مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية - الأمنية أمس (الأحد) على اقتراح وزير الدفاع نفتالي بينت اقتطاع مبلغ 149 مليون شيكل من الإيرادات الضريبية التي تجبيها إسرائيل للسلطة الفلسطينية، وهو المبلغ الذي حولته السلطة إلى عائلات شبان قُتلوا أو أصيبوا بجروح خلال السنة الفائتة في أثناء قيامهم بارتكاب عمليات [إرهابية].
وسيتم حسم المبلغ على 12 دفعة شهرية.
واقتطعت إسرائيل حتى الآن ما حولته السلطة الفلسطينية إلى سجناء أمنيين حاليين وسابقين وأفراد عائلاتهم. وقُدرت هذه المبالغ السنة الفائتة بنصف مليار شيكل.
من ناحية أُخرى تبين أمس أن إسرائيل قررت عدم الرد على رسالة السلطة الفلسطينية التي طالبت خلالها السماح لسكان القدس الشرقية بالمشاركة في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، ثم المشاركة في انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية.
وكان وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ بعث قبل أسابيع برسالة طلب فيها من إسرائيل السماح بمشاركة سكان القدس الشرقية الفلسطينيين في هذه الانتخابات، وذلك بعد التوصل إلى تفاهمات بين السلطة الفلسطينية و"حماس" بشأن إجراء انتخابات عامة للمجلس التشريعي ورئاسة السلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وكرّر مسؤولون كبار في الجانبين أن الانتخابات لن تجري من دون مشاركة سكان القدس الشرقية الفلسطينيين.
كما أكد الناطق بلسان رئاسة السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أول أمس (السبت) أن الرئيس والقيادة الفلسطينية مصممان على إجراء الانتخابات للمجلس التشريعي والرئاسة في أول فرصة ممكنة، كونها مسألة مهمة وضرورية لتثبيت الديمقراطية الفلسطينية وإنهاء الخلافات الداخلية عن طريق صناديق الاقتراع، لكنه في الوقت عينه أكد أنها لن تكون على حساب القدس.
وقالت مصادر مسؤولة في قيادة السلطة الفلسطينية إنه في ضوء القرار الإسرائيلي سيتم تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى.
وأُجريَت الانتخابات لرئاسة السلطة الفلسطينية لأول مرة سنة 2005، وانتُخب خلالها محمود عباس، بينما أُجريَت انتخابات المجلس التشريعي لأول مرة سنة 2006، وفازت حركة "حماس" خلالها بأغلبية المقاعد.
ذكرت مصادر مسؤولة في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية - الأمنية أجرى أمس (الأحد) نقاشاً بشأن اتفاق التهدئة مع قطاع غزة.
وأضافت هذه المصادر أن رئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شبات عرض أمام المجلس الوزاري الخطوط الأساسية لاتفاق التهدئة الذي تم صوغه بوساطة مصرية مع حركة "حماس". وأشارت إلى أن الاتصالات لتحقيق تهدئة اكتسبت زخماً في إثر رسائل بعثت بها "حماس" إلى إسرائيل بعد اغتيال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا.
ووفقاً لهذه المصادر نفسها، يشمل الاتفاق تسهيلات مدنية لسكان القطاع، بينها زيادة عدد التجار والعمال الفلسطينيين الذين يدخلون إلى إسرائيل، وتوسيعاً إضافياً لمساحة الصيد قبالة شواطئ القطاع، وتعزيز مشروع وضع أنبوب غاز، وزيادة المساعدات والمعدات للمستشفيات. وفي مقابل هذه التسهيلات، التزمت "حماس" العمل بصورة مضاعفة لمنع إطلاق الصواريخ في اتجاه الأراضي الإسرائيلية والتقليل، بالتدريج، من "مسيرات العودة" عند السياج الحدودي في منطقة الحدود مع القطاع حتى يتم إيقافها بالكامل.
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إنه سيعلن خلال يومين قراره إن كان ينوي تقديم طلب للحصول على حصانة برلمانية للحؤول دون تقديمه إلى المحاكمة بشبهات فساد.
