مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أكد رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي أن الجيش سيستمر في العمل بكل القوة المطلوبة ضد التموضع العسكري الإيراني في سورية ومن أجل الحفاظ على جهوزية كاملة ضد أي محاولة عدوانية تستهدف أمن إسرائيل وسكانها.
وجاءت أقوال كوخافي هذه خلال جولة تفقدية قام بها أمس (الأحد) على فرقة "الجولان" العسكرية في منطقة الحدود مع سورية في هضبة الجولان، وذلك على خلفية عملية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة يوم الجمعة الفائت.
وأجرى كوخافي تقييماً عاماً للوضع الأمني بمشاركة قائد المنطقة العسكرية الشمالية وقائد فرقة "الجولان" وقادة عسكريين آخرين. بالإضافة إلى ذلك قام بجولة ميدانية للاطلاع على جهوزية الجيش الإسرائيلي حيال كافة السيناريوهات في منطقة الحدود مع سورية، وقال في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام: "جئت إلى هنا لأتابع عن كثب آخر مستجدات الوضع الأمني، ولا سيما فيما يتعلق بالتموضع العسكري الإيراني في سورية، وبهدف توجيه الشكر والتقدير إلى كل من ساهم واشترك في النشاط المركز والناجح في كشف حقل العبوات الناسفة قبل عشرة أيام بالقرب من منطقة الحدود، والذي أدى إلى قيامنا بتوجيه ضربة عسكرية ضد مواقع إيرانية وسورية على حد سواء."
من ناحية أُخرى نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أمس عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى وصفته بأنه أدى دوراً كبيراً في عمليات تعقّب العالِم الإيراني المذكور على مدى السنوات الماضية، قوله إن إسرائيل تواصل العمل ضد البرنامج النووي الإيراني وفقاً لما تقتضيه الضرورة.
وأضاف هذا المسؤول أن أطماع إيران النووية التي دفع فخري زادة بها قدماً أوجدت نوعاً من التهديد، وأكد أنه يجب على دول العالم أجمع أن تشكر إسرائيل على ما قامت به من أجل إزالة هذا التهديد.
واتخذت إسرائيل منذ يوم الجمعة الفائت إجراءات واسعة في سفاراتها في العالم بعد اغتيال فخري زادة واحتمال قيام إيران بعملية انتقام.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني وجّه صباح أول أمس (السبت) التهمة رسمياً إلى إسرائيل باغتيال فخري زادة، واعتبر اغتياله بمثابة خسارة فادحة، وأكد أن إيران ستثأر لمقتله في الوقت المناسب.
ونقلت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 عن مصدر استخباراتي غربي رفيع المستوى قوله إن اغتيال فخري زادة هو فرصة أخيرة قبل دخول جو بايدن إلى البيت الأبيض والعودة إلى الاتفاق النووي الذي يمنح الإيرانيين حصانة. وأضاف المصدر نفسه أن القضاء على فخري زادة هو تتويج لخطة إسرائيل الاستراتيجية الطويلة الأمد، الرامية إلى تخريب البرنامج النووي الإيراني.
كما نقلت قناة التلفزة نفسها عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى رفض الكشف عن هويته قوله إن من دون فخري زادة سيكون من الصعب للغاية على إيران أن تتقدم في برنامجها النووي العسكري.
واغتيل العالِم النووي الإيراني محسن فخري زادة يوم الجمعة الفائت بتفجير وإطلاق نار على سيارته في إحدى ضواحي طهران. واتهم مسؤولون إيرانيون إسرائيل بالوقوف وراء الاغتيال، بينما توعّد الحرس الثوري الإيراني برد قاس.
وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلاً عن ثلاثة مسؤولين استخباراتيين لم تذكر أسماءهم، أن إسرائيل هي المسؤولة عن اغتيال فخري زادة، وأشاروا إلى أن إسرائيل ومسؤولي استخبارات غربية سبقوا أن حددوه باعتباره الشخصية الرئيسية في برنامج التسلح النووي الإيراني.
وأضافت الصحيفة الأميركية أنه لم يتضح بعد مدى معرفة واشنطن بعملية الاغتيال، لكنها في الوقت عينه أشارت إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة تعملان معاً عن كثب بشأن كل القضايا المتعلقة بإيران.
وامتنعت إسرائيل من التعليق على الفور على عملية الاغتيال. وبحسب قناة التلفزة 12، لم يكن فخري زادة أب البرنامج النووي الإيراني فحسب، بل أيضاً كان مصمماً على ضمان تسليم القنبلة النووية لنظام آيات الله، وخبيراً في الصواريخ البالستية، وشارك عن كثب في تطوير الصواريخ الإيرانية.
ويأتي اغتيال فخري زادة قبل أقل من شهرين من تولي جو بايدن منصبه كرئيس للولايات المتحدة. وكان بايدن قد وعد بالعودة إلى الدبلوماسية مع إيران بعد أربع سنوات شهدت سياسة صارمة في عهد الرئيس دونالد ترامب الذي انسحب من الاتفاق النووي المبرَم مع إيران سنة 2015، وبدأ بإعادة فرض عقوبات شديدة على طهران.
واكتفى ترامب يوم الجمعة بإعادة نشر تغريدة كتبها محلل الشؤون الأمنية الإسرائيلية يوسي ميلمان بشأن عملية الاغتيال في حسابه الخاص على موقع "تويتر"، واصفاً إياها بأنها تشكّل ضربة نفسية ومهنية كبيرة لإيران.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أكد سنة 2018 أن فخري زادة واصل قيادة جهود إيران من أجل التزود بأسلحة نووية على الرغم من الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه سنة 2015 ويهدف إلى منع طهران من تصنيع مثل هذه الأسلحة.
