مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال بيان صادر عن وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" صباح اليوم (الاثنين) إن طائرات مقاتلة إسرائيلية شنت الليلة الماضية غارات على عدة مواقع عسكرية في سورية، وهو ما أسفر عن مقتل 4 مدنيين وإصابة 21 آخرين بجروح بعد أن طالت الأضرار منازلهم، وأشارت إلى أن الدفاعات الجوية تمكنت من إسقاط عدد من الصواريخ الإسرائيلية.
وأضاف البيان أن هذه الغارات التي قامت بها طائرات حربية إسرائيلية من الأجواء اللبنانية، استهدفت مواقع عسكرية في حمص ومحيط دمشق من دون أن تقدّم أي تفاصيل أُخرى.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الغارات الإسرائيلية استهدفت مركزاً للبحوث العلمية ومطاراً عسكرياً غربي حمص ينتشر فيهما مقاتلون إيرانيون ومن حزب الله، وأشار إلى سقوط جرحى في صفوفهم. كما استهدفت عدة مواقع عسكرية في ريف دمشق بينها مواقع لمقاتلين إيرانيين.
رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الانتقادات الموجهة إلى سياسة الحكومة حيال قطاع غزة.
وقال نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد)، إن إسرائيل قد تتخذ إذا ما اقتضت الضرورة خطوات أكثر صرامة ضد حركة "حماس"، وقد تضطر لاحقاً إلى خوض عملية عسكرية واسعة النطاق ضد قطاع غزة.
من ناحية أُخرى تطرق نتنياهو إلى التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة الأسبوع الفائت وقال فيها إن إسرائيل جزء أساسي وشرعي من منطقة الشرق الأوسط، فأكد أنها في غاية الأهمية وتأتي نتيجة للسياسة التي تنتهجها الحكومة وتحوّل إسرائيل إلى قوة كبيرة في المنطقة وإلى قوة عالمية صاعدة.
وأضاف نتنياهو: "في الوقت الذي نتقرب من الدول العربية ونطبّع علاقاتنا معها بالتدريج، وفي الوقت الذي رحبنا بالمؤتمر الذي عُقد في البحرين، والذي سعى قبل كل شيء آخر لتحقيق الازدهار الاقتصادي عند الفلسطينيين وفي المنطقة بصورة عامة، هاجم الفلسطينيون المؤتمر بشراسة بشكل يناقض مصالحهم. وخلال الأيام الأخيرة قامت السلطة الفلسطينية باعتقال رجل أعمال فلسطيني ثم أفرجت عنه بعد أن رضخت لضغوط أميركية، والجريمة الوحيدة التي ارتكبها كانت مشاركته في مؤتمر اقتصادي يهدف إلى تعزيز الاقتصاد الفلسطيني. هناك شيء واحد يبرز من هذا هو أن الفلسطينيين مصممون على مواصلة الصراع مهما يكن الثمن بما في ذلك ثمن رفاهية الفلسطينيين أنفسهم. إن من يريد السلام لا يتصرف هكذا. ونحن خلافاً لهم نواصل العمل على تعزيز علاقاتنا مع العالم العربي".
شارك سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل ديفيد فريدمان والموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات أمس (الأحد) في مراسم تدشين "ديرخ عولي هريغيل" ["طريق الحجاج"] التي نظمتها حركة "إلعاد" الاستيطانية في بلدة سلوان في القدس الشرقية.
كما حضر المراسم عدد من الوزراء وأعضاء الكنيست من الليكود وأحزاب اليمين.
ويمتد هذا الطريق بين بركة سلوان وباحة الحرم القدسي الشريف وحائط المبكى. واستمرت عملية حفره 6 سنوات بالتعاون بين جمعية "إلعاد" وسلطة الآثار والطبيعة والحدائق تحت شوارع ومنازل حي وادي حلوة في سلوان.
وقال السفير فريدمان خلال المراسم إن تدشين هذا الطريق يشكل الرد المناسب لكل من انتقد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ونظمت مجموعة من ناشطي حركة "السلام الآن" تظاهرة بالقرب من المكان احتجاجاً على افتتاح الطريق. وقال أحد هؤلاء الناشطين إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وإدارة الرئيس ترامب يحتضنان الفئات الأكثر تطرفاً في صفوف المستوطنين ويعملان بذلك على إحباط فرص تحقيق السلام.