وأضاف نتنياهو في سياق كلمة ألقاها أمام اجتماع لأعضاء الليكود عُقد في تل أبيب مساء أمس (الأحد)، أن الحصانة ليست ضد الديمقراطية، بل هي حجر الزاوية في الديمقراطية.
وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية "كان" [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] أن نتنياهو سيحاول تبرير طلبه الحصول على حصانة بالقول إن إجراء محاكمة في أثناء توليه مهمات رئيس الحكومة يلحق أضراراً بعمله، وأن الحديث لا يدور حول تهرب من المحاكمة وإنما تأجيلها.
من ناحية أُخرى، تطرق نتنياهو في كلمته إلى القرار الذي يُتوقع أن تتخذه المحكمة الإسرائيلية العليا غداً (الثلاثاء) بشأن قانونية تكليف مرشح قُدمت ضده لائحة اتهام مهمة تأليف حكومة، فقال إنه في الديمقراطية الشعب هو من يختار ممثليه فقط، ولا مجال لتدخُّل المحكمة العليا في هذا الأمر.
تعهد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو السعي للحصول على اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية في مستوطنات يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
وجاء هذا التعهد في سياق خطاب ألقاه صباح أول أمس (الجمعة) في إثر فوزه على منافسه عضو الكنيست غدعون ساعر في الانتخابات التمهيدية لرئاسة حزب الليكود التي جرت يوم الخميس الفائت، وأكد فيه أيضاً أن هذا الفوز كان تعبيراً هائلاً عن الثقة بطريقه وطريق الليكود، وشدّد على أن أغلبية الجمهور الإسرائيلي تدعم اليمين وتدعمه.
وتباهى نتنياهو بعلاقته الوثيقة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وشكره على قراراته التاريخية في السنوات الأخيرة، والتي تضمنت الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، والانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، والاعتراف بسيادة إسرائيل في هضبة الجولان، وتغيير سياسة الولايات المتحدة حيال المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
ووعد نتنياهو كذلك بتحقيق مزيد من الإنجازات التاريخية في السنوات المقبلة في حال فوزه في الانتخابات العامة المقبلة التي ستجري يوم 2 آذار/مارس المقبل.
وأضاف نتنياهو أنه سيدفع قدماً بخطة من 6 نقاط تشمل اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية في غور الأردن ومستوطنات الضفة الغربية.
وقال نتنياهو: "أولاً، سنحدد حدودنا نهائياً؛ ثانياً، سندفع الولايات المتحدة إلى الاعتراف بسيادتنا في غور الأردن وشمال البحر الميت؛ ثالثاً، سنضغط من أجل اعتراف الولايات المتحدة بتوسيع سيادتنا على جميع المستوطنات في يهودا والسامرة، كلها من دون استثناء؛ رابعاً، سوف ندفع من أجل عقد حلف دفاعي تاريخي مع الولايات المتحدة يحافظ على حرية التصرف الإسرائيلية؛ خامساً، وقف إيران وحلفائها بشكل حاسم؛ سادساً، الضغط من أجل التطبيع وتوقيع اتفاقيات تؤدي إلى معاهدات سلام مع الدول العربية".
وانتقد رئيس الحكومة إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما التي وقّعت اتفاقاً مع طهران سنة 2015، وأشار إلى أنه وقف بقوة ضد السياسة التي انتهجتها وكان يمكن أن تهدد أمن إسرائيل ووجودها.
وأضاف نتنياهو: "وقفت بحزم لوحدي ضد الاتفاق النووي مع إيران بينما أيدها خصومنا. واستغرق الأمر 11 سنة حتى تغيرت السياسة الأميركية، وعندما حدث ذلك عملت فوراً لدعم الإنجازات العظيمة".
قالت "الهيئة العليا لمسيرات العودة" إن نحو 1800 فلسطيني شاركوا في تظاهرات الجمعة الـ86 لـ"مسيرات العودة" التي جرت أول أمس (الجمعة) بالقرب من السياج الحدودي في منطقة الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة.
وأضافت الهيئة أن هذه الاحتجاجات تخللتها اشتباكات متفرقة بين المتظاهرين وعناصر الجيش الإسرائيلي بالقرب من السياج الحدودي، أسفرت عن وقوع عدة إصابات بين الفلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي، بينها إصابتان في حالة خطرة.
