مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين إن مسألة التصدي للخطر الإيراني تقف في رأس سلم أولويات هذا الجهاز.
وأضاف كوهين في سياق كلمة ألقاها خلال حفل منح شهادات تفوّق لأبرز عناصر الموساد أقيم في ديوان رئاسة الدولة الإسرائيلية في القدس أمس (الخميس)، أن برنامج إيران النووي وصواريخها الطويلة الأمد وتوسعها الإقليمي ودعمها للمنظمات الإرهابية تشكل التحدي الأخطر لأمن دولة إسرائيل وسكانها.
وجاءت تصريحات كوهين بعد يوم واحد من تأكيد رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي أن احتمالات اندلاع حرب ضد إيران ازدادت في الآونة الأخيرة نظراً إلى كونها أصبحت تشكل تهديداً عسكرياً مباشراً وفورياً لإسرائيل، في حين كانت في الماضي خلف الجبال تعمل على تطوير برنامج نووي. كما أشار كوخافي إلى أن إسرائيل لن تسمح لإيران بالتموضع العسكري في المنطقة الشمالية على الإطلاق، وخصوصاً في العراق، وتبذل جهداً كبيراً حتى لا تسمح لأعدائها بحيازة أسلحة دقيقة.
كشفت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أمس (الخميس) تفصيلات بشأن منظومة ليزر جديدة قالت إنها تأمل بأن تساعد في القضاء على الأجهزة الحارقة التي تُطلق من قطاع غزة، والمحمولة في بالونات وطائرات ورقية وطائرات مسيّرة، وتسببت بإحراق مساحات كبيرة من الأراضي الإسرائيلية منذ بدء استخدامها قبل نحو سنتين.
وقالت المؤسسة الأمنية إن هذه المنظومة التي سيطلَق عليها اسم "سيف الضوء"، تهدف إلى إسقاط الأجهزة الحارقة من الجو قبل أن تتمكن من دخول الأراضي الإسرائيلية، وتم تطويرها من طرف ثلاثة مهندسين من القطاع الخاص عملوا مع باحثين في جامعة "بن غوريون" في بئر السبع [جنوب إسرائيل] والقسمين التكنولوجيين في الشرطة والجيش الإسرائيلي.
وقالت مصادر مسؤولة في المؤسسة الأمنية إن اختبارات للمنظومة أُجريت خلال الأسبوع الفائت، لكن لم يتم تحديد تاريخ لنشرها. وأشارت هذه المصادر نفسها إلى أن المؤسسة الأمنية دعمت عمليات تطوير العديد من المنظومات المماثلة على مدار السنتين الماضيتين، لكن لم يتم التوصل إلى حل كامل حتى الآن.
وأضافت هذه المصادر أنه سيتم نشر منظومة "سيف الضوء" على طول منطقة الحدود مع قطاع غزة، وكذلك على طول منطقة الحدود الشمالية مع لبنان.
يُذكر أن تكتيك إطلاق بالونات تحمل عبوات ناسفة وأجهزة حارقة من غزة إلى إسرائيل ظهر لأول مرة السنة الفائتة كجزء من سلسلة احتجاجات "مسيرات العودة" الأسبوعية على طول منطقة الحدود مع القطاع، والتي بدأت يوم 30 آذار/مارس 2018، ولا تزال مستمرة إلى الآن.
أعلنت الهيئة العليا لـ"مسيرات العودة" في قطاع غزة تنظيم هذه المسيرات شهرياً وفي المناسبات الوطنية فقط، وذلك ابتداء من آذار/مارس المقبل.
وأوضحت الهيئة في مؤتمر صحافي عقدته في غزة أمس (الخميس)، أنه سيتم تعليق "مسيرات العودة" بدءاً من يوم الجمعة 3 كانون الثاني/يناير وحتى 30 آذار/مارس 2020، بينما سيتم تنظيمها اليوم (الجمعة).
وأشارت الهيئة إلى أنه تقرر بعد جولة نقاش امتدت لأسابيع اعتماد برنامج جديد لسنة 2020 يقضي بتنظيم "مسيرات العودة" شهرياً وكلما كان هناك حاجة للاحتجاج الجماهيري وفي المناسبات الوطنية، وسيبدأ ذلك في ذكرى يوم الأرض يوم 30 آذار/مارس المقبل.