واستنكرت السلطة الفلسطينية تدشين الطريق ومشاركة فريدمان وغرينبلات فيه، وأكدت أن هذه المشاركة تنطوي على دعم لعمليات تهويد القدس وتشكل عملاً عدائياً، وأشارت إلى أن الدبلوماسيين في الإدارات الأميركية السابقة امتنعوا من الوصول إلى القدس الشرقية بمرافقة مسؤولين إسرائيليين رسميين.
وفي عمّان استنكرت وزارة الخارجية الأردنية تدشين الطريق الذي يمر تحت منازل سلوان.
وقال الخبير في المكانة السياسية لمدينة القدس المحامي داني زايدمان لصحيفة "هآرتس" إن تضامن طاقم ترامب مع اليمين الأيديولوجي الإنجيلي في إسرائيل غير جديد وغير مفاجئ. وأضاف أنه في الماضي زار دبلوماسيون أميركيون "طريق الحجاج" لكنهم فعلوا هذا سراً من دون علم مسؤولين رسميين في الولايات المتحدة وإسرائيل.
قال عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" إنه لا يوجد أي فرق بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس تحالف "أزرق أبيض" عضو الكنيست بني غانتس.
وأضاف ليبرمان في سياق مقابلة أجرتها معه إذاعة "كان" [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] أمس (الأحد)، أنه من ناحيته في وسع نتنياهو أو غانتس أن يكون رئيساً للحكومة للمقبلة، لكنه في الوقت عينه شدّد على أن إسرائيل بحاجة إلى حكومة طوارئ قومية موسعة حتى تنجح في الخروج من الوحل سواء على المستوى الاقتصادي أو على المستوى الأمني.
وأشار ليبرمان إلى أنه يسعى في الانتخابات القريبة التي ستجري يوم 17 أيلول/سبتمبر المقبل لأن يصبح "إسرائيل بيتنا" الحزب الثالث ويفرض على الليكود و"أزرق أبيض" تأليف حكومة موسعة والحؤول دون إقامة ائتلاف مع أحزاب اليهود الحريديم [المتشددون دينياً] لتأليف حكومة شريعة.
ووصف ليبرمان وزراء الحكومة الإسرائيلية بأنهم حمقى لأنهم رضخوا لحركة "حماس" في اتفاق التهدئة الأخير، وقال إن سكان المستوطنات المحيطة بقطاع غزة تحولوا من سكان منطقة ذات أولوية وطنية إلى سكان منطقة تجاهل وطنية. وأشار إلى أن حركة "حماس" نجحت في إقناع الفلسطينيين بأن الطريق الوحيد للتوصل إلى تهدئة مع إسرائيل هو من خلال القوة.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية إن الشرطة واصلت أمس (الأحد) حملة الاعتقالات في بلدة العيسوية في القدس الشرقية، وذلك على خلفية مواجهات اندلعت الليلة قبل الماضية في شعفاط وعدة مناطق في القدس الشرقية تم خلالها استهداف القطار الخفيف ومحطته في شعفاط بالحجارة والزجاجات الحارقة، كما اندلعت مواجهات متفرقة في أحياء البلدة القديمة وبلدة سلوان.
وأضاف البيان أن أغلبية المعتقلين من بلدة العيسوية هم من أقارب الشاب محمد سمير عبيد الذي قُتل بنيران الشرطة الإسرائيلية مساء يوم الخميس الفائت خلال مواجهات في البلدة ولا تزال الشرطة ترفض تسليم جثمانه إلى ذويه.
أفرجت الشرطة الإسرائيلية ظهر أمس (الأحد) عن وزير شؤون القدس لدى السلطة الفلسطينية فادي الهدمي بعد أن اعتقلته للتحقيق معه.
وذكرت مصادر فلسطينية أن الشرطة الإسرائيلية داهمت منزل الهدمي في حي الصوانة فجر أمس وقامت بتفتيشه واقتادته إلى مركز شرطة المسكوبية للتحقيق معه.
