مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
شجبت "الحركة من أجل جودة الحكم" قيام الشرطة الإسرائيلية بعد ظهر أمس (الخميس) باستعمال القوة لتفريق متظاهرين أمام مقر الكنيست احتجاجاً على قرار رئيسه يولي إدلشتاين بإغلاقه بعد أن وصلوا إليه في قافلة سيارات.
وأكدت الحركة في بيان صادر عنها مساء أمس، أن الشرطة مست بحرية الاحتجاج وقامت بخطوة غير ديمقراطية بأمر من رئيس حكومة متهم بارتكاب جرائم جنائية.
كما احتج على خطوة الشرطة أعضاء كنيست من المعارضة وأشاروا إلى أن رئيس الكنيست يستغل أزمة الكورونا للمساس بالديمقراطية.
ووصف رئيس تحالف العمل - ميرتس عضو الكنيست عمير بيرتس إجراءات الشرطة بأنها اعتداء قبيح على الديمقراطية وأفعال لا يمكن قبولها.
في المقابل، أكدت الشرطة أنها لا تتدخل في الشؤون السياسية.
وأشار بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة إلى أن الشرطة قامت بتحرير مخالفات سير للسائقين الذي قادوا مركباتهم على طريق سريع ببطء، الأمر الذي أدى إلى عرقلة حركة المرور، وأضاف أن التظاهرة قبالة الكنيست تمت من دون تنسيق مسبق معها وخالفت أوامر حظر التجمهر.
وذكر البيان أن الشرطة اعتقلت 5 أشخاص للاشتباه بإخلالهم بالنظام العام وإغلاق طريق عام وخرق تعليمات وزارة الصحة الخاصة بالكورونا خلال التظاهرة التي أقيمت قبالة الكنيست.
وقال منظمو هذه الاحتجاجات إن التظاهرة جاءت لإنقاذ ديمقراطية إسرائيل المهددة من الإجراءات الحكومية المتخذة تحت غطاء مواجهة انتشار فيروس كورونا.
وأكد منظمو الاحتجاجات أيضاً أن قافلة السيارات التزمت توجيهات وزارة الصحة التي تهدف إلى الحفاظ على التباعد الاجتماعي من أجل وقف انتشار الفيروس، وتم إصدار تعليمات للسائقين بالبقاء داخل سياراتهم.
دعا عضو الكنيست عوفر شيلح من تحالف "أزرق أبيض" إلى وقف التفاوض بين التحالف وحزب الليكود، احتجاجاً على شل عمل الكنيست.
وقال شيلح في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام أمس (الخميس)، أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يستغل أزمة كورونا لإلغاء نتائج الانتخابات، وأشار إلى أن الكنيست مؤسسة حيوية مثل الجيش والشرطة.
وتطرّق شيلح إلى قيام الشرطة الإسرائيلية باستعمال القوة لتفريق متظاهرين أمام مقر الكنيست، احتجاجاً على قرار رئيسه يولي إدلشتاين بإغلاقه، فقال إن الشرطة جاءت بهدف شن هجوم على المتظاهرين، وأكد أن هذا هو شكل الديمقراطية عندما تقرر الحكومة تدميرها.
هاجم رئيس تحالف "أزرق أبيض" عضو الكنيست بني غانتس رئيس الكنيست يولي إدلشتاين من الليكود لرفضه عقد اجتماع للجنة المنظمة لعمل اللجان البرلمانية في الكنيست، وقال ان إدلشتاين يقوم بمهمة خاصة لمصلحة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لكنه في الوقت عينه أكد أنه في ظل أزمة الكورونا والأزمة السياسية في إسرائيل فإن جميع الخيارات يجب أن تكون مطروحة على الطاولة، بما في ذلك إقامة حكومة وحدة مع نتنياهو والليكود.
وأضاف غانتس في مقابلة أجرتها معه قناة التلفزة الإسرائيلية 12 مساء أمس (الخميس)، أنه في الوقت الحالي على إسرائيل مواجهة محورين: مواجهة أزمة الكورونا من الجانب الصحي ومن الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، والحفاظ على الديمقراطية الإسرائيلية وضمان عملها بشكل متواصل، وبناء على ذلك، يجب درس جميع البدائل والخيارات.
