مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قالت مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى إن الجيش الإسرائيلي قرر استمرار رفع حالة التأهب في منطقة الحدود مع لبنان إلى الدرجة القصوى خشية قيام حزب الله بالرد على مقتل أحد ناشطيه في سورية قبل أكثر من أسبوعين، وذلك على الرغم من التقديرات السائدة لدى قيادة الجيش بأن احتمالات قيام الحزب برد كهذا باتت ضئيلة الآن على خلفية تداعيات الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت.
وأضافت هذه المصادر نفسها أن قرار الجيش الإسرائيلي هذا جاء في إثر تقييمات أمنية جرت أمس (الخميس) وشارك فيها رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال أفيف كوخافي وضباط هيئة الأركان.
وكانت تقارير إعلامية نقلت أول أمس (الأربعاء) عن مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى قولها إن التقديرات السائدة لدى قيادة الجيش تشير إلى أن الكارثة التي حلت ببيروت جرّاء الانفجار في مرفأ المدينة قللت كثيراً من دوافع حزب الله وقدرته على التحرك لتنفيذ عملية ضد أهداف إسرائيلية خلال الفترة الراهنة.
كما أشارت التقارير نفسها إلى أن الحكومة الإسرائيلية حاولت استغلال الانفجار لتقليل حدة التوتر في منطقة الحدود، حيث سارع عدد من كبار المسؤولين الحكوميين بعد دقائق معدودة من الانفجار إلى نفي أي مسؤولية إسرائيلية عنه، كما عرض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تقديم مساعدات طبية إلى الحكومة اللبنانية.
ذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن طائرة مقاتلة وطائرة مسيّرة من دون طيار قامتا الليلة الماضية بشن غارات ضد بنية تحتية تابعة لحركة "حماس" في شمال قطاع غزة، وذلك رداً على إطلاق بالونات حارقة من القطاع في اتجاه إسرائيل خلال ساعات نهار أمس (الخميس).
وأضاف البيان أن إطلاق البالونات الحارقة جاء بعد فترة هدوء في منطقة الحدود مع قطاع غزة استمرت شهرين، وتسبب باندلاع حرائق في منطقة النقب الغربي المحاذية للقطاع.
أكد رؤساء أحزاب اليهود الحريديم [المتشددون دينياً] أنهم يعارضون بصورة مطلقة إجراء جولة انتخابات أُخرى في هذه الفترة، وأنهم لن يتعاونوا مع أي مبادرة لتبكير موعد هذه الانتخابات.
وجاء هذا التأكيد في ختام اجتماع عقده وزير الداخلية آرييه درعي رئيس حزب شاس، ووزير البناء والإسكان يعقوب ليتسمان رئيس كتلة يهدوت هتوراه، ورئيس لجنة المالية البرلمانية عضو الكنيست موشيه غفني من ديغل هتوراه في بني براك [وسط إسرائيل] أمس (الخميس).
وقرر المجتمعون أن يوجه رؤساء أحزاب الحريديم رسالة إلى كل من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس الحكومة البديل بني غانتس [رئيس أزرق أبيض] يحثونهما فيها على إقرار ميزانية عامة للدولة على عجل كي يتم التركيز على التعامل مع التحديات الصحية والاقتصادية الناجمة عن أزمة فيروس كورونا، مشددين على أنهم سيعملون بكل ما لديهم من نفوذ لتفادي الذهاب إلى انتخابات جديدة.
وتعقيباً على ذلك، قال حزب أزرق أبيض في بيان صادر عنه، إن مواطني إسرائيل لن يغفروا لمن سيجر الدولة إلى انتخابات في حالة طوارئ صحية واقتصادية، وأكد أن رؤساء الأحزاب الحريدية على حق عندما يطالبون بإقرار مشروع ميزانية الدولة على عجل كما يوصي كبار الخبراء الاقتصاديين.
أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس أن المعهد البيولوجي في نس تسيونا [وسط إسرائيل] سيبدأ الشهر المقبل بإجراء تجارب على البشر للقاح ضد فيروس كورونا تم تطويره في المعهد.
