مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
التقى وزير الطاقة يوفال شتاينتس يوم الخميس في القاهرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هامش مشاركته في منتدى الغاز الطبيعي في القاهرة، والذي حضره أيضاً وزراء الطاقة من المنطقة. ومما قاله شتاينتس للسيسي إنه يجب على العالم كله أن يقدّر المساهمة الضخمة التي يقوم بها الرئيس المصري من أجل الاستقرار في مصر، وأهمية ذلك بالنسبة إلى الاستقرار في المنطقة.
كما التقى شتاينتس وزير الطاقة المصري وبحث معه مبادرات للتعاون مع استكمال تدفق الغاز من إسرائيل إلى مصر. وبحث الوزيران إمكان تركيب أنابيب أُخرى من أجل نقل الغاز الطبيعي بين الدولتين، وسبل التعاون في تصدير الغاز إلى الشرق الأقصى، والخطوات المقبلة من أجل الدفع قدماً بالمنتدى الإقليمي الذي أنشىء بمبادرة من وزير الطاقة في مصر وإسرائيل.
كما التقى وزير الطاقة بوزيري الطاقة في اليونان وقبرص. وقبل الاجتماع التقى وزراء الطاقة في مصر والولايات المتحدة وإسرائيل، وقاموا بجولة في منطقة الأهرامات.
قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في اجتماع طارىء عقدته القيادة الفلسطينية في رام الله يوم أمس في أعقاب هدم الشرطة الإسرائيلية عدداً من المنازل في وادي الحمص في القدس: " ما جرى في وادي الحمص هو تطهير إثني. الفلسطينيون لن يقبلوا طرد عائلات وهدم منازلها. بدءاً من يوم الجمعة سنبدأ في اتخاذ خطوات حقيقية ضد إسرائيل وسنقطع كل علاقتنا بها". وأعلن تشكيل لجنة مهمتها تطبيق هذا القرار.
تقع منطقة وادي الحمص بحسب الاتفاق الموقت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تحت السيطرة المدنية للسلطة الفلسطينية، لكنها خاضعة أمنياً لإسرائيل. كما أنها موجودة في الجانب الإسرائيلي من جدار الفصل. وكانت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قد قررت هدم المنازل هناك بسبب الخطر الأمني الذي تشكله نظراً إلى قربها من جدار الفصل. في 11/6/2018 وافقت محكمة العدل العليا على قرار الدولة، ورأت أنه لا يوجد سبب يمنع هدم 13 مبنى شُيدوا بصورة غير قانونية.
وعلّق وزير الاقتصاد والتجارة وعضو الطاقم الوزاري الأمني - السياسي إيلي كوهين على كلام أبو مازن قائلاً: "أبو مازن يهدد بالتوقف عن تطبيق الاتفاقات الموقّعة مع إسرائيل. جيد. ماذا يريد أن يفعل اعتباراً من الآن؟ هل سيجدد التحريض على إسرائيل في المدارس؟ وهل سيدفع الرواتب لأهالي المخربين؟ هذا ما يجري الآن. فعلياً أبو مازن لم يعمل قط بحسب الاتفاقات مع إسرائيل، في استطاعة أبو مازن أن يهدد، لكن الفلسطينيين هم الذين سيدفعون الثمن".
من جهتها ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" (25/7/2019) أن القيادة الفلسطينية سبق أن اتخذت قرارات مماثلة عدة مرات في السنوات الأخيرة لكنها ظلت حبراً على ورق ولم تطبّق. وذكرت مصادر فلسطينية للصحيفة أنه في تقديرهم هذه المرة أيضاً أن شبكة العلاقات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل لن تتغير.
قال زعيم حزب العمل عمير بيريتس في أحاديث مغلقة إن المعسكر الديمقراطي الذي يجمع بين حركة ميرتس وحزب إيهود باراك وستيف شافير هو موضة موقتة. وأضاف أنه عندما سيبدأ حزب العمل حملتة الانتخابية التي تحمل رسائل اجتماعية موجهة إلى الضواحي، سيبدأ تدفق الأصوات من هناك ومن الجمهور العربي، والدرزي. وبالاستناد إلى كلامه في إمكان حزب العمل بواسطة المقعدين اللذين سيحصل عليهما من حزب كلنا [الذي أعلن رئيسه موشيه كحلون انضمامه إلى الليكود] إيجاد كتلة حاسمة من دون أفيغدور ليبرمان.