وأضافت هذه المصادر أن الاعتقال جاء بحجة مخالفة الهدمي السيادة الإسرائيلية في مدينة القدس الأسبوع الفائت، وخصوصاً على خلفية مرافقته رئيس تشيلي خلال قيامه بزيارة إلى الحرم القدسي.
قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن 50 فلسطينياً، بينهم 8 مسعفين وصحافي، أصيبوا برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مواجهات اندلعت في إطار تظاهرات الجمعة الـ64 من "مسيرات العودة وكسر الحصار" التي جرت في منطقة الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل أول أمس (الجمعة) تحت شعار "فليسقط مؤتمر البحرين".
وأشارت الوزارة إلى أن آلاف الفلسطينيين لبّوا دعوة "الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار" إلى المشاركة الفعالة في جمعة "فليسقط مؤتمر البحرين" في مخيمات العودة، رفضاً لكل المشاريع التصفوية، وفي مقدمها "صفقة القرن" و"مؤتمر البحرين"، ولمواجهة كل المخططات الإسرائيلية والإدارة الأميركية التي تستهدف الأرض والشعب الفلسطيني ورفضاً لكل أوجه الاستيطان ومحاربة تهويد الضفة الغربية.
وأفادت مصادر فلسطينية أن قوات الجيش الإسرائيلي أطلقت قنابل الغاز في اتجاه المتظاهرين مع بداية انطلاق المسيرات.
على صعيد آخر قالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن الأراضي الإسرائيلية القريبة من منطقة الحدود مع القطاع شهدت أول أمس اندلاع 14 حريقاً على الأقل جرّاء البالونات الحارقة التي يتم إطلاقها من القطاع. وجاء ذلك بعد أن أكدت إسرائيل وحركة "حماس" أنهما توصلتا إلى اتفاق بوساطة مصر والأمم المتحدة يُنهي العنف على الحدود من كلا الجانبين.
وأعلنت مصادر فلسطينية أن إسرائيل سمحت أول أمس باستئناف دخول شحنات الوقود إلى غزة ووسّعت مجدداً مساحة صيد السمك قبالة شواطئ القطاع في مقابل استمرار التهدئة على الحدود. وأضافت هذه المصادر نفسها أن "حماس" أمرت بإيقاف إطلاق البالونات الحارقة والمفخخة من غزة إلى إسرائيل، وأمرت بضبط النفس في "مسيرات العودة"، وبعدم الاقتراب من الحدود، وعدم إلقاء المتفجرات في اتجاه الجنود الإسرائيليين. ووعدت إسرائيل في المقابل بعدم إطلاق النار على المتظاهرين الفلسطينيين في منطقة الحدود، وعدم إطلاق الغاز المسيل للدموع عليهم مباشرة. وبلّغت إسرائيل الفلسطينيين بأنها ستفتح معبر "كيرم شالوم" [كرم أبو سالم].
وأوضح مصدر في الأمم المتحدة رفض الكشف عن هويته أنه تم الاتفاق على وقف فوري لإطلاق الأجسام الحارقة وغيرها من أعمال العنف، وأشار إلى أن إسرائيل ستسمح مجدداً بإدخال الوقود إلى محطة إنتاج الطاقة الكهربائية في غزة، وبإعادة قوارب الصيد المُصادرة، وبتوسيع مساحة منطقة صيد السمك إلى 15 ميلاً بحرياً.
- الاحتفال الذي جرى في الأمس في نفق يقع تحت الشارع الرئيسي في سلوان كان قبل بضع سنوات يُعتبر مستحيلاً. فقد شارك دبلوماسيان رفيعا المستوى في الإدارة الأميركية، موفد البيت الأبيض إلى الشرق الأوسط جايسون غرينبلات، والسفير الأميركي ديفيد فريدمان، إلى جانب أعضاء في الكنيست، وزوجة رئيس الحكومة ومسؤولين إسرائيليين كبار في حفل تدشين "طريق الحجاج" – نفق قامت بحفره الجمعية اليمينية الاستيطانية "إلعاد" بمساعدة متحمسة من الدولة.