وشدد غانتس على أنه سيبذل كل ما في وسعه لمساعدة نتنياهو ودولة إسرائيل لمواجهة أزمة الكورونا.
وأشار غانتس الذي شغل في السابق منصب رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، إلى أنه في حال طُلب منه ارتداء الزي العسكري مجدداً والمشاركة في مهمة توجيه حركة السير في مسار الفحوصات الطبية لفيروس كورونا، فسيقوم بذلك.
وأكد غانتس أن الديمقراطية في إسرائيل ضرورية ويجب الحذر من الاقتراب من هوامش الديكتاتورية. وهاجم رئيس الكنيست يولي إدلشتاين الذي قرّر إغلاق الكنيست واتهمه بأنه قام بذلك من أجل نتنياهو. كما انتقد قرار الحكومة الإسرائيلية السماح لجهاز الأمن ["الشاباك"] باستخدام وسائل تقنية لتعقّب الخاضعين للحجر الصحي بسبب كورونا من دون الرجوع إلى الكنيست، وأكد أن هذا يمس بالديمقراطية.
كما تطرق غانتس إلى مشروع القانون الذي سيعرضه تحالف "أزرق أبيض" أمام الكنيست قريباً، وينص على منع متهمين بارتكاب مخالفات جنائية من تولي رئاسة الحكومة، فقال: "أعتقد أن هذا قانون مهم. ونحن نتحدث عن قانون سيطبق في الكنيست المقبل أي الـ24، وبنظري من غير الطبيعي أن يشغل متهم منصب رئاسة الحكومة".
وبشأن الخلاف داخل تحالف "أزرق أبيض" فيما يتعلق بالجلوس مع نتنياهو في حكومة واحدة، قال غانتس إن هناك نقاشاً مفتوحاً في هذا الخصوص ولا يوجد قمع وإسكات، وفي النهاية سيتم اتخاذ القرارات المناسبة التي تخدم المصلحة الوطنية.
أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا، مساء أمس (الخميس)، أمراً احترازياً يلزم الدولة وجهاز الأمن العام ["الشاباك"] بإقامة لجنة برلمانية لمراقبة تنفيذ إجراءات الطوارئ التي أقرتها الحكومة وتتيح إمكان تعقب الأشخاص ومراقبتهم من خلال وسائل تكنولوجية متعددة، بحجة تعقّب الخاضعين للحجر الصحي بسبب كورونا.
ومنحت المحكمة الدولة مهلة لإقامة مثل هذه اللجنة حتى يوم الثلاثاء المقبل، وأكدت أنه في حال لم يتم ذلك، فإنها لن تسمح بتطبيق هذه الإجراءات.
وجاء هذا الأمر بعد عدة طلبات التماس قُدمت إلى المحكمة العليا، بينها طلب قدمه مركز عدالة القانوني للدفاع عن حقوق الأقلية العربية في إسرائيل.
وأكد مركز عدالة أن الحكومة الإسرائيلية لا تملك أي صلاحية لإقرار مثل هذه الإجراءات أو سن قوانين مماثلة في حالات الطوارئ.
أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خطوات احترازية وقائية إضافية ستتخذها إسرائيل لحصر وباء كورونا، بما في ذلك التشديد على تحركات المواطنين، بحيث سيُحظر عليهم الخروج من المنازل باستثناء عدة حالات، بينها الوصول الى أماكن العمل الضرورية، والتزود بالمؤن والأدوية، وتلقّي الخدمات الطبية.
وقال نتنياهو في مؤتمر صحافي خاص عقده في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية في القدس مساء أمس (الخميس)، إن توجيهات وزارة الصحة التي تم نشرها يوم الثلاثاء ولا سيما شرط بقاء الإسرائيليين بصورة عامة في المنازل، سيتم تشديدها وتطبيقها بموجب قوانين الطوارئ، وستكون سارية المفعول خلال الأيام السبعة المقبلة.