وأكدت الهيئة ضرورة استمرار المسيرات بطابعها الشعبي وأدواتها السلمية حتى تحقيق أهدافها الآنية والاستراتيجية. وأشارت إلى أن "مسيرات العودة" التي بدأت يوم 30 آذار/مارس 2018 أوصلت رسائل قوية وواضحة إلى إسرائيل، فحواها أن استهداف سكان القطاع لن يمر من دون عقاب فلسطيني أو عقاب دولي.
أظهرت نتائج الانتخابات التمهيدية لرئاسة حزب الليكود التي جرت أمس (الخميس) فوز رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بفارق كبير عن منافسه غدعون ساعر.
ووفقاً لهذه النتائج التي نُشرت صباح اليوم (الجمعة)، حصل نتنياهو على 72.5% من أصوات الناخبين، بينما حصل ساعر على 27.5% من أصواتهم.
وبلغت نسبة التصويت نحو 50% من أصحاب حق الاقتراع.
- حتى من دون معرفة الدوافع الدقيقة لقرار "حماس" وقف التظاهرات على الجدار يوم الجمعة، بدءاً من الأسبوع المقبل، وتجديدها فقط في نهاية آذار/مارس شهرياً، هناك أمر وحيد واضح: قيادة الحركة في غزة معنية بتسوية، وهي مستعدة لأن تبذل كل شيء كي لا يعرقل أي شيء خططها. الخطوة التي اتخذتها "حماس" هي خطوة دراماتيكية، لا أقل من ذلك. التظاهرات التي بدأت في يوم الأرض في سنة 2018، كانت الوسيلة التي أعادت "حماس" بواسطتها طرح قضاياها على جدول الأعمال، وأعادت إسرائيل إلى طاولة النقاشات. وهي التي سمحت للحركة، ليس فقط بتوجيه غضب الشارع على الوضع الاقتصادي المحفوف بالمخاطر ضد إسرائيل، بل أيضاً ساعدتها على الاحتفاظ بجبهة قتال ثابتة- مع أنها ثانوية - تذكّر إسرائيل بالثمن الذي يمكن أن تدفعه إذا لم تتقدم في اتجاه تهدئة متفَق عليها.
- عدد غير قليل من حوادث إطلاق الصواريخ في الـ20 شهراً الأخيرة بدأ في تظاهرات على السياج، وكانت انتقاماً لفلسطينيين قُتلوا فيها. لكن "حماس" كانت هي المسؤولة الحصرية عمّا كان يجري: هي التي نظمت التظاهرات وأعلنت عنها، وحرصت على وصول الناس إليها، في البداية أشخاص من البالغين، وفي الأشهر الأخيرة أولاد وصغار (أحياناً أعمارهم أقل من 10 سنوات)، لعلمها بأن الجيش سيمتنع من المس بهم.
- منذ اللحظة الأولى، وضعت إسرائيل توقف التظاهرات شرطاً للمضي قدماً في مفاوضات التحاور بشأن التهدئة. لم تتمسك إسرائيل دائماً بطلبها هذا - المحادثات تقدمت على الرغم من استمرار التظاهرات - لكن يبدو أن "حماس" الآن معنية بالتلميح إلى إسرائيل بأن نواياها جدية، ولذلك اتخذت هذه الخطوة غير المسبوقة. وهذه ليست أول إشارة تأتي من غزة: منعت "حماس" في الأشهر الأخيرة وبصورة منهجية إطلاق صواريخ على إسرائيل، وفعلت ذلك في الأيام المتوترة التي تلت اغتيال بهاء أبو العطا في بداية تشرين الثاني/نوفمبر. منذ ذلك الحين، ألغت "حماس" التظاهرات على السياج، تخوفاً من أن تؤدي الحماسة إلى وقوع مصابين، وإلى فقدان السيطرة، وأن يؤدي هذا إلى تصعيد غير مرغوب فيه حالياً بالنسبة إليها.