- النفق الذي، بحسب إلعاد، كشف طريقاً يعود إلى فترة الهيكل الثاني كان يسلكه الحجاج من بركة سلوان إلى جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف]، هو مشروع مركزي بالنسبة إلى الجمعية في إطار جهودها لتهويد سلوان وجوارها من خلال استخدام علم الآثار والسياحة. وعند فتح النفق أمام الجمهور الواسع، الذي سيجري بعد بضعة أشهر، على ما يبدو، من المنتظر أن يتحول إلى موقع سياحي مركزي.
- إن مشاركة دبلوماسيين أميركيين في مناسبة تقيمها جمعية يمينية في القدس الشرقية هي اعتراف واقعي (de-facto) بالسيادة الإسرائيلية على الحوض التاريخي في القدس. لقد أوضح السفير فريدمان، لمن لا تزال لديه شكوك، في "الجيروزالم بوست" أن "مدينة داود هي مكون حيوي في التراث القومي لدولة إسرائيل. وإعادة مدينة داود تشبه استعادة أميركا تمثال الحرية". خلال المناسبة نفسها أضاف فريدمان "هذا الموقع هو موقع تراثي بالنسبة إلى الولايات المتحدة مثلما هو موقع تراثي بالنسبة إلى إسرائيل".
- هذا الاعتراف لا يضع الإدارة الأميركية في جهة اليمين المتشدد من الخريطة السياسية الإسرائيلية – ويسحب البساط من تحت الادعاء أن الوساطة الأميركية نزيهة وليست منحازة إلى طرف معين - فحسب، بل أيضاً يتجاهل تماماً الواقع المعقد في سلوان في القدس الشرقية وفي المنطقة كلها. والنفق الذي حُفر بوسائل علمية مثيرة للجدل، يضع علم الآثار في خدمة السياسة ويتجاهل الفروق الدقيقة للماضي السابق للقدس.
- بيْد أن المشكلة الأساسية للنفق هي أن الهدف من حفره تحت الشارع هو تجاهُل ما يجري فوق الشارع. ففي سلوان وحدها يعيش 20 ألف فلسطيني، من دون جنسية ومن دون حقوق، ويشعرون عن حق، بأن المشروع الأركيولوجي يهدف إلى طردهم من حيّهم. وحول سلون يعيش 300 ألف فلسطيني من سكان المدينة أيضاً من دون حقوق.
إن كل من يعرف ولو معرفة سطحية الشعب الفلسطيني يدرك أن لا أمل بالتوصل إلى أي تسوية تنهي الاحتلال مع استمرار سيطرة إسرائيل على القدس الشرقية وجبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف]. هكذا، بحماقة وفي حفل واحد يقطر عسلاً وابتسامات، حكمت إدارة ترامب على سكان إسرائيل بالعيش في نزاع دائم أو في دولة أبرتهايد، يعيش فيها نوعان من السكان، من لديهم حقوق ومن لا حقوق لهم.
- الروس هم الذين بادروا إلى الاجتماع الذي انعقد أمس بين مستشاري الأمن القومي في كل من الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل. الرئيس فلاديمير بوتين هو الذي اقترح على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عقد هذا الاجتماع غير المسبوق خلال زيارة نتنياهو إلى موسكو في مطلع نيسان/أبريل للتعبير عن شكره على العثور على جثمان زكريا باوميل وإعادته لدفنه في إسرائيل. بالنسبة إلى نتنياهو كانت هذه مناسبة ذهبية لتوثيق العلاقات مع الكرملين، وفي الأساس كي يُظهر عشية الانتخابات قدراته ومؤهلاته كسياسي على الصعيد الدولي.
- بوتين رأى في اجتماعه مع رئيس حكومة إسرائيل فرصة مهمة لتسخير نتنياهو وعلاقاته الجيدة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لمصلحة جهود المبادرة الروسية من أجل تسوية تنهي الحرب الأهلية في سورية وتحقق سيطرة بشار الأسد على كامل أراضي بلده.