وأضاف نتنياهو أن الخطوات التي تم اتخاذها حتى الآن أبطأت انتشار كورونا، لكن الوباء مستمر في الانتشار، وأعداد المرضى تزداد يومياً، ومن المرجح أن يكون هناك العديد من الضحايا.
وأشار نتنياهو إلى أن على الجميع البقاء في المنازل ما لم يُعتبر عملهم رسمياً أمراً حيوياً، وإلى أنه يمكن الخروج لشراء الطعام والأدوية وللعلاج الطبي فقط.
وتطرّق نتنياهو إلى النقص المحتمل في المعدات الطبية اللازمة لمواجهة الكورونا في المستشفيات الإسرائيلية، فقال إن العالم كله يفتقر إلى مثل هذه المعدات الطبية الواقية.
وأضاف أن إسرائيل تعمل على سد جميع الفجوات، وأن الهدف هو الوصول إلى إجراء 3000 فحص يومياً منذ يوم الأحد المقبل و5000 فحص في الأسبوع التالي، وهو ما سيضع إسرائيل بين الدول الرائدة في العالم.
ولم ترِد تفصيلات عمّا ستكون عقوبة المخالفين لهذه الإجراءات الجديدة، لكن تقارير متعددة كانت ذكرت في وقت سابق أن هناك نية لفرض غرامات مالية.
- التقارير المقلقة التي تحدثت عن ميل رئيس حزب أزرق أبيض إلى الموافقة على تأليف حكومة وحدة وطنية بالمداورة يتولى نتنياهو أولاً رئاستها - حتى بثمن تفكك أزرق أبيض- تؤشر إلى خضوع غانتس الكامل، وإلى خطوة انتحارية للبديل من حكم نتنياهو.
- حزب أزرق أبيض أعلن حقاً أن "الاتصالات مع طاقم مفاوضات الليكود قد توقفت" و"بخلاف مانشر ليس هناك أي اتفاق"، لكن رئيسه لم يكذّب ما نُسب اليه، وبدا كأنه يعمل على تعبيد الطريق نحو حكومة وحدة مع المدعى عليه جنائياً.
- الخطاب الذي يستخدمه غانتس لتبرير خطوة الخنوع الانهزامية هو حالة الطوارىء جرّاء تفشي فيروس الكورونا. ممنوع قبول ذلك. الدخول إلى حكومة وحدة وطنية تحت نتنياهو يشكل خرقاً للوعد الانتخابي لقائمة أزرق أبيض، ولغانتس شخصياً كرئيس للقائمة. ما يجري ليس فقط نكثاً بالوعد، بل هو فعلياً تآمر على سبب تشكيل وقيام القائمة منذ البداية.
- "فقط لا بيبي"، لم يكن فقط الوعد الانتخابي المركزي لحزب أزرق أبيض، بل كان هو فعلاً الوعد الانتخابي الوحيد له، لأن كل المسائل الأيديولوجية – على أنواعها، السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والأمنية - أُهملت وأصبحت مشوشة وضبابية، وجرى السكوت عنها باسم هدف أعلى: تحرير إسرائيل من قبضة المتهم الموجود في رئاسة الحكومة وإنهاء حكمه الفاسد والمفسد.
- بالإضافة إلى هذا كله، ما يجري هو حماقة سياسية من الطراز الأول: لأنه عاجلاً أم آجلاً، سيكتشف غانتس وأشكينازي ما تعلمه رفيقاهما في "القيادة" يعلون ولبيد بتجربتهما الشخصية: نتنياهو هو تماماً ما قيل عنه، كذاب، لا يمكن الوثوق به، وهو خطر على إسرائيل، تماماً كما جهدت زعامة أزرق أبيض في شرحه في جولة انتخابية بعد جولة. هؤلاء عندما يريدون أن يقدموا بديلاً منه من جديد، لن يعطيهم أحد من جمهور ناخبيهم صوته.
- ممنوع على غانتس أن ينضم إلى نتنياهو. ممنوع أن ينضم إلى متهم جنائي. ممنوع أن ينضم إلى من ركّع الديمقراطية الإسرائيلية. ليس لديه تفويض للقيام بذلك.