وقال غانتس في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام خلال زيارة قام بها إلى المعهد أمس (الخميس)، إن التجارب الأولية للقاح تكللت بالنجاح وتشكل بشرى سارة ومبعثاً كبيراً للأمل. وأضاف أن التجارب على البشر ستُجرى بالتنسيق مع وزارة الصحة ووفقاً لكافة المعايير من حيث الأمان وسلامة الأشخاص الذين يتطوعون للتجارب.
وأكد رئيس المعهد البروفيسور شموئيل شابيرا أن المعهد طوّر لقاحاً ناجعاً وممتازاً ضد الفيروس الفتاك بفضل الدعم من طرف وزارة الدفاع وديوان رئاسة الحكومة.
يشار إلى أن هناك عدة دول في العالم تقوم بتطوير مراحل أخيرة من تصنيع لقاح ضد فيروس كورونا، ومنها الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا والبرازيل. وأفيد أن اللقاح الذي قامت بتطويره شركة "أسترا زينيكا" بالتعاون مع جامعة أكسفورد البريطانية موجود هو الآخر في مرحلة اختباره على البشر وأن الشركة بدأت بإنتاجه بكميات كبيرة.
من ناحية أُخرى قال المنسق العام لمكافحة فيروس كورونا في إسرائيل البروفيسور روني غامزو في سياق إحاطة للصحافيين عبر الإنترنت أمس، إن معدلات الإصابة بالفيروس في إسرائيل هي الأعلى في العالم، وحذّر من أن البلد قد يواجه إغلاقاً كاملاً في حال عدم النجاح في تقليص عدد الإصابات اليومية إلى المئات بحلول الأول من أيلول/سبتمبر المقبل.
وقال غامزو إن إسرائيل لديها أعلى معدل إصابة في العالم بالنسبة إلى الفرد الواحد وأكد أنه لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر. وأشار إلى أن هدف الحكومة الإسرائيلية هو تقليص معدلات الإصابة بالمرض إلى مئات المرضى قبل أيلول/سبتمبر المقبل، وأضاف أن هذه مهمة صعبة للغاية، لكن هذا هو الهدف وهو مهم ليس للوضع الصحي فقط، وإنما أيضاً للاقتصاد.
ودافع غامزو عن قرار الحكومة عدم فرض الإغلاق في الوقت الحالي، لكنه في الوقت عينه أشار إلى أنه في حال عدم تسجيل هبوط في عدد الحالات اليومية بحلول الأول من الشهر المقبل، فلن يكون لإسرائيل خيار سوى إعادة فرض الإغلاق.
وأعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية مساء أمس أن مجمل الإصابات بفيروس كورونا منذ بداية الأزمة في إسرائيل بلغ 79.559 إصابة، وأن عدد الإصابات النشطة ارتفع إلى 36.132، كما تم تسجيل 1751 إصابة جديدة بالفيروس خلال الساعات الـ24 الماضية.
وأضافت الوزارة أن حصيلة الوفيات منذ بداية تفشي هذا الفيروس في إسرائيل ارتفعت إلى 576 وفاة، في حين أن عدد حالات الإصابات الخطرة ارتفع إلى 345 حالة تم ربط 100 منها بأجهزة التنفس الاصطناعي.
أظهر استطلاعان للرأي العام أجرتهما قناتا التلفزة الإسرائيليتان 13 وكان [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] أمس (الخميس)، أنه في حال إجراء الانتخابات العامة للكنيست الـ24 الآن ستتراجع قوة حزب الليكود على الرغم من تصدّره بفارق كبير عن أقرب منافسيه.
وحصل الليكود برئاسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في استطلاعي القناتين على 30 مقعداً، في حين أن قوته وصلت إلى أكثر من 40 مقعداً خلال ذروة الموجة الأولى من تفشي فيروس كورونا.
كما أظهر الاستطلاعان ازدياداً كبيراً في قوة قائمة "يمينا" بزعامة عضو الكنيست نفتالي بينت المكونة من حزب اليمين الجديد برئاسة بينت، وحزب البيت اليهودي برئاسة رافي بيرتس، وحزب الاتحاد القومي برئاسة بتسلئيل سموتريش والممثلة في الكنيست الحالي بـ5 مقاعد، وفي قوة تحالف "يوجد مستقبل- تلم" بزعامة عضو الكنيست يائير لبيد.