- لم تعد الحرب السورية تحتل العناوين الأولى في وسائل الإعلام الدولية، لكنها مستمرة ودموية، وما دام الأسد لا يسيطر على الدولة كلها، فإن روسيا مضطرة إلى مساعدته ومساعدة جيشه وذلك على حساب الخزينة الروسية التي تعاني مصاعب لا بأس لها. عموماً– لا يسيطر الأسد على منطقة إدلب التي يتحصن فيها الجهاديون السنّة القريبون من القاعدة، وعلى المنطقة الواقعة شرقي نهر الفرات.
- ما يزعج الكرملين هو عدم قدرة روسيا على السيطرة الاستراتيجية في سورية وتحقيق الأرباح الاقتصادية من إعادة إعمار الدولة المدمرة (حقوق استغلال النفط، والفوسفات وإعادة إعمار البنية التحتية للمياه، والكهرباء والمساكن).
- حالياً تجري عمليتان للتسوية في سورية: الأولى في جنيف برعاية الأمم المتحدة، تشارك فيها دول أوروبية وعربية وآسيوية وطبعاً الولايات المتحدة؛ والأُخرى في أستانة في كازاخستان، التي بادرت إليها روسيا وتقودها وتشارك فيها إيران وسورية من دون الولايات المتحدة. والعمليتان مجمدتان لأسباب كثيرة متعددة ولا أمل بأن تثمرا نتائج، لذلك بادرت روسيا إلى إطلاق مبادرة ثالثة - تلتف على طاولات المفاوضات - تحاول من خلالها التوصل إلى النتيجة التي ترغبها. ومن المفترض أن يحدث ذلك بطريقة زاحفة- التوصل إلى اتفاقات مناطقية جزئية مع كل الأطراف المحلية والخارجية التي تربطها علاقة بالقتال في سورية، إلى أن يتمكن الأسد من بسط سيطرته على سورية كلها.
- تسيطر الولايات المتحدة على شرق سورية وشمال شرقها - شرقي نهر الفرات - بواسطة نحو 400 جندي تحتفط بهم هناك، وفي الأساس من خلال القوات الكردية والعربية الموالية لها (قوات الدفاع السورية). هذه القوات المشتركة هزمت داعش لكنها لا تزال تقاتل لمنع استعادة بقايا داعش قوتها في المنطقة ومن أجل إلحاق الهزيمة بها. يتطلع الأسد والروس إلى هذه المنطقة التي تشكل ربع مساحة سورية، وتوجد فيها حقول النفط والفوسفات.
- ثمة مشكلة إضافية سيضطر الروس إلى التغلب عليها هي مَن سيدفع ثمن إعادة إعمار سورية التي تريد روسيا الاستفادة منها. لقد سبق أن أعلن ترامب أنه غير مستعد للدفع، السعوديون مستعدون للدفع- لكنهم لن يفعلوا ذلك من دون موافقة الولايات المتحدة على قبول سيطرة الأسد بحماية روسية، وكذلك دول أُخرى.
- بالنسبة إلينا، لا تستطيع إسرائيل مساعدة الروس على التوصل إلى تسوية في سورية إلّا بطريقة غير مباشرة. وذلك من خلال الموافقة الصامتة على بسط الأسد سيادته على جنوب سورية وهضبة الجولان السورية، ومن خلال الامتناع بقدر الممكن من شن هجمات على منشآت ومشاريع عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني.
- تواصل القوات التابعة للحرس الثوري محاولة التمركز في سورية لإقامة جبهة ضد إسرائيل بالإضافة إلى الجبهة التي يقيمها حزب الله في لبنان. الهجمات الإسرائيلية والردود عليها من جانب الإيرانيين وجيش الأسد، من المحتمل في تقدير الروس أن تؤدي إلى نشوب حرب بين إسرائيل وسورية تنهي كل مساعي التسوية التي يعملون عليها.
- يوافق نتنياهو والمؤسسة الأمنية من حيث المبدأ على مطالب الروس لكنهما يطالبان في مقابل الامتناع من التدخل عسكرياً بأن يُخرج الروس الإيرانيين والتنظيمات الدائرة في فلكهم من سورية، وألّا يستفز الأسد إسرائيل.