[أجرى معهد دراسات الأمن القومي جلسة نقاش خاصة في 12آذار/مارس، تناولت موضوع تفشّي فيروس الكورونا وانعكاساته الدولية والإقليمية وعلى إسرائيل، شارك فيها كل من البروفسورة جيلي ريغيف - يوحاي، مديرة قسم منع ومراقبة التلوث في المستشفيات، والاقتصادي عمانوئيل تراتختنبرغ، وباحثات وباحثون من المعهد. نقتطف فيما يلي أهم ما جاء فيها]
المعركة الدولية
حلّل المشاركون في النقاش سيناريوهين عالميين أساسيين:
- الأول، تفاؤلي نسبياً، ([الكورونا] مثل "أنفلونزا قوية")، وبحسب هذا السيناريو خطوات مواجهة ناجعة، وربما أيضاً ارتفاع حرارة الطقس في شهري نيسان/أبريل - أيار/مايو، سيؤديان إلى تباطؤ كبير في وتيرة انتشار العدوى، ويمكن النجاح في احتواء الفيروس في الصين، وفي أغلبية الدول الأوروبية، وفي الولايات المتحدة. مع عودة العلاقات التجارية والاقتصادية إلى مساراتها في الربع الثاني والثالث من السنة، وكذلك انتعاش قطاعات السياحة والطيران، وسيحدث انخفاض ضئيل في معدل الناتج المحلي السنوي.
- السيناريو الثاني أكثر تشاؤماً ("وباء عالمي مستمر")، بحسب هذا السيناريو، أغلبية الدول في العالم لن تنجح في إبطاء وتيرة العدوى واحتواء الوباء على الأقل في الأشهر الستة القادمة (وعلى ما يبدو، حتى نهاية السنة). في مثل هذا الوضع، سيحدث ضرر كبير جداً في العلاقات التجارية والاقتصادية، وفي حركة الأشخاص والبضائع بين الدول. وستدخل اقتصادات العالم في حالة ركود عميق، وسيلحق ضرر بالغ بالناتج العالمي، ويمكن أن يموت عدة ملايين من الناس في شتى أنحاء العالم.
- لن تؤدي الأزمة إلى حسم في التنافس بين الدول العظمى، ويبدو أن اللاعبين العالميين، في أغلبيتهم، سيخرجون متضررين. على الأقل في المدى القصير، على ما يبدو، سينكفئ اللاعبون في المنظومة الدولية على أنفسهم، وستزداد السياسات الانعزالية، وستكون مساعدة الدول الكبرى للدول التي تعاني جرّاء تفشي الكورونا محدودة جداً. هيئات راديكالية (مثل حركة اليمين المتطرف، وتنظيمات إرهابية، وأيضاً أنظمة استبدادية) في إمكانها استغلال الوضع السيء لتنشط تحت حماية الهلع.
- أكبر تهديد للاقتصاد العالمي (والإسرائيلي) سينبع من تباطؤ النمو أو النمو السلبي في الولايات المتحدة. في هذه المرحلة، ليس واضحاً ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على معالجة الأزمة بنجاعة، وعلى السيطرة على تفشّي الفيروس. لهذه الغاية، تفرض معالجة الأزمة تغييراً جوهرياً في السلوك الذي يمتاز به الرئيس دونالد ترامب، وضمن هذا الإطار أيضاً، اعتماداً متزايداً على المستوى المهني -العلمي الذي توجد بينه وبين الرئيس هوّة من الشكوك وعدم الثقة. في جميع الأحوال، ما نشهده هو ضربة قاسية موجهة إلى نقطة ضعف ترامب في ذروة سنة انتخابات عاصفة: هبوط في الاقتصاد وأسعار البورصة اللذين كان نجاحهما سبب نجاحه كرئيس. أزمة الكورونا يمكن أن تؤذي القاعدة المؤيدة لترامب قبيل الانتخابات، ويمكن أن تشكل تهديداً حقيقياً لاستمرار ولايته. ومثل هذا السيناريو له انعكاسات شديدة الأهمية على إسرائيل التي منحها ترامب حتى الآن تأييداً واسعاً ودعماً غير مسبوق. إذا فاز الديمقراطيون ودخل إلى البيت الأبيض رئيس ذو مواقف أكثر تحفظاً إزاء إسرائيل، من المنتظر أن يستمر التأييد لها، ويستمر هامش حريتها، لكنهما سيكونان محدودَين أكثر. وكلما أصبحت الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة أكثر عمقاً، أيضاً ستزداد معقولية المس بالمساعدة الأمنية لإسرائيل.