- من المحتمل أن يكون قرار "حماس" نابعاً من حال الطقس، والتخوف من أن يفضل كثيرون البقاء في منازلهم في أيام الشتاء خلال شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير. لكن يبقى أساس القرار استراتيجياً: تريد الحركة التوصل إلى تسوية، كي تستطيع إعادة إعمار القطاع. وهي تتخوف من أن يزيد استمرار الوضع الحالي - مع التشديد على نسبة البطالة العالية وأزمة البنى التحتية - من فقدان الثقة بها ويقوي خصومها.
- أيضاً تواجه "حماس" صعوبة في فرض سلطتها على القطاع بصورة مطلقة. إطلاق النار الذي حدث في الأول من أمس على عسقلان، في أثناء خطاب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خلال الانتخابات التمهيدية [لحزب الليكود]، هو دليل على ذلك. كما في الماضي، نفذته عناصر مارقة (على ما يبدو عناصر من الجهاد الإسلامي الفلسطيني) تسعى في الأساس لإحداث فوضى. صحيح أن "حماس" تنفذ عمليات أمن داخلي غير قليلة ضد معارضيها، لكن ردها الأساسي على الانتقادات الموجهة إليها من الداخل يمكن أن يكون بصورة تسوية تقود إلى تهدئة، وتؤدي إلى تحسن الوضع الاقتصادي في القطاع.
- بعد أن وضعت "حماس" على الطاولة الورقتين الأساسيتين اللتين لديها - إطلاق الصواريخ والتظاهرات على السياج - بقي لديها ورقة واحدة: إعادة المدنيين الإسرائيليين وجثامين الجنود الذين تحتفظ بهم. ثمة شك في أن تتنازل عنهم "حماس" بنفس السهولة، ومن المحتمل أن المطلوب من إسرائيل هو أن تقوم بخطوة - تنازلات أو بادرات حسن نية إنسانية أو غيرها - للسماح بالمضي قدماً في مفاوضات تؤدي إلى اتفاق.
- في القيادة السياسية – الأمنية، يوجد حالياً إجماع واسع بشأن الحاجة إلى المضي قدماً نحو تسوية مع "حماس". سبب مركزي لذلك، هو الرغبة في التركيز على التهديد الإيراني في الجبهة الشمالية، لكن لا يقل عن ذلك الإدراك أنه توجد الآن فرصة نادرة وخاصة تتقاطع فيها مصالح إسرائيل مع مصالح "حماس". لقد توقف رئيس الأركان أفيف كوخافي عند ذلك بالأمس في خطابه في هرتسليا، لكن الكرة موجودة لدى المستوى السياسي الذي يعاني معضلة، ويتردد بين الحاجة إلى أن يكون "صارماً" عشية الانتخابات، وبين الحاجة إلى تقديم تسهيلات إلى الفلسطينيين في غزة للحؤول دون وقوع حرب.
المصلحة الإسرائيلية الواضحة هي تفضيل تهدئة في غزة حالياً، تعيد أيضاً الهدوء المنتظر إلى مستوطنات غلاف غزة. وهذا يفرض على متخذي القرارات التعالي فوق الاعتبارات السياسية - الائتلافية والمعارضة - واستغلال الفرصة لاستنفاد العملية. الامتناع من القيام بذلك يمكن أن يحشر "حماس" في الزاوية، البداية ستكون من خلال تجدد التظاهرات في آذار/مارس، وتتمتها يمكن أن تكون تصعيداً ليس لإسرائيل مصلحة فيه.
- في خطابه الذي ألقاه في الأول من أمس (الأربعاء) خلال ندوة في ذكرى اللواء أمنون ليفكين - شاحاك في مركز هرتسليا المتعدد المجالات، شدد رئيس الأركان أفيف كوخافي على إيران كمشكلة أمنية مشتعلة. ونشأ انطباع لدى سامعيه أن رئيس الأركان يعتبر حدوث مواجهة أشد خطورة مع طهران أمراً محتوماً. عدّد كوخافي في كلامه الانتهاكات الإيرانية المدروسة للاتفاق النووي مع الدول العظمى. من وجهة نظر إسرائيلية، أكثرها أهمية تلك المتعلقة باستئناف العمل في منشأة فوردو المبنيّة تحت الأرض، الموقع الأكثر حساسية الذي عالجه الاتفاق. وفي الوقت عينه، انتهجت طهران في الربيع الماضي سياسة أكثر عدوانية في الخليج، من خلال شن هجمات منهجية على سفن ومنشآت للنفط. ونبّه كوخافي إلى أنه لا يوجد "رد، ولا انتقام، ولا ردع"، في مواجهة هذه الهجمات، لا من جانب دول الخليج، ولا من جانب الولايات المتحدة أيضاً – على الرغم من أن رئيس الأركان لم يذكر ذلك صراحة.