وأشارت الهيئة إلى أن هذه الجمعة هي الأخيرة لـ"مسيرات العودة" التي بدأت يوم 30 آذار/مارس 2018، وذلك قبل وقفها ثلاثة أشهر وتحويلها إلى تظاهرة شهرية بدلاً من أسبوعية.
وكانت هذه الهيئة أعلنت يوم الخميس الفائت أنها قررت وقف هذه المسيرات تحضيراً ليوم الأرض يوم 30 آذار/مارس المقبل، لتصبح شهرية وفي المناسبات الوطنية. وأوضحت الهيئة أنها اتخذت قرار وقف فعاليات "مسيرات العودة" اعتباراً من بداية سنة 2020 المقبلة بغية التجهيز والتحضير، لتصبح شهرية ابتداء من أواخر آذار/مارس.
- جلسة المجلس الوزاري المصغر التي عُقدت في القدس أمس (الأحد) تعبّر لأول مرة عن استعداد إسرائيلي للتنازل عن جزء من الغموض الذي يغلف الاتصالات غير المباشرة مع "حماس" بشأن وقف إطلاق نار طويل الأجل في قطاع غزة. الآن أيضاً ، أغلبية المعلومات عن المفاوضات تأتي من الجانب الفلسطيني، ومن الصعب تقدير مدى موثوقيتها. لكن مجرّد إعلان نقاش جرى في المجلس الوزاري المصغر بشأن طبيعة التسوية يكشف أيضاً عن القيود السياسية: قبل شهرين من الانتخابات، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بحاجة إلى الحصول على شرعية واسعة لخطواته في غزة. ومنذ اللحظة التي يقف فيها إلى جانبه وزراء، هم على يمينه، بينهم نفتالي بينت وبتسلئيل سموتريتش، فإنه يفرّغ جزءاً من الانتقادات التي يُتوقع أن تُوجَّه ضده من مضمونها بسبب تنازلاته لـ"حماس".
- على ما يبدو، لن ينجح نتنياهو في الرد تماماً على انتقادات حزب المعارضة المركزي، أزرق أبيض. لكنه يستطيع الاستعانة برأي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي الذي قال في الأسبوع الماضي في خطاب علني، إن الجيش يرى أن هناك فرصة للتوصل إلى تسوية في القطاع، ويؤيد تقديم تسهيلات اقتصادية مهمة هناك. ويساعد كوخافي نتنياهو في تقديم حجة إضافية، مفادها أن جدول الأولويات الاستراتيجي لإسرائيل الآن يجب أن يركّز على المواجهة مع إيران في الجبهة الشمالية، مع تهدئة التوتر في القطاع.
- في مواجهة انتقادات اليمين، يعرض نتنياهو وبينت خطوة إضافية: حسم 150 مليون شيكل من أموال الضرائب التي تنقلها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية، كعقوبة على دعمها عائلات المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
- هذه الخطوة لن تنجح في أن تطمس تماماً انطباع التسوية مع "حماس"، ويمكن أن تؤدي إلى مزيد من زعزعة العلاقات بقيادة السلطة الفلسطينية في رام الله. لكن يبدو أن الاعتبار المركزي في العملية ضد السلطة الآن، هو سياسي أكثر مما هو دبلوماسي.
- إصرار شعبة الاستخبارات في هيئة الأركان العامة في الجيش، وفي أعقابها كوخافي، على أن قيادة "حماس" اتخذت خياراً استراتيجياً بوقف القتال فترة طويلة، حصل على بعض الدعم من خلال القرار الذي اتُخذ في غزة يوم الجمعة بوقف تظاهرات يوم الجمعة على السياج مدة ثلاثة أشهر، واستئنافها في نهاية آذار/مارس، في الذكرى السنوية الثانية لبدء التظاهرات. هذا القرار ينبع في الأساس من اعتبارات داخلية - الإحساس بأن التظاهرات استنفدت فائدتها، والعبء الضخم الذي يشكله آلاف الجرحى جرّاء إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على المستشفيات في غزة. لكن يمكن أن يُفسَّر أيضاً كبادرة حسن نية تجاه إسرائيل، في إطار جهود التهدئة العامة.
