُطرح عليه ضمن إطار زمني مقبول على الرئيس ما يتيح للأخير الامتناع من قرار إعادة العقوبات، التي ستعني انسحاب الولايات المتحدة الفعلي من الاتفاق.   

•على الرغم من اختلاف آرائنا بشأن جودة الاتفاق ومدى قدرته على منع إيران من امتلاك سلاح نووي، إلاّ إننا متفقون جميعاً على أن هذا الاتفاق يشكل، في هذه اللحظة الزمنية، حقيقة ناجزة وأن الشريكات الأُخريات لهذا الاتفاق تعارضن إعادة فتحه من جديد. ومن شأن خطوة أميركية من جانب واحد للخروج منه في الوقت الراهن أن تسبب احتكاكاً وتوتراً بين الإدارة الأميركية وحكومات تلك الدول وأن تتيح للنظام الإيراني استغلال انسحاب الولايات المتحدة وتجييره لمصلحته. كان هذا صحيحاً قبل اندلاع الاضطرابات في إيران، فكم بالحري اليوم حيال بحث النظام عن ذرائع لحرف الغضب الجماهيري الموجّه إليه وتحويله نحو جهات خارجية. سيكون خطأ فادحاً من جانب الولايات المتحدة الوقوع في شرك النظام الإيراني ومنحه هذه الفرصة.   

تشديد الضغوط على إيران من دون الانسحاب من الاتفاق 

•إن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي يشكل خطراً على القدرة الحالية على محاصرة وتقييد المشروع النووي الإيراني في المدى المنظور، وعلى إعاقة وتأجيل القدرة الإيرانية على امتلاك السلاح النووي. تبعاً لهذا، ونظراً إلى إمكان ممارسة الضغوط على إيران اليوم فيما يتعلق بتطبيق الاتفاق من دون إعادة فتح ومن دون انسحاب الولايات المتحدة منه، من الأجدر ـ بل من الحيوي ـ استنفاد هذا المسار الآن.

•القضايا التي يتعين التطرق إليها في هذا الإطار هي:  

أ‌.يجب إبراز حقيقة أن إيران قد خرقت شروط وأحكام الاتفاق النووي (NPT) خلال العقدين الأخيرين، وذلك باستثمارها في العمل على مشروع نووي عسكري وخداع الوكالة الدولية للطاقة النووية ومراقبيها، فضلاً عن المجتمع الدولي بأسره. لهذا الإبراز أهمية خاصة لأنه يرسي القاعدة لفقدان ثقة المجتمع الدولي بإيران ولأنه ضروري للتمييز بين النظام الإيراني والأنظمة الأُخرى والتعامل معه باعتباره عنواناً للخروقات والخداع، وهو ما يعني عدم الثقة به وائتمان جانبه.  

ب‌.يجب تطبيق بنود الاتفاق المتعلقة بمراقبة المنشآت العسكرية في إيران، بغية التحقق من أنها تسمح بإجراء تحقيقات ناجعة وخلال وقت معقول في أي شبهات تتعلق بنشاطات في المجال النووي العسكري. وفي إطار ذلك، يجب توضيح بنود الاتفاق التي تشكل موضعاً للتفسير والاختلاف، مثل الفقرات التي تأمر الوكالة الدولية للطاقة النووية بتقديم المواد الاستخباراتية المُدينة إلى إيران أولاً ثم انتظار تعقيبها، من دون تحديد وقت لذلك. بعد هذه المرحلة فقط، يمكن إطلاق الإجراء الذي تستطيع إيران في إطاره إعاقة أو تأجيل التفتيش في منشأة عسكرية لفترة أقصاها 24 يوماً بعد طلب الوكالة الدولية للطاقة النووية إجراء التفتيش. 

ت‌.يجب التحقق من ممارسة الوكالة الدولية للطاقة النووية حقها وواجبها في الكشف عن المنشآت، النشاطات والمواد المحظورة طبقاً للبروتوكول الإضافي. حتى الآن، لم تبادر الوكالة الدولية للطاقة النووية بإجراء تفتيش يقوم على استخدام جميع الإمكانات التي يتيحها هذا البروتوكول. 

ث‌.يجب الاهتمام باعتماد قدر أكبر من الشفافية والتفصيل في التقارير الفصلية التي يقدمها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة النووية بشأن نتائج التفتيشات التي تُجرى في إيران وبشأن الجهود الإيرانية (المحظورة) لامتلاك الأسلحة والمواد اللازمة لمشروعها النووي، والتي يجري بحثها ضمن "مجموعة العمل في مسألة المشتريات"، وذلك لإتاحة النقاش الدولي المهم بشأن هذا الموضوع. 