- الزعيم الروحي الإيراني علي خامنئي، هو الذي دفع من أجل البدء بالهجمات، رداً على تجدد العقوبات الأميركية، في أعقاب قرار الرئيس دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي في أيار/مايو 2018. غضب خامنئي من الرئيس الإيراني حسن روحاني، واتهمه بأن إيران لم تربح شيئاً من الاتفاق النووي. على خلفية الإحباط جرّاء العقوبات الصارمة والخوف من انتخاب ترامب لولاية ثانية في سنة 2020، ومن أن يستمر في الضغط الاقتصادي على إيران أربع سنوات أُخرى، بدأت إيران هجوماً، كانت ذروته حتى الآن، الهجوم القاسي على منشآت النفط السعودية في منتصف أيلول/سبتمبر. يدّعون في الجيش [الإسرائيلي] أن الهدف الإيراني الأعلى لم يتغير. الإيرانيون يرغبون في إقناع ترامب، بالقوة إذا اقتضى الأمر ذلك، بالعودة إلى التفاوض على اتفاق نووي، مع رفع العقوبات الاقتصادية.
- في الوقت عينه، غيّر الإيرانيون سياستهم إزاء إسرائيل. في الأشهر الأخيرة، قررت طهران أن ترد عسكرياً على كل هجوم إسرائيلي مهم في سورية والعراق ولبنان. ونبّه كوخافي إلى أن "ثقتهم بنفسهم ازدادت"، وعملياً، توقّع وقوع صدام في سنة 2020. لقد تعهد رئيس الأركان مواصلة التصرف "بحكمة ومسؤولية"، لكنه أضاف أن إسرائيل لن تسمح لإيران بالتمركز عسكرياً في المنطقة الواقعة شمالها. وأوضح أن الخط الأحمر الإسرائيلي يشمل أيضاً العراق.
- في إسرائيل، يصورون الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، والذي يركز جهود التمركز العسكري وتهريب السلاح، كرجل يخطط جيداً وعاقل وعنيد. سليماني متمسك برأيه في مواصلة مشروعه في الشمال، حتى لو اضطر، هنا وهناك، إلى تقديم تقارير مضللة إلى خامنئي بشأن حجم المقاومة التي يواجهها من إسرائيل. من خطاب كوخافي، وأيضاً من أحاديث مع مسؤولين كبار في المستوى السياسي وفي المؤسسة الأمنية، تظهر صورة موحدة جداً: إسرائيل ستزيد جهود ضرب الإيرانيين في الشمال. الهدف الأخير لهذه العمليات أقل وضوحاً. الوزير بينت يتحدث علناً عن رغبته في إخراج كل القوات الإيرانية من سورية. يبدو أن الجيش يعتقد أن الهدف الأكثر واقعية سيكون تقليص وجود الحرس الثوري والميليشيات الشيعية هناك.
- تعتقد إسرائيل أنها قادرة على أن تستغل لمصلحتها التوتر الداخلي في المحور الذي ضمن انتصار نظام الأسد في الحرب الأهلية السورية. روسيا ليست سعيدة باستمرار النفوذ الإيراني في سورية، وبشار الأسد ليس مسروراً من أن الهجمات الإسرائيلية تضعه في صدام دائم مع إسرائيل (التي يدمر خلالها سلاح الجو الإسرائيلي بطاريات دفاعه الجوي)، وحزب الله لا يريد القيام بهجمات انتقامية ضد إسرائيل فقط لأن كرامة سليماني قد مُسّت.