- إسرائيل، كما سبق أن ذكرت صحيفة "هآرتس" في تشرين الثاني/نوفمبر هذه السنة، من المفترض أن ترد بخطوات من جانبها. الخطوة الأكثر دراماتيكية تتعلق بإعطاء تصاريح دخول لعدد أكبر من العمال من القطاع للعمل داخل أراضيها. اليوم تسمح إسرائيل بدخول نحو 5000 من سكان القطاع بواسطة شهادات تجارية كرجال أعمال، بينما العديد منهم هم من العمال. العدد يمكن أن يزداد لاحقاً، ويمكن أن يقترب من 20 ألفاً. ونظراً إلى أن الطرفين معنيان بتقليل أهمية التفاهمات بينهما، فإن الأسلوب المتبع يمكن أن يكون عبارة عن زيادة بطيئة ومتدرجة. على سبيل المثال، هكذا تتصرف قطر التي تحوّل منذ أكثر من عام شحنات من المال إلى القطاع، لكنها لا تعلن خطتها مسبقاً، وفي كل مرة تمدد فترة المساعدة.
- "حماس" تنتظر أشياء أُخرى من إسرائيل، في طليعتها استمرار الموافقة على مشاريع كبيرة في مجال البنية التحتية في القطاع. لكن ما يدل على التحسن المستمر في شروط الحياة في القطاع التي كانت متدنية كثيراً في البداية، هو وضع التزود بالكهرباء. ففي بداية الشتاء قبل عامين، جرى الحديث عن أن شبكة الكهرباء في القطاع تعمل بمعدل 4 إلى 8 ساعات يومياً. المعدل اليوم هو عشرون ساعة يومياً.
- لكن لا تزال هناك مخاطر، والمركزي بينها ينعكس في الخلافات الداخلية بين الأذرع الأمنية في إسرائيل. موقف الشاباك المتشدد يستخدمه نتنياهو منذ 4 سنوات لعرقلة إعطاء التصاريح لدخول مزيد من العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل. في الشاباك يتخوفون من استغلال تنظيمات [إرهابية] العمال لإدخال مواد ناسفة و[مخربين] والقيام بهجمات في داخل الخط الأخضر، ويحذرون من إبداء أي مرونة في سياسة إعطاء التصاريح. كما يبرز الشاباك أيضاً تورط نشطاء في القيادة في غزة في توجيه خلايا [إرهابية] في الضفة الغربية.
- في الجيش يختلفون مع الشاباك فيما يتعلق بالأمرين. هم يعترفون بوجود مخاطر، لكن تقديراتهم أقل خطورة من تقديرات الشاباك. استمرار الهجمات من الضفة هو تهديد إضافي لاستمرار التهدئة في القطاع. طوال سنوات، رفضت "حماس" الموافقة على وقف كامل للعمليات [الإرهابية] من الضفة. أمس نقلت قناة "كان"ً عن مصادر فلسطينية أن "حماس" متمسكة بموقفها هذه المرة أيضاً. من الصعب رؤية "حماس" تتنازل هنا، لكن المخاطرة بالنسبة إلى إسرائيل واضحة: هجوم فتاك واحد يمكن أن يدفعها إلى المبادرة إلى القيام بعملية رد في القطاع، وزعزعة التهدئة بصورة شاملة.
الرد الأميركي
- بينما تتخبّط إسرائيل بشأن طابع التهدئة في غزة، وقعت في نهاية الأسبوع حادثة مهمة في العراق، حظيت هنا باهتمام ضئيل فقط. مقتل مواطن أميركي يعمل في شركة أمنية مدنية نتيجة إطلاق صواريخ كاتيوشا على قاعدة عسكرية في كركوك، في شمال العراق. المسؤول عن الهجوم، على الأرجح، ميليشيات محلية لها علاقة بإيران.