وأضاف: "لن انضم إلى ميرتس وباراك، لأنهما مساران مختلفان. إذا انضممت الآن إلى المعسكر الديمقراطي أكون قد قمت بعمل خطأ لا يساعد في استبدال نتنياهو. إن المقاعد التي سيحصل عليها المعسكر الديمقراطي ستأتي من حزب أزرق أبيض، وهذه لعبة خاسرة. الطريق التي يسير فيها الحزب ستساعدنا على الحصول على مقاعد من يمين الخريطة السياسية."
ومن المعلوم أن حزب العمل قد شهد مؤخراً انسحاب شيلي يحيموفيتس من الحياة السياسية بالإضافة إلى استقالة كل من آفي غباي، وطال روسو، وأخيراً استقالة ستيف شافير وانضمامها إلى المعسكر الديمقراطي.
أظهر استطلاع أجرته الصحيفة مع الموقع الإخباري أي - 24 أن الليكود لا يزال الحزب الأكبر مع 31 مقعداًـ يليه حزب أزرق أبيض مع 30 مقعداً. بينما حصل المعسكر الديمقراطي على 9 مقاعد. أمّا الحزب الذي دفع ثمن الاندماج بين أحزاب اليسار فهو حزب العمل - غيشر الذي تراجع إلى 5 مقاعد. وحافظ حزب إسرائيل بيتنا برئاسة ليبرمان على موقعه وحصل على 7 مقاعد، وحصل حزب اليمين الجديد برئاسة أييليت شاكيد على 6 مقاعد، واتحاد أحزاب اليمين برئاسة الحاخام رافي بيرتس وبتسلئيل سموتريتس حصل على 6 مقاعد. وحصل حزب يهدوت هتوراه على 7 مقاعد وكذلك حزب شاس. وإذا توحدت الأحزاب العربية في قائمة مشتركة فإنها ستحصل على 12 مقعداً.
من حيث توزيع الكتل، ستحصل كتلة اليمين من دون ليبرمان بحسب الاستطلاع على 57 مقعداً وكتلة اليسار على 56 مقعداً.
الإيرانيون واثقون بأنهم في اللحظة التي سيبدون فيها مرونة ما، سيسارع الغرب إلى منحهم اتفاقاً جديداً ويجدون صعوبة في إدراك مغزى تبديل الأشخاص في قيادة الدول العظمى
- تشكل سلسلة الأحداث الأخيرة المتعاقبة، بما فيها الهجمات الغامضة في سورية والعراق، وما كشف عنه السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة، داني دانون، بشأن عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية، بالإضافة إلى التسخين العسكري حول مضيق هرمز، جزءاً من المعركة الشاملة ضد إيران. الخناق يضيق أكثر فأكثر باستمرار حول الملالي، ويبدو أننا موجودون في مسار تصعيدي متتابع.
- انتخاب بوريس جونسون لمنصب رئيس الحكومة البريطانية هو بمثابة رسالة واضحة - بريطانيا تتجه نحو الانفصال، مهما يكن الثمن. جونسون يذكّر كثيراً بترامب، وليس بتسريحة الشعر فقط. هذان الزعيمان هما رد فعل مضاد، بمثابة ردة فعل جماهيرية على القادة السابقين في الولايات المتحدة الذين امتازوا بـ"الشحوب الزائد" في القضايا الداخلية، وأكثر منه أيضاً في القضايا الخارجية.
- الآن، وبينما يزداد الوضع في الخليج الفارسي التهاباً، تبدو الصورة الاستخباراتية أكثر وضوحاً من أي وقت مضى - الأذرع الإيرانية تواصل العمل ضد أرصدة غربية بشكل مكثف، إلى جانب الاستمرار في تعزيز قوة "حزب الله" في لبنان، والميليشيات الشيعية في سورية، والحوثيين في اليمن وغيرها.