- مع عدم وجود معلومات مخالفة، يبدو أن الصين تُظهر مواجهة فاعلة للأزمة، بعد المرحلة الأولى من الكشف المتأخر والتزام الصمت. لقد أثبتت آليات الرقابة والقمع المتطورة فعاليتها على ما يبدو، طبعاً مع الثمن الباهظ الذي تكبده الاقتصاد والحياة الخاصة.
- النموذج الصيني ("الاستبدادي الرأسمالي") يمكن أن يعجب الجماهير ويراكم شعبية، على الرغم من الصعوبات الكثيرة التي تعترض تطبيقه في دول أُخرى. أيضاً من دون تبنّي النموذج الصيني، حلُّ تعقّب المواطنين وتقليص حرية حركتهم في أثناء الأزمة تبنته دول إضافية. نظام تفشّي الفيروس ومواجهته (من الصين إلى الغرب) يمكن أن يمنح الصين تفوقاً عندما سيحدث طلب على مواردها من الاقتصادات التي تضررت، وربما سيكون من الصعب على الدول الغربية منافستها.
- الوضع الحقيقي لتفشّي فيروس الكورونا في روسيا غير واضح، لكن يمكن أن نتوقع أن تتمسك موسكو باستراتيجيا المواجهة التي تميزها، وتشمل حرب معلومات واستغلال فرصة زمن الأزمة وتحويل الانتباه. لقد سبق للرئيس بوتين أن استغل الفرصة لتمديد ولايته حتى سنة 2030. أيضاً قراره فض الشراكة مع أوبك بهدف المس بصناعة الزيت الصخري في الولايات المتحدة وإظهار قدرته على إيذاء الاقتصاد العالمي يمثل استغلالاً للفرصة.
- الأزمة في أوروبا، التي يشتمل سكانها على عدد من كبار السن أكثر مما في أماكن أُخرى في العالم، يمكن أن تؤدي إلى اتساع التصدعات الموجودة في دول القارة (صراع بين يمين راديكالي ويسار اجتماعي، أزمة لاجئين)، وإلى انهيار البنى التنظيمية الضعيفة، وحتى إلى ضعف الأساس الذي يعتمد عليه الاتحاد الأوروبي نفسه ومؤسساته.
المعركة الإقليمية
- حالياً، يبدو أن فرص التصعيد في الشرق الأوسط تراجعت جرّاء انشغال كل اللاعبين الإقليميين بالأزمة. بحسب التقارير الرسمية، تفشّي فيروس الكورونا في دول الشرق الأوسط محدود الحجم، باستثناء إيران. مع ذلك، من المعقول أن التقارير لا تكشف الوضع كما هو، وذروة تفشّي الفيروس في الشرق الأوسط لا تزال أمامنا. علاوة على ذلك، يمكن أن تشكل المنطقة وكراً ملائماً لانتشار خطير للفيروس بسبب الكثافة السكانية الكبيرة في جزء من المدن، وبسبب ملايين اللاجئين والنازحين في المنطقة. هذا الانتشار سيؤدي إلى أزمة إنسانية عميقة واسعة، وإلى تعميق المشكلات الأساسية التي تهدد استقرار الأنظمة.
- بالنسبة إلى إيران، تفشّي الكورونا أصاب النظام في واحدة من فترات الحضيض الأكثر عمقاً بالنسبة إليه. أزمة النفط المستجدة، بالإضافة إلى أوضاع اقتصادية صعبة، الثقة المتدنية كثيراً بالنظام، وإنكاره الأزمة، بالإضافة إلى طريقة تعامله الفاشلة معها - كل ذلك يعمق أزمة الثقة حياله وسط الجمهور.