- شدّد كوخافي في خطابه على العلاقات العسكرية الوثيقة بروسيا. بنيامين نتنياهو تباهى في الأمس في إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن صداقته مع الرئيس فلاديمير بوتين منعت عدة مرات وقوع معارك جوية بين طائرات إسرائيلية وطائرات روسية في سماء سورية. وقال وزير في المجلس الوزاري المصغر لـ"هآرتس" إن موسكو تريد منا أن نقوم بدلاً منها بالعمل الوسخ في سورية، وأن نطرد الإيرانيين. وبعد ذلك ستحرص، طبعاً، على إدانة الهجمات الإسرائيلية". هذا كلام مهم، لكنه مرتبط برهان استراتيجي كبير، سيكون اختباره رد بوتين على زيادة حدة الهجمات الإسرائيلية.
- مقارنة بخطابات رئيس الأركان السابق غادي أيزنكوت، خصص كوخافي في كلامه وقتاً محدوداً للمسائل التي تتعلق بعلاقة الجيش الإسرائيلي بالمجتمع. أيزنكوت، على عكس الهجمات المتكررة عليه من اليمين، ركّز بكثافة على نشاط هجومي واسع داخل الحدود وخارجها. لكن ولايته وقعت إلى حد بعيد في ظل الخلاف بشأن محاكمة أليؤر أزرايا [الجندي الذي قتل بدم بارد فلسطينياً جريحاً لا يشكل خطراً عليه]، ومحاولته كبح تأثير المنظمات الحريدية - القومية في ما يجري في الجيش.
- يريد كوخافي أن يميز نفسه عن الذي سبقه، وهو لا ينجذب إلى هذه الموضوعات ويبدو أنه يتخوف أيضاً من التورط مع السياسيين، وخصوصاً في فترة الانتخابات التي نواجهها ولا نهاية لها. لذلك، هو يكتفي بكلام عام، من قلب الإجماع العام، عن أهمية الجيش الإسرائيلي بالنسبة إلى المجتمع الإسرائيلي. في خطابه قال إن الجيش ليس شركة ناشئة، بل "Build up" قومي للمجتمع الإسرائيلي. الشبان والشابات الذين ينهون خدمتهم العسكرية الإلزامية يصلون إلى الحياة المدنية ناضجين ولديهم خبرة أكبر. مهما كان هذا الكلام صحيحاً، فإنه لا يثير خلافات، ولن يصل إلى العناوين الأولى في الصحف.
- تشديد كوخافي على زيادة فتك العمليات العسكرية، والعمل التسويقي النشيط لكل هجوم في غزة (الذي يُصوّر على الدوام بمصطلحات دراماتيكية تبالغ في وصف ما جرى في الواقع)، وحقيقة أن نتنياهو وبينت لا يريان فيه حتى اللحظة خطراً سياسياً مستقبلياً - كل ذلك يقوي مكانة رئيس الأركان الجماهيرية. في اليمين يحضنونه ويحبونه.
لقد جرى وصف رئيس الأركان هنا عدة مرات في الأشهر الأخيرة كشخص دفعته الأوضاع السياسية الاستثنائية إلى أن يكون الرجل الناضج المسؤول. في الليلة التي أُطلق فيها صاروخ على أشدود في أيلول/سبتمبر الماضي، كان مندلبليت هو الذي منع، في اللحظة الأخيرة، القيام بعملية عسكرية كان يبدو أنها خطرة. بعد مرور شهر، وعندما كان نتنياهو بحاجة ماسة إلى ذريعة من أجل إدخال حزب أزرق أبيض إلى الائتلاف بشروطه، وأطلق تحذيراً استراتيجياً قصير الأجل بشأن خطر إيراني مباشر، الجيش سايره. أيضاً عندما أراد رئيس الدولة رؤوفين ريفلين الجمع بالقوة بين نتنياهو وغانتس، وأن يفرض عليهما حكومة وحدة، رئيس الأركان ساعده بصورة غير مباشرة، من خلال التركيز على الحاجة إلى اتخاذ قرارات حاسمة بشأن الميزانية الأمنية والخطة المتعددة السنوات للجيش الإسرائيلي. الاختبارات التي سيواجهها كوخافي في المستقبل ستكون أصعب، بسبب الاحتكاك بالإيرانيين في الشمال، والتهديد الجنائي لنتنياهو، والانتخابات الثالثة التي تقترب.