- تجد إسرائيل نفسها في قلب سيرورة التصعيد هذه بصورة طبيعية كمتأثرة، لكن ليس أقل، كمؤثرة. ما كشف عنه السفير في الأمم المتحدة والهجمات المنسوبة إلى إسرائيل، مع تصريحات رئيس الحكومة نتنياهو ـ أمور كلها تشير إلى أن إسرائيل أكثر بكثير من مجرد شريك آخر في الحرب ضد إيران والقوى المرتبطة بها.
- في ظل العقوبات الصارمة حالياً والتصعيد القادم بالتأكيد، تكون الطابة قد وُضعت في ملعب الإيرانيين، وهم أيضاً يصعِّدون - سواء بالتصريحات أو بالأعمال الميدانية. إيران تلعب لعبة في مقابل الغرب، تقوم على الافتراض بأن ما كان في الماضي هو ما سيكون الآن أيضاً - الغرب هو الذي سيستسلم أولاً. يدرك خامنئي أن الغرب سيبذل كل ما في وسعه لتجنب القتال في حرب جديدة، لكن مع ذلك، يبقى لغز ترامب ـ ماذا سيفعل؟ ترامب معروف بأنه شخص غير متوقع، حتى في نظر الإيرانيين الذين، كما يبدو، يختبرون الأمور ميدانياً لفحص مدى ضبط النفس.
- يعلم الإيرانيون أنهم يستطيعون إبداء علامات مرونة ما في أية نقطة زمنية، وأن الغرب سيقفز على ذلك على الفور بحماسة شديدة كأنما عثر على صيد ثمين، دافعاً نحو اتفاق جديد يعود فيه كل شيء إلى البداية ليبدأ من جديد. لذلك، يمكن الافتراض أن الوضع في الخليج وتداعياته وانعكاساته على محيطنا سائر نحو التصعيد المتواصل، حتى النقطة التي يفهم فيها الإيرانيون أن ثمن استمرار التصعيد سيكون خسارة. طالما لم يضع الغرب النظام الإيراني في مرماه بصورة فعلية، سيفهم الإيرانيون أنهم هناك، في الغرب، كعادتهم، ليسوا جديين. في الغرب لا يريدون الحرب، ولهذا سوف نرى مزيداً من سقوط طائرات أميركية من دون طيار، ومزيداً من "المضايقات" هنا وهناك ضد قطع بحرية، وكذلك عمليات استفزازية تحرشية مشابهة.
- ما هو الخط الأحمر الإيراني؟ من الأمور المعروفة أن الأمر الأهم بالنسبة إلى نظام الملالي هو بقاء الثورة الإسلامية. ولهذا، في اللحظة التي يوقن فيها الإيرانيون أن هذا البقاء معرض للخطر، سينسحبون إلى الوراء. وأكثر من هذا: الإيرانيون محنّكون ومراوغون - يعرفون أن ترامب سيكون رئيساً للولايات المتحدة بضع سنوات أُخرى، ومن جهتهم ليس لديهم أية مشكلة في الانكفاء التكتيكي خطوة واحدة إلى الوراء، ولو من أجل اجتياز فترة ترامب.
- هذا التكتيك المتمثل في التراجع نصف خطوة إلى الخلف مع رؤية واضحة لما هو آت مستقبلاً هو تكتيك منطقي جداً من وجهة نظر إيران. إنهم صبورون وفي اللحظة التي يعثرون فيها على نقطة "الخروج" ويسعون لاتفاق يضمن لهم كرامتهم واحترامهم، فمن المنطقي أن يكون هذا ما سيحاولون تحقيقه. أمّا إذا لم تتوفر نقطة خروج كهذه، فسيكون طموحهم عدم تجاوز خط التصرف غير المحتمل. ولهذا، سيكون الإيرانيون حذرين جداً في تصرفاتهم التي ستكون محسوبة بدقة فائقة.