- هذه هي الحادثة الأولى التي يُقتل فيها أميركي في المنطقة منذ بدأ الإيرانيون عملية منسقة من الهجمات في منطقة الخليج الفارسي في أيار/مايو هذا العام. في تقدير أجهزة الاستخبارات الغربية، أن هدف الهجمات الإيرانية هو الرد على الأضرار الجسيمة التي تسببها العقوبات الاقتصادية التي فرضتها إدارة ترامب على النظام في طهران، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
- تريد إيران عودة الأميركيين إلى التفاوض على الاتفاق، وتحقيق رفع العقوبات. حتى الآن فعلت ذلك من خلال تدفيع السعوديين واتحاد الإمارات ثمناً كبيراً، ومن دون المخاطرة بالتعرض لرد أميركي. أيضاً عندما أسقط الإيرانيون طائرة أميركية غالية الثمن من دون طيار، في حزيران/يونيو هذا العام، امتنعت الولايات المتحدة من الرد.
في القيادة الإسرائيلية عبّروا أكثر من مرة عن خيبة أملهم بالضبط الأميركي للنفس إزاء الاستفزازات الإيرانية. مقتل مدني أميركي أعطى الإدارة الأميركية فرصة مؤاتية للرد وتدفيع طهران الثمن. أمس اعترف البنتاغون بمهاجمة طائرة من دون طيار أهدافاً تابعة لميليشيات مدعومة من إيران في العراق وسوريةـ وبحسب التقارير، قُتل عدد من مقاتلي هذه الميليشيات.
- في خطاب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، في مركز هرتسليا المتعدد المجالات في 25/12، كان هناك ثلاث رسائل: الصدام بين إسرائيل وإيران يمكن أن يؤدي إلى حرب مع إيران وحلفائها؛ الحرب ستكون مختلفة عن كل الحروب التي عرفناها، وسيدفع ثمنها الباهظ، ليس فقط المقاتلون في الجبهة، بل أيضاً المدنيون في الجبهة الداخلية؛ الجيش الإسرائيلي مجبَر على تحقيق انتصار واضح من أجل تجديد الردع حيال أعداء إسرائيل، بهدف إيجاد فترة هدوء طويلة بعدها.
- هدف الخطاب، الذي يكشف توجهاً جديداً في الجيش الإسرائيلي، هو أن يوضح للجمهور الإسرائيلي المطمئن، أننا نقترب من حرب صعبة، قد تكون الأصعب في تاريخ الدولة منذ سنة 1949، وهو يذكّر بالرسائل الأساسية للخطاب الذي ألقاه ونستون تشرشل لدى توليه منصبه في أيار/مايو 1940 "دم، عمل، عرق، ودموع". لكن تشرشل تحدث إلى جمهور كان يعرف أن بريطانيا تعيش حرباً صعبة وطويلة، وأثبت استعداده لتحمّلها. كوخافي يتحدث إلى جمهور، همومه الأساسية مَن سيفوز في مباريات الشيف [مباريات طبخ]، ومن سيكون نجم اليوروفيجين، وأين يمكن تمضية عطلة الشتاء. يبدو أن"تشرشل" عندنا [بنيامين نتنياهو] يخصص في آخر السنة وقتاً لمواجهة مشكلاته القانونية والسياسية أكثر مما يخصص لمنع الحرب المقبلة، ويبالغ في إنجازات "العقد الرائع" تحت حكمه، كأنما لا يوجد في نهايته أي تهديد.
- لكن الأخطر، هو حقيقة عدم وجود هدف للحرب المقبلة، باستثناء إيجاد فترة من الزمن قبيل الحرب التالية. هذا الوضع غير مسبوق. لقد خاضت إسرائيل حتى الآن ست حروب كبيرة. كان لكل واحدة منها أهداف، وفي معظم الحالات تحققت. وفيما يلي تذكير قصير:
- حرب 1948، كانت الحرب الأصعب والأغلى في تاريخ إسرائيل، لكن إنجازاتها كانت هائلة: إقامة دولة مستقلة، وتوسيع مساحتها إلى ما وراء الحدود التي خُصصت للدولة اليهودية بحسب قرار التقسيم الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 1947، وإيجاد أكثرية يهودية واضحة، مع أن الثمن كان ولادة مشكلة اللاجئين.