وحصلت "يمينا" في استطلاع قناة 13 على 19 مقعداً، وفي استطلاع قناة "كان" على 15 مقعداً، بينما حصل تحالف "يوجد مستقبل – تلم" على 17 مقعداً في استطلاعي القناتين.
وحصلت القائمة المشتركة في الاستطلاعين على 16 مقعداً، في حين تراجعت قائمة أزرق أبيض بزعامة وزير الدفاع ورئيس الحكومة البديل بني غانتس إلى 12 مقعداً في الاستطلاعين.
وجاءت نتائج باقي الأحزاب على النحو الآتي: "إسرائيل بيتنا" بزعامة عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان 7 مقاعد في الاستطلاعين؛ حزب يهدوت هتوراه لليهود الحريديم [المتشددون دينياً] 8 مقاعد في الاستطلاعين؛ ميرتس 6 مقاعد في الاستطلاعين؛ حزب شاس الحريدي 9 مقاعد في الاستطلاعين.
ووفقاً للاستطلاعين، لن تتمكن قوائم أحزاب العمل و"غيشر" و"عوتسما يهوديت" [قوة يهودية] من أتباع الحاخام مئير كهانا من تجاوز نسبة الحسم (3.25%).
- مبادرة بلدية تل أبيب إلى إنارة مبنى البلدية بألوان العلم اللبناني تضامناً مع الشعب اللبناني، بعد الانفجار في مرفأ بيروت، تستحق كل ثناء. كذلك أيضاً رسائل العزاء التي أرسلها رئيس الدولة رؤوفين ريفلين، والمساعدة التي اقترحها وزير الدفاع بني غانتس ووزير الخارجية غابي أشكينازي. وكما أحسن التعبير عنه رئيس بلدية تل أبيب رون خولداي: "الإنسانية تأتي قبل أي نزاع."
- لكن بالنسبة إلى جزء من أفراد الجمهور الإسرائيلي، ليس فقط الإنسانية لا تتقدم على أي نزاع، بل في كل مرة تظهر فيها مبادرة تسعى للتقليل من الكراهية الكبيرة بين إسرائيل وجيرانها، يشعر هؤلاء برغبة لا يمكنهم السيطرة عليها في الكشف عن وجهة نظرهم البدائية.
- هوية المشاركين في المسيرة الظلامية ليست مفاجئة. بالإضافة إلى عضو الكنيست السابق موشيه فايغلين الذي وصف الانفجار بأنه "مشهد بتروكيميائي مذهل"، مرة أُخرى هناك عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، العنصري، القومي اليهودي، والذي عاد إلى المصادر التوراتية ليذكّرنا بأن "مَن يترحّم على من قست قلوبهم سينتهي بالقسوة على الراحمين." (صفة اليهود بحسب التلمود). ما العلاقة بين عشرات القتلى وآلاف الجرحى، جزء منهم من الأطفال، وبين "الظالمين" الذين يشكو منهم سموتريتش؟
- بدلاً من أن يظهرا قدراً قليلاً من الأخلاقية، يكشف سموتريتش وفايغلين عن عالمهما الداخلي الظلامي المشوش كممثلين للجمهور.
- مرجعية يهودية أُخرى في موضوع الأخلاق، هذه المرة برتبة وزير، هو رافي بيرتس [من حزب يمينا] الذي تفضّل بطيبة قلبه بالموافقة على تقديم "مساعدة إنسانية"، لكنه أوضح أن "رفع علم دولة معادية في قلب تل أبيب هو اضطراب أخلاقي." بيرتس مثل شريكته في وجهة النظر المشوهة هذه أييليت شاكيد التي كتبت: "في دولة طبيعية، كان يجب إضاءة بلدية تل أبيب باللون البرتقالي في ذكرى طرد [المستوطنين] من غوش كطيف [تذكيراً باقتلاع المستوطنات اليهودية من قطاع غزة بعد قرار الانسحاب من القطاع سنة 2005]، وبدلاً من ذلك، رأينا علم دولة معادية. رأيت عالماً انقلبت فيه المقاييس."