- وفوق هذا كله، يجدر أن نتذكر أيضاً أن ليس كل شيء قابلاً للسيطرة والتحكم. حتى لو كنت تخطط وتقصد تحقيق شيء ما وتمتلك استراتيجيا محكمة وتكتيكات مناسبة لتنفيذه، قد تفلت الأمور من بين يديك. اللعبة التي يلعبها الإيرانيون هي لعبة خطِرة - منذ اللحظة التي تدخل فيها قوات عسكرية إلى الصورة ويبدأ احتكاك جوي، بحري أو برّي، قد يكون التدهور سريعاً، وبالتأكيد حين يكون من يقف قبالتك جونسون، وترامب وكذلك نتنياهو.
منذ سنة 1967، تدفع إسرائيل بسكان الأحياء الفلسطينية في القدس إلى البناء من دون تراخيص: فهي تصادر الأراضي لمصلحة المستوطنات، تقرّ القليل فقط من خطط البناء وتشجعهم فعلياً على المغادرة. والتصريح الذي أصدرته "محكمة العدل العليا" هذا الأسبوع لهدم المباني في صور باهر لم يكن سوى مسمار آخر فقط.
- الطرق المؤدية إلى وادي الحمص ضيقة كلها، وعرة، مليئة بالحُفر وشديدة الانحدار إلى درجة تقبض الأنفاس وتضطرك إلى السفر ببطء شديد. الشوارع الضيقة محاصرة بمبانٍ مزدحمة جداً، غير متجانسة الطراز والجودة والمظهر الخارجي. هنا وهناك، تبرز بعض البيوت الحجرية القديمة التي لم تفقد رونقها على الرغم من الإضافات المتعجلة لبعض الغرف أو لطبقة كاملة. في غياب الأرصفة، يسير الناس بين السيارات، المتوقفة والمسافرة. الازدحام المعماري في قرية صور باهر هو خلفية بصرية ضرورية لفهم عمليات الهدم التي حدثت هذا الأسبوع في الحي الواقع عند طرفها الجنوبي الشرقي.
- يعني اسم صور باهر السور العظيم أو السر العظيم (إشارة إلى لقاء سري عُقد في القرية، بحسب إحدى الروايات، وخلاله خطّط الخليفة عمر بن الخطاب لاقتحامه القدس في سنة 637). وترِد، في بعض الدراسات المتعلقة بالقرية، فرضيات بشأن التحولات التي طرأت على الاسم من حقب تاريخية أقدم بكثير. لكن الاسم في صيغته المعروفة اليوم ذُكر لأول مرة في الإحصاء السكاني العثماني من سنة 1596، حين كانت تقيم في القرية 29 عائلة كانت تعمل في الزراعة وتربية الأبقار. كانت تلك العائلات تسكن في مغاور طبيعية، وحين كبرت واتسعت بدأت ببناء بيوت حول باحات عائلية. خلال تلك الفترة كلها، واصل السكان العمل في الزراعة ورعي المواشي في المنطقة الواسعة، من دون حدود، ما بين القدس وبيت لحم. هذا التاريخ، بإيجاز شديد، ضروري لفهم مدى عمق الإهانة الناجمة عن التراكب المعماري.
- عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية في سنة 1967، كان عدد أحفاد العائلات الأصلية في القرية 4.700. أمّا اليوم، فيبلغ عدد السكان في القرية التي تحولت إلى "حي" قرابة 24 ألفاً (بمن فيهم سكان قرية أم طوبا المجاورة وحي آخر أقامه أبناء عشيرة العُبيدية قبل مئة عام).
- الكثافة غير المحتملة، البارزة جداً، ليست وليدة الصدف، بل ثمرة سياسات إسرائيلية، في صور باهر كما في القرى الفلسطينية الأُخرى التي قامت إسرائيل بضمها إلى القدس. وحتى لو كان التبرير لعمليات الهدم هذا الأسبوع مختلفاً عمّا هو معتاد، إلّا إنها تشكل حلقة في سلسلة.