- حرب سيناء 1956، منحت إسرائيل عقداً من الهدوء، كان العقد الرائع الحقيقي في تاريخ الدولة. تحققت خلاله إنجازات هائلة في مجال بناء البنى التحتية، والصناعة، والزراعة، وارتفاع مستوى الحياة. كما بُني خلاله الجيش الإسرائيلي الذي حقق انتصاراً باهراً في حرب الأيام الستة، وأصبحت إسرائيل، بحسب مصادر أجنبية، الدولة النووية السادسة في العالم.
- حرب الأيام الستة في حزيران/يونيو 1967، فُرضت على إسرائيل. الإنجازات العسكرية التي حققتها - احتلال سيناء والضفة الغربية وهضبة الجولان – أكسبتها الأرصدة الإقليمية التي تسمح بالتوصل إلى سلام. وأقنعت هذه الحرب العالم العربي بأنه غير قادر على هزيمة إسرائيل. حرب الاستنزاف في 1969-1970، فُرضت على إسرائيل التي لم تكن مستعدة للدخول في عملية كان من التوقع أن تتنازل في نهايتها عن المناطق التي احتلتها في سنة 1967. لم يكن لهذه الحرب أي هدف سوى المحافظة على الوضع القائم، لكن أغلبية الجمهور الإسرائيلي قَبِلها كأمر محتوم لأن "ثمنها" كان ضئيلاً نسبياً، وجرت بعيداً عن تل أبيب، على ضفاف قناة السويس.
- حرب يوم الغفران في سنة 1973، كانت حرباً دفاعية واضحة - على الرغم من أنه من المعقول الافتراض أن استعداداً إسرائيلياً للتوجه نحو عملية سياسية قبل نشوبها كان يمكن أن يمنع حدوثها. هذه الحرب أيضاً لم يكن لها أهداف مهمة سوى المحافظة على الأمر الواقع. ويُذكر نجاح الجيش في التعافي بسرعة من المفاجأة لدى بدء الحرب. حرب لبنان الأولى في سنة 1982، هي الحرب الأكثر اختلافاً في الرأي بشأنها. على الرغم من ذلك، هدفها المركزي تحقق، بإبعاد التهديد العسكري الفلسطيني عن شمال البلد ، مع أنه تبين بعدها أن تهديداً أخطر بكثير قد حل محله.
- منذ الانسحاب من لبنان في سنة 1985، قاتلت إسرائيل في الأساس تنظيمات إرهابية، وحرب عصابات وسكاناً مدنيين. لم يكن لهذه الحروب هدف واضح غير إيجاد فترة طويلة من الزمن حتى الحرب المقبلة.
- هذا أيضاً هو هدف الحرب التي يتحدث عنها رئيس الأركان. لكن بخلاف المواجهات منذ سنة 1985، سيكون الثمن في الحرب المقبلة باهظاً جداً. التوقعات أنه سيطلَق على إسرائيل 1500 صاروخ يومياً خلال القتال، و2000 صاروخ تحمل رؤوساً حربية تزن نصف طن ستضرب منطقة غوش دان، تبدو واقعية. إذا تحققت، فإن خط قبة السماء في تل أبيب سيكون مختلفاً جداً في نهاية الحرب، آلاف المدنيين سيقتَلون فيه، وصدمة حرب يوم الغفران ستبدو باهتة مقارنة بالصدمة التي ستحدثها هذه الحرب.
- أيضاً تقاس الحروب على أساس العلاقة بين ثمنها وفائدتها. فثمن الحرب المقبلة سيكون باهظاً، وعلى ما يبدو، سيكون الأكبر منذ حرب 1948، وستكون فائدتها ضئيلة؛ الأزمة ستكون كبيرة. في صياغة جديدة لقول تشرشل، يمكن أن نجد أنفسنا في وضع: "أبداً لم يدفع فيه العديد من الناس هذا القدر الكبير لقاء هذا القدر القليل".
- لذلك، وفي مواجهة التهديد الذي يقترب، يتعين على زعماء الدولة أن يشرحوا لنا من أجل ماذا سنذهب إلى القتال ولماذا. لأننا في نهاية الأمر، نحن من يدفع الثمن.