- بيْد أن الأمر الوحيد غير الطبيعي هو حقيقة أن أشخاصاً مثل بيرتس، وشاكيد، وفايغلين وسموتريتش، لا يزالون وزراء وأعضاء كنيست في إسرائيل؛ وصوتهم الظلامي والعنصري يحظى بشرعية في الحديث الإسرائيلي، بينما أصوات عاقلة لا تعتبر مواطني لبنان أعداء وتريد مساعدتهم في محنتهم، تُعتبر "يساراً واهماً". إذا كانت هذه هي "الدولة الطبيعية" التي تحلم بها شاكيد، فإنها وزملاءها يثيرون الاشمئزاز.
- يمكن من الآن الإشارة إلى حقيقتين: الأولى - انفجار المخزن الذي كان يحتوي على 2750 طناً من الأمونيوم هو نتيجة حادثة وليس انفجاراً مدبراً ومقصوداً... الحقيقة الثانية، هي أن لا علاقة لإسرائيل بالكارثة بأي صورة من الصور. هذه الحقيقة لا تعتمد فقط على التصريحات العلنية لرئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الدولة، بل أيضاً على أسلوب عمل إسرائيل في عملياتها السرية والعلنية
- في إطار المعركة بين الحروب التي يخوضها الجيش الإسرائيلي، وأيضاً في عمليات الموساد، هناك دائماً حرص كبير على منع إلحاق الأذى بالبيئة، وفي الأساس بالمدنيين الذين لا علاقة لهم. وفي معظم عملياتها تحاول إسرائيل على عدم مهاجمة نشطاء إيرانيين أو نشطاء تنظيمات فلسطينية وتذهب إلى تدمير منشآت أو مخازن للسلاح.
- السبب هو أن الخسائر البشرية وإلحاق الضرر بالنشاط المدني يخلقان حافزاً للانتقام يمكن أن يؤدي إلى تصعيد، وإسرائيل كمبدأ استراتيجي ليست معنية بالتصعيد.
- صحيح أن من مصلحة إسرائيل ضرب مخازن سلاح وورش تحسين دقّة صواريخ حزب الله في لبنان، لكن في مرفأ بيروت حيث توجد أطراف أجنبية كثيرة، بحسب المعلومات التي لدي، لا يوجد مثل هذه المنشآت للحزب، وحتى لو وُجدت، وأيضاً تدميرها لا ينفّذ بواسطة إشعال حريق.
- من الممكن الافتراض أن مواطني لبنان سيتعافون من الصدمة، لكن ليس من المتوقع أن يغير ذلك الوضع في بلدهم بصورة جوهرية، والذي كان يائساً قبل الكارثة. سكان بيروت الذين سيكونون مشغولين حالياً في إيجاد حل لمساكنهم وإنقاذ ما تبقى من أملاكهم، لن يكون لديهم لأسابيع طويلة الوقت للتظاهر ضد الحكومة.
- بصورة مفاجئة، من المحتمل جداً أن تحسّن الكارثة الوضع الاقتصادي في لبنان، لأن البنك الدولي ودولاً أجنبية وعلى رأسها فرنسا تعهدت بتقديم المساعدة له، لكنهم امتنعوا حتى الآن بسبب العقوبات الأميركية، وبسبب الادعاء أن الحكومة فاسدة ولا تعمل كما يجب ويسيطر عليها حزب الله. من المعقول الافتراض أنه بعد الكارثة ستوافق الدول المانحة بقيادة فرنسا على المساعدة التي طلبها لبنان ووعد بها الرئيس الفرنسي، والمقصود 11 مليار دولار.
- الأميركيون الذين عارضوا أن يقدم صندوق النقد الدولي مساعدة إلى لبنان، ربما سيتخلّون عن معارضتهم بعد الكارثة. إذا حدث ذلك، ومن المعقول أن يحدث، فإن هذا سينقذ لبنان من الإفلاس الاقتصادي الذي يعانيه حالياً، ويسمح له بالحصول على عملة أجنبية يستورد بها أموراً أُخرى. للمفارقة، من المحتمل بعد الكارثة أن يختار لبنان التقرب مجدداً من الغرب والانفصال إلى حد ما عن التأثير الإيراني، لأن حزب الله لا يستطيع معارضة الحصول على مساعدة غربية.