- لم يكن قِدم صور باهر ولا الازدحام المقصود فيها بين الأمور التي التفت إليها واهتم بها قضاة "محكمة العدل العليا"، ميني مزوز، عوزي فوغلمان ويتسحاق عميت، حين أقرّوا هدم المباني السكنية في احتياطي الأرض الوحيد الذي تبقى للقرية. قرابة 6.000 إنسان يسكنون في وادي الحمص، بعضهم في مبان سكنية متعددة الطبقات، ملاصقة للجدار العازل. يوم أمس الأول، كان في الإمكان تحسس الخوف الذي استبد بسكان تلك المباني، تحسباً من إقدام إسرائيل على هدم بيوتهم هم أيضاً. توفر الدراسات والتقارير الصادرة عن مؤسسات متعددة، بينها معهد القدس لدراسة إسرائيل، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وغيرهما، المعطيات والحقائق الواردة هنا وتوضح كيف تم تعبيد الطريق إلى ذلك الخوف الحقيقي.
- عشية احتلال القرية في سنة 1967، تراوحت مساحتها بين 9.000 و10.000 دونم. وتذكر المصادر المتعددة أرقاماً مختلفة قليلاً. تم ضم الجزء الأكبر من مساحة القرية إلى القدس وإدخاله ضمن حدود العاصمة وبقي نحو 1.500 حتى 2.000 دونم من صور باهر خارج الحدود البلدية، ضمن مناطق "الضفة". لكن الحيز في نظر السكان بقي هو نفسه.
- اتخذت إسرائيل إجراءات تخطيطية متعددة كان لاثنين منها، بصورة خاصة، أثر كبير في السكان: الأول، مصادرة نحو 2.250 دونماً من أراضي القرية في سنة 1970 لغرض إنشاء "أرمون هنتسيف"، "حي"، كما يسميه الإسرائيليون، و"مستوطنة غير قانونية"، كما يسميه الفلسطينيون والقانون الدولي. في أواسط التسعينيات، تمت مصادرة 250 دونماً أُخرى لمصلحة [مستوطنة] "هار حوماه" التي تحصر القرية من الجنوب. هذا ما حدث ليس في صور باهر وحدها فقط: منذ سنة 1967، صادرت إسرائيل نحو 38% من المساحة الفلسطينية التي ضمتها إلى العاصمة، والتي بلغت نحو 70 كيلومتراً مربعاً، لغرض بناء أحياء مزدهرة ومخضرّة لليهود.
- الإجراء الثاني الذي شعر به الناس بصورة جدية كان تقييد البناء في القرى الفلسطينية التي جرى ضمها. فقد أعلنت السلطات مساحات واسعة منها كمناطق مفتوحة يُحظر البناء فيها. في الأُخرى، تم تحديد نسبة متدنية للبناء بغية الحفاظ على "الطابع القروي" - أي، جرى تحديد المساحة المسموح بالبناء عليها من كل قسيمة. وفي المقابل، في الأحياء/ المستوطنات المجاورة، جرى تخطيط وبناء بنايات متعددة الطبقات. هذا الفارق البارز يصرخ بما لا تحاول إسرائيل حتى إخفاءه: إنها تريد المحافظة على أغلبية يهودية في المدينة، بأية وسيلة، وتشجيع هجرة الفلسطينيين منها إلى الخارج. الأدوات الرئيسية التي تعتمدها لهذا الغرض هي انعدام التخطيط، التخطيط الرديء، الإهمال، التمييز، شح أماكن وفرص العمل، عزل الأحياء العربية عن فضائها الطبيعي والهدم. وهي سياسة تستهتر أيضاً بالجذور العميقة المثبتة للسكان الفلسطينيين في أحيائهم / قراهم والرباط الممتد سنوات طويلة جداً إلى القدس.