- ليست هذه نهاية طلبات بوتين. تملك إسرائيل رصيداً آخر يريد الروس استغلاله، وهو نفوذ نتنياهو لدى ترامب. يأمل بوتين ليس فقط بأن يعطي الأميركيون ضوءاً أخضر للسعوديين لتمويل إعادة إعمار سورية، بل هو يريد أيضاً أن يسحب ترامب قواته من شرق الفرات والسماح للأسد باستعادة المنطقة، وأيضاً الجيب الصغير في منطقة التنف، بالقرب من مثلث الحدود مع العراق والأردن وسورية الذي يحتفظ فيه الأميركيون والبريطانيون بقاعدة جوية هي بمثابة شوكة في حلق السوريين والإيرانيين، على الطريق الأساسي من العراق إلى دمشق ولبنان.
- بحسب التقديرات والمؤشرات التي تجمعت في القدس، يعتقد بوتين أن نتنياهو قادر على إقناع ترامب بقبول صفقة يستفيد منها كل الأطراف. لقد اقترح بوتين اجتماع المستشارين الأمنيين لروسيا وإسرائيل والولايات المتحدة للتوصل إلى صيغة حل جزئي هذه هي مكوناته الأساسية:
- تعترف الولايات المتحدة بشرعية نظام الأسد، وتخلي مواقعها في سورية وتسمح للسعوديين بتمويل إعادة إعمار سورية والمشاركة فيها. وربما تشارك في ذلك هي بنفسها، وبذلك تضع حداً للحرب، ولموجات اللاجئين التي تتوجه إلى أوروبا وشتى أنحاء العالم. يدير جيش الأسد وسلاح الجو الروسي الحرب ضد داعش والمتطرفين الإسلاميين في المنطقة التي ستخليها الولايات المتحدة ويحلان محلها ومحل قوات قسد.
- تبدي إسرائيل ضبطاً للنفس وتمتنع من الهجوم على مواقع إيرانية عسكرية في سورية، ما دامت لا تشكل خطراً مباشراً عليها ولا تقع بالقرب من الحدود. في المقابل تتعهد روسيا بإبعاد الإيرانيين إلى شمال سورية وبمنع الوجود الإيراني أو وجود الميليشيات الشيعية وحزب الله العاملين تحت إمرة الإيرانيين إلى مسافة 100 كيلومتر على الأقل شرقي الحدود في الجولان، وبعدم وجود إيران والتنظيمات الدائرة في فلكها في منطقة دمشق أيضاً، وتتعهد الشرطة العسكرية الروسية بتنفيذ ذلك.
- كيف ينوي الروس أن يضمنوا قيام الإيرانيين بدورهم في الصفقة؟ الروس يسيطرون على سورية، ولقد أثبتوا أنهم عندما يريدون إبعاد الإيرانيين هم قادرون على ذلك- كما فعلوا في مطار دمشق وفي أماكن أُخرى. الإيرانيون هم أيضاً يريدون أن يربحوا من إعادة إعمار سورية، وأن يقيموا لأنفسهم مواقع استراتيجية-عسكرية مثل الروس. لذلك يوجد اليوم سباق اقتصادي وعسكري شديد بين الروس والإيرانيين في سورية.
في موازاة ذلك، في الساحة الدولية تساعد روسيا إيران على الالتفاف على العقوبات الأميركية وتبيعها سلاحاً. وبوتين يربح جيداً على المستويين، وكذلك من وقوفه في وجه الأميركيين. لذلك لا مصلحة له في تحطيم الأواني مع الإيرانيين. لكن الروس يعتقدون أنهم يستطيعون أن يسيروا على حبل دقيق في سورية وتحقيق التفاهمات التي بحثها بولتون، وبتروشوف وبن مئير اليوم في القدس.
في هذه الأثناء، لا تزال نتائج الاجتماع غير معروفة، ويمكن الافتراض أن الأميركيين لن يسارعوا إلى الموافقة - كي لا يسمحوا للإيرانيين بإقامة ممر بري من طهران إلى لبنان.