- احتمال حدوث تصعيد غير مخطَّط له بين إيران والولايات المتحدة تجسّد هذا الأسبوع بعد إطلاق صواريخ على قاعدة أميركية، وهو ما أدى إلى هجوم أميركي على قواعد تابعة للميليشيات [في العراق]. مع ذلك، يبدو في المدى الزمني القريب أن تأثير تفشّي الفيروس في إيران سيلجم سياسة الاستفزاز الإيرانية ويقيدها - سواء في الساحة الإقليمية أم في المجال النووي (إمكان أن تقوم إيران تحت غطاء الأزمة بتسريع تقدمها في المجال النووي موجود، وهذا ما يفرض متابعة واستعداداً، ولو أنه يبدو حتى هذه الساعة ضئيل المعقولية). في المدى الأبعد، بعد عدة أشهر، من المتوقع عودة إيران إلى سياسة الاستفزاز. فيما يتعلق بالمواقف من المفاوضات مع الولايات المتحدة، ما دامت إيران تواجه ضائقة متصاعدة وتخسر أدوات الضغط، فإن سيناريو مجيئها إلى طاولة المحادثات من أجل التوصل إلى اتفاق نووي جديد يبدو ضئيلاً.
- تشكل إيران اليوم "مصدّراً للوباء" بالنسبة إلى الدول التي تدخل ضمن المحور الراديكالي - الشيعي (العراق، وسورية، ولبنان) التي يبدو أن تفشّي الوباء فيها له علاقة بهيئات تواصلت مع وفود من إيران. في لبنان، جرى استخدام الضغط الشعبي لوقف الرحلات على خط بيروت - إيران نظراً إلى الضرر الذي تسببت به هذه الرحلات، ويمكن التقدير أن انعكاس ذلك على تفشّي الفيروس يزيد من عدم الرضا الشعبي الموجود أصلاً تجاه التدخل الإيراني في لبنان (أيضاً الرحلات إلى سورية أُلغيت).
- يحاولون في السلطة الفلسطينية وقطاع غزة، محاكاة طريقة مواجهة إسرائيل لتفشّي الفيروس، وفرضت السلطات قيوداً صارمة بشكل خاص في محاولة احتوائه. تجسد الأزمة أهمية سلطة فلسطينية قوية وفاعلة. ومن دون سيطرة فعالة للسلطة على الوضع، فإن تفشّي فيروس الكورونا يمكن أن ينزلق إلى إسرائيل. تشديد القيود على المعابر بين إسرائيل ومناطق السلطة (منع دخول عمال فلسطينيين وانتقال بضائع) التي ستستمر أكثر من شهرين، يمكن أن يخلق أزمة اقتصادية خطيرة تتسبب بالانهيار الاقتصادي للسلطة وفوضى خطيرة في الضفة الغربية.
- لذلك من المهم أن تدفع إسرائيل قدماً بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، ومع الدول التي عقدت معها اتفاقات سلام - مصر والأردن- من خلال تعاون علمي طبي، وتأمين معدات ومستلزمات طبية، وتنسيق أنظمة الحدود والتنقل على المعابر.
- الهدوء النسبي على الحدود مع قطاع غزة في الأيام الأخيرة ناجم عن تركيز "حماس" على محاولتها منع تفشّي الفيروس، وعن التسهيلات الواسعة التي اتخذتها إسرائيل. تقليص التسهيلات أو حجم التعاون في مجال محاربة الفيروس، يمكن أن ينهي الهدوء الأمني ويزيد من معقولية حدوث تصعيد وتجدد الاضطرابات على السياج في القطاع.