- سيحرص حزب الله بعد الكارثة على أن يثبت أنه "درع لبنان"، وسيستخدم كل القدرات الطبية والتنظيمية لديه، والتي راكمها لمواجهة حرب مع إسرائيل، لتقديم مساعدة فورية طبية لوجستية وحتى اقتصادية للمصابين. في وضع كهذا، حيث لا يزال لبنان مصدوماً ويعمل على مداواة جراحه، من المعقول الافتراض أن يصل الحزب وزعيمه إلى الاستنتاج أن هذا ليس هو الوقت لصدام مع إسرائيل من خلال عملية انتقامية أعد لها رداً على مقتل أحد ناشطيه في سورية.
- صحيح أن لبنان خاضع لسيطرة حزب الله، لكن الطائفة الشيعية، وفي الأساس في القرى في الجنوب اللبناني، لن تسامح نصر الله إذا ورطها في مواجهة كبيرة مع إسرائيل.
- من المهم في هذا السياق الإشارة إلى أنه على الرغم من أن الحزب لن ينفذ هجوماً انتقامياً في هذا الوقت، يجب على إسرائيل الاستمرار في استعداداتها وحالة التأهب لمواجهة مثل هذا الهجوم إلى أن يتضح بواسطة معلومات استخباراتية، أو من خلال إعلان من نصر الله أن حزب الله لا ينوي تنفيذ هجوم في هذه الفترة.
- الذي يمكن أن يربح في الوضع الحالي هي بالذات إيران التي اقترحت تقديم مساعدة إلى لبنان. هذه المساعدة ستصل عن طريق الجو أو بواسطة بواخر، من المحتمل أيضاً أن تشمل مكونات لتحسين دقة الصواريخ التي تحاول إيران نقلها إلى لبنان ولم تنجح بالطرق العادية عن طريق سورية أو عن طريق الجو.
- فيما يتعلق بالأميركيين، دونالد ترامب اقترح مساعدة لبنان، لكن الرئيس الأميركي العديم المسؤولية والمهووس بإشعال الحرائق - ليس هناك كلمة تصف الضرر الذي سببه عندما قال: "يمكن أن يكون هجوماً نُفّذ بواسطة قنبلة"، كلام ترامب هذا الذي استند إلى جنرالات مجهولين لا أحد يعرف أسماءهم، يلقي ضمناً المسؤولية على إسرائيل ويطرح علامة استفهام كبيرة فوق إعلان إسرائيل القاطع أن لا علاقة لها بما حدث.
- في الحقيقة لم ينطق ترامب صراحة باسم إسرائيل، لكنه يعرف أن إسرائيل حليفته، وفي الماضي أتت أغلبية المعلومات عن العمليات السرية للجيش الإسرائيلي والموساد من مصادر أميركية في الولايات المتحدة، وليس مباشرة من إسرائيل. ترامب تسبب بضرر لا يقدّر لدولة إسرائيل بملاحظته المتسرعة التي لا أساس لها. مصادر أميركية قالت بصراحة لوسائل الإعلام الأميركية إنها لا تعرف على أي أساس اعتمد ترامب بقوله المتسرع الذي تسبب لإسرائيل بأضرار جسيمة، سواء في الساحة الشرق الأوسطية أم في العالم.
- لا يمكن الحديث عن كارثة بهذا الحجم كالتي حدثت في بيروت من دون التفكير فيما قد يحدث لو جرى هذا عندنا. الجواب هو أن معقولية حدوث هذا، مثلاً في منطقة المصانع البترو كيميائية في حيفا، أقل مما عليه الأمر في بيروت.
- كانت التقديرات السائدة لدى أجهزة الاستخبارات في إسرائيل حتى وقوع الانفجار الكبير في مرفأ بيروت تشير إلى أن حزب الله سيقوم بتنفيذ عملية رد أُخرى ضد جنود الجيش الإسرائيلي، وأن الحساب مع هذه الأخيرة لا يزال مفتوحاً. لكن أصداء الانفجار التي وصلت إلى منطقة الحدود غيرت هذه التقديرات. والآن يبدو أن أي عملية عسكرية لحزب الله تؤدي إلى تصعيد في مقابل إسرائيل هي بمثابة انتحار سياسي لهذا الحزب الذي يعتبر نفسه درعاً واقياً للبنان.