- يمكن القول إن قرار المدعية العامة في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي فاتو بنسودا التوصية بفتح تحقيق دولي ضد إسرائيل بشبهة قيام قادة سياسيين وعسكريين وكذلك مقاتلين بارتكاب جرائم حرب، يستند إلى قدر كبير من التضليل والتزوير، وكذلك إلى قدر معيّن من كراهية إسرائيل. وفي الوقت عينه، يُعتبر هذا القرار بمثابة مساعدة خارجية لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يتيح له إمكان الاستمرار في محاولات جعل الجمهور الإسرائيلي العريض يلتف حوله لكونه، كما يروّج مؤيدوه، الزعيم الإسرائيلي الوحيد القادر على الدفاع عن هذا الجمهور في مواجهة المعادين للسامية.
- غير أن القصة أكثر تعقيداً مما يتم تصويرها. فمنذ فترة طويلة تقف إسرائيل في مركز وعي الأسرة الدولية، وتُعرض بصفتها دولة محتلة ترفض إجراء مفاوضات لإنهاء الاحتلال وتواصل دوس ملايين الفلسطينيين الذين يفتقرون إلى حقوق الإنسان الأساسية. ولا شك في أن هذا العرض خطأ. وبصفتي آخر رئيس حكومة إسرائيلية أجرى مفاوضات جدية مع الفلسطينيين، وكنت على وشك التوصل إلى اتفاق إيجابي كان من شأنه أن يحدث انعطافاً تاريخياً في حياتنا وحياة جيراننا، يمكنني أن أؤكد أن المسؤولية الكاملة عن إحباط اتفاق السلام في ذلك الوقت تقع بالكامل على عاتق الفلسطينيين. وعلى الرغم من أن محمود عباس [رئيس السلطة الفلسطينية] لم يرفض بصراحة الاقتراحات البعيدة المدى التي عرضتها عليه، فإنه لم يرد عليها بالإيجاب. ولذا تم تفويت فرصة تاريخية نادرة.
- بعد أقوالي هذه، لا مهرب من الإقرار بأن إسرائيل كانت هي الجهة الرافضة والمستفزة والعدوانية على مدار السنوات العشر التي مرت منذ ذلك الوقت، وكان انعدام مرونتها هو السبب المركزي، ليس فقط لعدم نضوج عملية السلام إلى ما يشبه الاتفاق، إنما أيضاً لعدم انطلاق هذه العملية مرة أُخرى.
- صحيح أن هناك حركة "حماس" وهناك إرهاب. ولا شك في أن الفلسطينيين غير مستعدين لاتخاذ الخطوات السياسية البعيدة المدى التي يمكن أن تشكل أساساً لانطلاق مفاوضات ذات احتمالات نجاح كبيرة. لكن ماذا يجري عندنا؟ هل نحن نريد السلام؟ وهل كانت حكومة إسرائيل على مدار السنوات العشر الفائتة مستعدة لإبداء حد أدنى من المرونة والانفتاح والشجاعة بما يتيح إمكان الدفع قدماً باحتمالات السلام وإيجاد حل تاريخي للنزاع؟
- في الماضي كانت قدرة الأسرة الدولية، بما في ذلك الدول الأكثر صداقة وولاء لإسرائيل، في التأثير في أدائنا السياسي والعسكري والاقتصادي أكبر بكثير مما هي عليه الآن، وكنا نحن أكثر إصغاء لردات الفعل الحادة الصادرة عن دول مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وغيرها من الدول التي تقيم مع إسرائيل علاقات صداقة مستمرة ولا تتردّد في الوقوف إلى جانبها في الأوقات الصعبة. لكن في السنوات الأخيرة، منذ صعود دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة الأميركية، باتت إسرائيل محصنة نسبياً أمام أي ضغط عسكري أو سياسي أو اقتصادي. ويقف ترامب كسور منيع في الدفاع عن السياسة المتهورة والجوفاء والتوسعية لإسرائيل، كما شهدنا في إبدائه التفهم لإعلان نتنياهو نيته ضم غور الأردن إلى إسرائيل، والتي تحركها مصالح شخصية وحزبية، وكذلك في اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، واعترافه بالسيادة الإسرائيلية في هضبة الجولان، وأخيراً في إعلان وزير خارجيته [مايك بومبيو] أن المستوطنات في المناطق [المحتلة] لا تشكل خرقاً للقانون الدولي، وذلك بخلاف الموقف الذي عبّر عنه كل رؤساء الولايات المتحدة منذ سنة 1967.