ج‌.يجب إعادة فحص بنود الاتفاق التي تتعلق بالأبحاث والتطوير في موضوع أجهزة الطرد المركزي المتطورة. في الوقت الحالي، وبسبب القيود التي تضعها إيران على الرقابة والتفتيش الدوليين، ثمة خطر يتمثل في أن تتمكن إيران من تطوير وإنتاج أجهزة طرد مركزي متقدمة من دون علم الوكالة الدولية للطاقة النووية بذلك، على الرغم مما في الأمر من خرق فاضح للاتفاق. 

ح‌.يجب التشديد على العمل الاستخباراتي، في موازاة الرقابة والتفتيش من الوكالة الدولية للطاقة النووية. ويكتسب هذا العمل أهمية خاصة إزاء حقيقة أن جهات استخباراتية وعناصر مناوئة للنظام ـ وليس الوكالة الدولية للطاقة النووية ـ هي التي كشفت خروقات النظام الإيراني في مشروعه النووي.   

•على ضوء هذا كله، من الأصح أن تواصل الولايات المتحدة قيادة السياسة الدولية التي تتحدى النظام الإيراني وتفرض عليه الالتزام الدقيق ببنود وأحكام الاتفاق النووي، من دون إعادة فتح الاتفاق لمفاوضات مجددة، من خلال تجنيد الدول الشريكة في هذا الجهد.  

خروقات النظام الإيراني بالإضافة إلى الاتفاق النووي  

•تزداد الحاجة الملحة إلى مواصلة ممارسة الضغوط على النظام الإيراني وتصعيدها، بالتوازي مع فرض تطبيق بنود الاتفاق بصورة دقيقة، حيال الخروقات والانتهاكات المتكررة والدائمة لقرارات مجلس الأمن ولحقوق الإنسان في إيران:

أ‌.خرق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 من خلال دعم الإرهاب وتزويد تنظيمات إرهابية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط بالأسلحة. 

ب‌.إجراء أربع تجارب صاروخية على الأقل، بعد توقيع الاتفاق النووي: التجارب التي أُجريت في تشرين الأول/ أكتوبر ـ تشرين الثاني / نوفمبر 2015 شكلت خرقاً واضحاً لقرار مجلس الأمن رقم 1929 (الذي كان ما يزال ساري المفعول وقتذاك)، بينما تعارضت التجارب الأُخرى مع "روح" قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، كما أكدت إدارتا الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب. 

ت‌.انتهاك نظام القانون الدولي والأعراف في مسائل حقوق الإنسان. فإيران تتصدر قائمة الدول عالمياً في مجال تنفيذ أحكام الإعدام، الاعتقالات الجماعية بحق معارضي النظام، المساس بالنساء، وبمثليي الجنس، وبالأقليات وغيرها. 

خلاصة  

•عشية قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مسألة العقوبات الاقتصادية على إيران والانسحاب المحتمل من الاتفاق النووي معها (JCPOA)، نوصي بما يلي:

أ‌.عدم إعادة فرض العقوبات ضمن إجراء يعني عملياً انتهاك الاتفاق، وإنما مطالبة إيران بتطبيق الاتفاق كاملاً ومطالبة الوكالة الدولية للطاقة النووية بتشديد المراقبة والتفتيش على التطبيق ونشر جميع نتائج التفتيش والمراقبة كما كان متّبعاً في الماضي، وذلك من أجل تعزيز الشفافية بشأن التطبيق الإيراني للاتفاق. 

ب‌.رفع الوعي الدولي للانتهاكات الإيرانية لقرارات مجلس الأمن الدولي ومطالبة جميع الدول الشريكة في الاتفاق النووي بالانضمام إلى العقوبات جرّاء هذه الانتهاكات. في هذا الإطار، يجب العمل من أجل إصدار قرار جديد في مجلس الأمن الدولي يعيد تأكيد الحظر الوارد في قرارات سابقة على تنفيذ أي عمل، بما في ذلك التطوير، الإنتاج أو إجراء تجارب على صواريخ بالستية وصواريخ موجَّهة قادرة على حمل رؤوس نووية حربية. 

ت‌.عزل النظام الإيراني وممارسة الضغوط عليه على خلفية انتهاكاته لحقوق الإنسان بصورة عامة، وقمع التظاهرات الأخيرة بصورة خاصة. في هذا الإطار، يجب على الولايات المتحدة استنفاد جميع العقوبات والأدوات التي يخوّلها إياها البندان 402 و 403 في قانون Iran Threat Reduction and Syria Human Rights Act of 2012، ضد الجهات التي تساهم في انتهاك حقوق الإنسان الإيراني.

ث‌.فرض عقوبات ثنائية أميركية على النظام الإيراني جرّاء هذه الانتهاكات، إلى جانب تجنيد الدول الأُخرى المشاركة في الاتفاق وغيرها من الدول لتبنّي هذه العقوبات وتطبيقها.