إسرائيل
- التضافر الخاص بإسرائيل، بين الأزمة السياسية وازدياد التحديات الأمنية ووضع بداية العجز المالي، وبين تفشي الكورونا، إشكالي جداً. أظهر النقاش أن إسرائيل يمكن أن تجد نفسها في مواجهة السيناريوهات التالية:
- "دولة تعاني أنفلونزا" (سيناريو متفائل) - وفقاً لهذا السيناريو، ستتباطأ في الربيع وتيرة العدوى بصورة كبيرة، وسيصل عدد المرضى في البلد إلى المئات، وستسجَّل حالات وفاة متفرقة؛ الفيروس يجري احتواؤه أيضاً في الصين، وفي أغلبية الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة، بحيث تنحصر القيود والعزل فقط في الدول التي يتفشى فيها بصورة كبيرة؛ تعود العلاقات التجارية والاقتصادية ببطء إلى مساراتها، وينتعش قطاعا السياحة والسفر. في مثل هذا السيناريو، سيحدث انخفاض محدود، بين 0.5 إلى 1% في الناتج المحلي، ومع ذلك سيبقى النمو السنوي بمعدل نحو 2%.
- "دولة في منع تجول" أو "دولة مريضة" - هذان السيناريوهان منفصلان، المشترك بينهما هو أن الأزمة لن تنتهي خلال النصف القادم من السنة، والناتج المحلي سيتضرر بصورة كبيرة، وسيكون النمو السنوي سلبياً. لكن هناك فارقاً بينهما في طريقة معالجة الدولة للأزمة - من خلال مواصلة إجراءات عزل مشددة، وحتى إغلاق (كما في إيطاليا)، أو محاولة العودة إلى النشاط الاعتيادي في الاقتصاد مع مواجهة انتشار جماعي. ثمة سيناريو أكثر خطراً هو "دولة منهارة" - فقدان السيطرة على الفيروس، الذي سيؤدي إلى انهيار الخدمات وفقدان الثقة بالحكومة والسلطات.
- التحديات التي تواجه الجيش الإسرائيلي في الوضع الحالي هي - أولاً، المحافظة على جهوزية وصحة الجنود، بصورة تسمح بتقديم رد على التحديات الأمنية؛ المساهمة في مساعدة الجهاز المدني الذي يبدو أنه يحتاج إلى مثل هذه المساعدة ما دامت الأزمة مستمرة؛ المحافظة على الأهلية والدفع قدماً بعملية بناء القوة في الأوضاع الجديدة.
- في هذا السياق، جرى الحديث عن حاجة الجيش الإسرائيلي إلى خطة متعددة السنوات لبناء القوة، لكن كان هناك إجماع واسع نسبياً على أنه ثمة شك في أن يوجد تمويل لتحقيق الخطة المتعددة السنوات التي بلورها رئيس الأركان أفيف كوخافي ("تنوفا"). وهذا الإدراك ناجم عن ضرورة تخصيص موارد لمجالات أُخرى (في الأساس، الصحة وإعادة بناء الاقتصاد).
- الطلب من المؤسسة الأمنية المشاركة في المعركة المدنية ضد تفشّي الكورونا تفرضه السمات الخاصة لإسرائيل، وهو يتطلب تغييراً في نظرة الجيش الإسرائيلي والتنظيمات الأمنية الأُخرى. مع ذلك، برز في النقاش أيضاً رأي يرى أن هذه الخطوة يمكن أن يتبين أنها خطوة خاطئة بسبب المدة الزمنية غير المعروفة لاستمرار الفيروس (التي يمكن التوقّع أنها طويلة نسبياً)، التي سيجرى خلالها تحويل اهتمام هذه التنظيمات عن مهماتها الأساسية. يبدو أن المطلوب في هذا الشأن توازن معقد، يأخذ في الاعتبار حاجة تنظيمات الأمن إلى المحافظة على جهوزيتها الأساسية خلال تفشّي الفيروس.
- بالنسبة إلى الفرص، يمكن أن نرى في الأزمة نوعاً من "تدريب" يحاكي حالة طوارىء وطنية، ويسمح بفحص وتحقيق آليات لزيادة المناعة الاجتماعية والوطنية، بواسطة استخدام مجموعات مدنية، والعمل عن بعد من خلال الانترنت، ومواجهة الأعباء في المستشفيات.