غرف مزدحمة
- أصدرت جمعيتا "عير عميم" من أجل المساواة في القدس، و"بمكوم" من أجل المساواة في التخطيط، في شباط/فبراير 2017، تقريراً بعنوان "كل شيء مخطط له"، يحلل ضائقة السكن في القدس الفلسطينية. حتى ذلك التاريخ، كانت 8,5% فقط من مساحة القدس الإجمالية (و15% من مساحة القدس الشرقية) معدّة لسكن الفلسطينيين، على الرغم من أن نسبتهم من مجموع سكان العاصمة هي 37%. وحتى في هذه المساحة المقلصة، كان البناء المسموح به محدوداً. لذلك، أصبح عدد الأنفار في الغرفة الواحدة لدى الفلسطينيين أعلى منه بكثير لدى الإسرائيليين. ولذلك، يسكن الأبناء المتزوجون وعائلاتهم مع الوالدين في الشقة ذاتها. ضائقة السكن هذه، ثم التكلفة الباهظة لاستئجار البيوت جرّاء ذلك، هما اللتان دفعتا آلاف الفلسطينيين المقدسيين إلى الانتقال إلى السكن في مناطق قريبة - في الأحياء التي لم يجر ضمها إلى مدينة القدس. وهما أيضاً اللتان أوجدتا الظاهرة الشائعة جداً ـ أشخاص يخاطرون بالبناء من دون تراخيص، على أراضيهم الخاصة.
- تم تجميد الخريطة الهيكلية المحلية لمدينة القدس، التي أُعدّت في سنة 2000 وتمت المصادقة عليها في سنة 2009، بسبب ما تقترحه من إمكانات للتطوير في بعض الأحياء الفلسطينية. ويشير معدّاً تقرير "كل شيء مخطط له" (المهندسة المعمارية إفرات كوهين بار من "بمكوم" وأفيف تاترسكي من "عير عميم") إلى أن كثرة أوامر الهدم، الضائقة التي لا تجد لها حلاً، والاستنتاج بأن البلدية لن تبادر إلى التخطيط لهم - هي عوامل دفعت سكان القدس الشرقية إلى المبادرة لإعداد خرائط هيكلية مفصلة، بأنفسهم وعلى نفقتهم الخاصة. لكن البلدية تماطل في عملية إقرار هذه الخرائط.
- شملت الخرائط الهيكلية المفصلة التي أقرتها البلدية للأحياء/ المستوطنات اليهودية في المدينة منذ بداية سنة 2009 وحتى نهاية سنة 2016، 10.000 وحدة سكنية. أمّا في الأحياء الفلسطينية، فقد أقرت خرائط موضعية تشمل مئات الوحدات السكنية فقط. وكان نصيب الفلسطينيين خلال تلك السنوات نفسها 8% فقط من مجموع تصاريح البناء لشقق سكنية في القدس، هذه أيضاً حقائق لم تُثر اهتمام القضاة الذين أجازوا الهدم هذا الأسبوع.
- بلغ عدد البنايات السكنية التي هدمتها السلطات الإسرائيلية في صور باهر، أو اضطرت أصحابها إلى هدمها، منذ سنة 2009، 69 بناية، بحجة عدم ترخيصها. 46 من تلك البنايات كانت آهلة بالسكان أو في طور البناء، كما أفاد تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، 30 عائلة، 400 إنسان، نصفهم من الأطفال والأولاد دون سن الثامنة عشرة ـ فقدوا السقوف التي كانت تأويهم. خَمس من البنايات التي تم هدمها، كانت خارج حدود القدس، أي في المنطقة المعرّفة بأنها الضفة الغربية: ثلاثة مبان فيما يسمى "منطقة C" واثنان في "منطقة A". هذا الأسبوع، أُضيفت إلى ما سبق عملية الهدم في وادي الحمص والتي شملت عشرة مبانٍ، اثنان منها آهلان بالسكان، إضافة إلى ثلاثة مبان أُخرى في طور البناء، بحجة أنها قريبة من الجدار العازل.