- ينبغي القول إن ما يبدو في الظاهر بأنه أفضلية لإسرائيل لا يعدو كونه أكثر من وهم بصري. فالأسرة الدولية لم تسلّم بكل ما أقدمت عليه إدارة ترامب. وهي لم تسلّم ولا تسلّم ولن تتصالح مع سياسة الضم لتحالف نتنياهو – بينت – بن غفير [زعيم أتباع الحاخام مئير كهانا]. وهي ستواصل البحث، وستجد الطرق لتوجيه ضربات إلى إسرائيل في أماكن حساسة أكثر وتكون أشد مساساً من قرار مجلس الأمن المتعلق بالاستيطان. وهنا علينا أن نتذكر أنه منذ 15 سنة، وفي إبان فترة حكومة أريئيل شارون، قرر الاتحاد الأوروبي تقليص حقوق التجارة الممنوحة لإسرائيل وفقاً للاتفاق مع أوروبا، وطولبت إسرائيل بأن تضع علامة على كل البضائع التي تنتَج في المناطق [المحتلة] ولم يُعترف بأنها جزء من دولة إسرائيل، كي لا تحظى بأي إعفاءات جمركية. وادّعى الأوروبيون أن اتفاق التجارة هو مع إسرائيل والمناطق الفلسطينية ليست جزءاً منها.
- وليس من قبيل المبالغة رؤية أن القوى الأوروبية التي تحاول أن ترغم إسرائيل على التراجع عن سياسة الضم هي التي بادرت الآن إلى إجراء يمكن أن يفضي بنا إلى المثول أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، كمشتبه بهم بارتكاب جرائم حرب. وليس هذا فحسب، بل ستستمر الجهود التي تقوم بها حركة BDS في العالم أجمع. ومن شأن هذه الجهود أن تمس بإسرائيل في جبهة دولية واسعة. وبعد ذلك، يمكن أن يتم إلزام الإسرائيليين بالحصول على تأشيرات دخول إلى دول أوروبا. وحتى لو بدا مثل هذه الإجراءات بعيداً الآن، فإنها يمكن أن تهبط علينا بأسرع مما يعتقد كثيرون، وبالتأكيد في حال الاستمرار في انتهاج السياسة التي تعود بالفائدة على نتنياهو وعائلته، لا على دولة إسرائيل ومصالحها.
- على الرغم من أنه لا يمكن تغيير الواقع بلمحة عين، ولا يمكن إقصاء كل مظاهر الكراهية والتلوّن ومعاداة السامية، وعلى الرغم من صعوبة الإيمان بقدرة مبادرة سلام إسرائيلية مختلفة وجديدة وجريئة على الوصول إلى تسوية سلمية حقيقية، فإنه لا بد من البدء بالسير في مسار يقترح طريقاً جديدة أكثر انضباطاً وتسامحاً من دون أن تهدد مصالحنا الأمنية بالخطر. لو كان هناك الآن محادثات سلام جادة لما كانت أي جهة ستفكر بتقديم إسرائيل إلى محكمة الجنايات الدولية، ولما كانت دول، مثل الأردن ومصر وكذلك السعودية ودول شمال أفريقيا، انضمت إلى قرارات إدانة إسرائيل في شتى المحافل الدولية.
من أجل أن تتغير الأوضاع والمناخ في العالم نحن في حاجة إلى قيادة ترغب في السلام، قيادة تمتلك الشجاعة لاتخاذ خطوات تنطوي على تنازلات وانسحابات، ولتغيير سياسة العربدة التي باتت بمثابة ماركة مسجلة لنا. إن قرار المدعية العامة في محكمة لاهاي هو إشارة تحذير صارخة لا يجوز التغاضي عنها، وربما يكون بداية فقط لما هو أشدّ وأدهى.