- وعلى الرغم من ذلك، قرر رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي الاستمرار في رفع حالة التأهب في منطقة الحدود مع لبنان إلى الدرجة القصوى إلى حين اتضاح الصورة بشكل نهائي.
- وتدل تجربة الماضي على أنه عندما يواجه حزب الله ضائقة كبرى في بلده، فإنه يحاول التحرّر من الضغط الذي يُوجّه إليه بواسطة الاحتكاك بإسرائيل. ويبدو مثل هذا الاحتمال هذه المرة غير منطقي، لكن الواقع في الشرق الأوسط لديه قواعد خاصة به لا يمكن التكهن بها.
- من السابق لأوانه تقدير التداعيات التي ستترتب على هذه الكارثة الكبيرة بالنسبة إلى السياسة الداخلية واستقرار السلطة في لبنان، لكنها لا تحدث في فراغ. فضلاً عن ذلك، فإن التقصير الكبير الذي تسبب بوقوع الكارثة آخذ في الاتضاح شيئاً فشيئاً، وسيكون من الصعب على السلطة اللبنانية الفاشلة أن تنزع المسؤولية عن نفسها. وهذا ينطبق على حزب الله أيضاً الذي يرى كثيرون أنه هو الذي يدير الحكومة وفعلياً يدير لبنان أيضاً.
- ووفقاً للتقديرات الاستخباراتية الأولية في إسرائيل، فإن الكارثة سيكون لها تداعيات على مكانة حزب الله في لبنان.
- في السنوات الأخيرة، وإلى جانب حقيقة أن إسرائيل تخوض معركة ضد التموضع العسكري الإيراني في سورية، فإنها تخوض معركة أُخرى ضد تعاظم قوة حزب الله، وضد مشروع صواريخه الدقيقة. وبالنسبة إلى القدس، يُعتبر هذا المشروع الأخير خطاً أحمر. وفي الأشهر الأخيرة يدور في أروقة المؤسستين السياسية والأمنية جدل عميق بشأن ما إذا كانت الفترة الحالية تنطوي على فرصة سانحة للعمل بصورة أكثر قسوة ضد الحزب الموجود في إحدى فترات حضيضه، ولو بثمن اندلاع حرب. ويمكن القول إن حقيقة أن إسرائيل اختارت أن تحتوي الحادث في هار دوف [مزارع شبعا] وتمكين الخلية التي حاولت التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية من العودة إلى الأراضي اللبنانية، تعبر عن القرار الذي تم اتخاذه وفحواه عدم الذهاب في الاتجاه المذكور. غير أن موضوع استغلال هذه الفرصة سيظل مدرجاً في جدول الأعمال طالما استمر حزب الله في التقدم نحو تحقيق أهدافه وامتلاك صواريخ دقيقة.
- ولا بد من الإشارة إلى أن إسرائيل ضاعفت في السنتين الأخيرتين جهودها الإعلامية الموجهة إلى المواطنين في لبنان، والتي هدفت إلى أن توضح لهم أنه في حال نشوب حرب مع حزب الله، فإن كل مستودعات الأسلحة القائمة في أوساط تجمعات سكانية ستكون عرضة لهجمات سلاح الجو، وهو ما قد يتسبب بدمار هائل. ويأملون في إسرائيل بعد الانفجار في مرفأ بيروت بأن يتصاعد الضغط الذي يمارسه المواطنون على حزب الله. لكن في الواقع ما يحدث في السنوات الأخيرة هو العكس، فحكومة لبنان ليست قادرة على مواجهة حزب الله الذي يمتلك قوة عسكرية أكبر كثيراً من قوة الجيش اللبناني الذي تحول في مناطق عديدة من الدولة إلى جيش دمى.
- إن الجهود الدبلوماسية الرامية إلى كبح قوة حزب الله يجب أن تضطلع بها دول مثل الولايات المتحدة بواسطة رهن المساعدات بتحسين العمليات الداخلية في لبنان. وفي مقابل ذلك من الأفضل لإسرائيل أن تحافظ على نبرة هادئة، ويتعيّن عليها كذلك أن تحذر في الفترة المقبلة من ارتكاب أي أخطاء يمكن أن تخدم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ومحاولاته المتوقعة لصرف الضغوط الداخلية الموجهة إليه في اتجاه إسرائيل.