الترانسفير الهادئ
- بدأت أعمال البناء في وادي الحمص حين كانت هذه المنطقة "مجرد" الضفة الغربية ولم تكن قد قُسّمت بعد بصورة اصطناعية إلى منطقة A (مسؤولية إدارية ومسؤولية شرطة فلسطينية)، ومنطقة B (مسؤولية إدارية فقط للسلطة الفلسطينية) ومنطقة C (مسؤولية إدارية إسرائيلية، إضافة إلى السيطرة العسكرية في كامل أنحاء الضفة الغربية). أي، قبل البدء بتطبيق الاتفاقية المرحلية في الضفة الغربية وقبل تثبيت نظام منع الانتقال من الضفة الغربية إلى القدس في آذار/مارس 1993. في إطار الرعب الديموغرافي الإسرائيلي، شرعت وزارة الداخلية الإسرائيلية في نهاية سنة 1995، بقيادة الوزير آنذاك حاييم رامون، في تطبيق السياسة المسماة "الترانسفير الهادئ" - سحب مكانة "مقيم" من السكان الفلسطينيين المقدسيين الذين أقاموا في خارج البلاد أو اضطرهم نقص الشقق السكنية في القدس إلى الانتقال للسكن، بأجرة متدنية وظروف مريحة نسبياً، في الأحياء القريبة من القدس، والتي لم يتم ضمها إليها. هذا هو السبب الذي جعل سكان وادي الحمص يستيقظون ذات يوم ليكتشفوا أنهم لم يعودوا مقدسيين، بل ومعرّضون للاعتقال أيضاً بشبهة الوجود غير القانوني في القدس حين يتوجهون إلى شراء الحليب من البقالة القريبة، على بعد خطوات معدودة عن منازلهم. أثمرت المعركة القضائية التي شنها "المركز لحماية الفرد"، سوية مع التغطية الإعلامية (في صحيفة "هآرتس")، إذ نجحت في إلغاء هذا العبث وإعادة مكانة "مقيم" إلى سكان وادي الحمص. ثم نجحت معركة قضائية أخرى لاحقة، في بداية سنوات الـ2000، في منع فصل الحي بصورة اعتباطية عن الجزء المقدسي. وفي سنة 2005، أقيم الجدار العازل على بعد مئات الأمتار إلى الشرق من الحدود البلدية. وهكذا، أصبح "وادي الحمص"، من ناحية التصنيفات السياسية الاصطناعية التي فرضها الاحتلال والاتفاقيات، منطقة هجينة، على الرغم من كونه جزءاً طبيعياً من قرية صور باهر.
- لكن هذه المنطقة هجينة من الناحية الاجتماعية أيضاً: يقيم بها مقدسيون وسكان من الضفة الغربية (بعضهم متزوج من مقدسيين) ملزمون بتجديد تصاريح وجودهم في بيوتهم كل ستة أشهر، كما يذكّر مركز "بتسيلم". كما يسكن في الحي، أيضاً، أشخاص انتقلوا من أحياء فلسطينية أخرى، بما فيها مخيم "شعفاط" للاجئين. الحاجة الجماعية إلى حل ضائقة السكن تزداد إلحاحاً وتتغلب على التخوف من استيعاب "غرباء" يكتشفون، على وجه العموم، أماكن سكن سرية، مثل القرى، ذات نسيج عائلي قديم. تكلفة الشقة السكنية التي تم بناؤها بترخيص من السلطة الفلسطينية تتراوح بين 70 و 100 ألف دولار، في مقابل 300 حتى 350 ألف دولار لشقة سكنية مماثلة في منطقة صور باهر، الخاضعة لسلطة بلدية القدس، كما يشير تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
حين صدر في سنة 2011 أمر عسكري يحظر البناء في شريط تراوح عرضه بين 100 و300 متر من كلا جانبي الجدار العازل، كانت قد أقيمت في المنطقة المحظورة في وادي الحمص 134 بناية سكنية. تعمقت ضائقة السكن في القدس وتفاقمت منذ ذلك الوقت، فأقيمت مئات أخرى من البنايات. هذه المباني جميعها موزعة بين المناطق الثلاث - A وB وC. عمليات الهدم الأخيرة أثارت موجة عالمية من الاستنكار والتنديد. فهل ستكون هذه الموجة قادرة على وقف عمليات الهدم المقبلة؟