قال مسؤولون في الإدارة الأميركية إن مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنير سيقوم هذا الأسبوع بزيارة خاصة إلى السعودية، وربما إلى قطر أيضاً، وذلك بعد أسبوع من نشر تقارير أفادت بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عقد اجتماعاً مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مدينة نيوم السعودية بمشاركة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ورئيس جهاز الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين.
وأضاف هؤلاء المسؤولون الأميركيون أن كوشنير سيقوم بزيارة السعودية وقطر في محاولة أخيرة للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الأزمة بين هاتين الدولتين، وأيضاً استمراراً للدفع قدماً بعمليات التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج. ومن المتوقع أن يجتمع كوشنير بكل من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.
وأكد المسؤولون الأميركيون أن انتهاء الأزمة بين قطر ودول الخليج يعيد الوحدة بينها، ويزيد من الاستقرار في المنطقة، ويساهم في إبرام اتفاقيات تطبيع جديدة بين إسرائيل والدول العربية، وسيشكل هذا إنجازاً لإدارة ترامب وكوشنير قبل انتهاء ولاية الرئيس الأميركي الحالي يوم 20 كانون الثاني/يناير 2021.
وسيرافق كوشنير في هذه الزيارة كلّ من المبعوث الخاص للبيت الأبيض آفي بركوفيتش، ورئيس مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأميركية آدم بوهلر، والمبعوث الأميركي للشأن الإيراني برايان هوك الذي بذل جهوداً لحل الأزمة الخليجية على مرّ السنوات الأخيرة.
حذّر مسؤولون أمنيون إسرائيليون من احتمال قيام الإيرانيين بمحاولة استهداف إسرائيليين لدى زياراتهم في الإمارات العربية المتحدة والبحرين، وذلك في إثر عملية اغتيال العالِم النووي الإيراني محسن فخري زادة التي نُسبت إلى إسرائيل وتسببت بإطلاق تهديدات إيرانية ضدها.
وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 الليلة الماضية أنه تم في الأيام الأخيرة رفع مستوى الجهوزية الأمنية إلى الدرجة القصوى في إسرائيل وفي الممثليات الدبلوماسية حول العالم، وأشارت إلى أنه في ظل المخاوف من محاولات الاعتداء على إسرائيليين في الإمارات العربية المتحدة بدأت الأجهزة الأمنية باتخاذ إجراءات تهدف إلى حماية الإسرائيليين الذين يزورون أبو ظبي، كما أُقيم جهاز مشترك مع الإماراتيين بهدف ضمان أمن الإسرائيليين الذي يقضون عطلتهم في دبي وأبو ظبي.
أكد رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان أن عملية التطبيع مع إسرائيل ستستمر، وأنه لا علاقة بين ذلك وبين استبدال الإدارة الأميركية، وشدّد على أن السلام سيكون مع إسرائيل وليس مع الولايات المتحدة.
وأضاف البرهان في سياق مقابلة أجرتها معه صحيفة "الشروق" المصرية ونُشرت أمس (الأحد)، أنه يتوقع أن تستمر عمليتا إنشاء علاقات وثيقة مع إسرائيل وشطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في عهد الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي المنتخَب جو بايدن.
وقال البرهان: "بالتأكيد ليس هناك ما يثير القلق [فيما يتعلق بمجيء رئيس ديمقراطي إلى البيت الأبيض]، فأميركا دولة مؤسسات وفي دولة المؤسسات العقود تُحترم، وأميركا من الداعمين للسلام وإنهاء الصراع في الإقليم والعالم."
وشدد البرهان على التزام السودان بعملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقال: "ما الذي استفاده السودان ويستفيده من الخصومة مع دولة عضو في الأمم المتحدة، وأصبحت مقبولة من المجتمع الدولي بغض النظر عن الظروف التي صاحبت قيامها؟"
وأشار البرهان إلى أن الحكومة أجرت مشاورات مع طيف واسع من القوى السياسية والمجتمعية ووجدت عدم ممانعة في إنهاء حالة العداء مع إسرائيل وعقْد مصالحة معها، مؤكداً أن ما قامت به السودان هو صلح مع دولة كان قائماً معها عداء في السابق وهو أمر طبيعي.
من ناحية أُخرى قال عضو مجلس السيادة السوداني محمد الفكي سليمان في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام محلية أمس، إن الوفد الإسرائيلي الذي وصل إلى الخرطوم مؤخراً زار منظومة الصناعات الدفاعية التابعة للقوات المسلحة.
وأوضح الفكي أن زيارة الوفد كانت ذات طابع عسكري بحت وليست زيارة سياسية، وشدّد على أنه لا يمكن الحديث عنها في الوقت الحالي.
- بدأت سنة 2020 باغتيال جنرال الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني - الرجل الذي قاد الجهد الاستراتيجي لتحقيق الهيمنة الإيرانية التقليدية في الشرق الأوسط. قبل انتهاء سنة 2020 نُفّذت في الأمس عملية اغتيال جنرال الحرس الثوري محسن فخري زادة الذي قاد الجهد الاستراتيجي الثاني لإيران - جهد التوصل إلى سلاح نووي.
- يطرح اغتيال فخري زادة 4 أسئلة: مَن يقف وراءه وما الذي أراد تحقيقه؟ ما هي تداعيات الاغتيال على المشروع النووي الإيراني؟ ماذا سيكون الرد الإيراني؟ وما هي السياسة الموصى بها لإسرائيل في ضوء هذا الحدث.
- المسؤولية عن اغتيال قاسم سليماني تحمّلها الأميركيون أنفسهم. كل العمليات الأُخرى التي جرت في الصيف الماضي، وعلى رأسها الهجوم على منشأة أجهزة الطرد المركزي المتطورة في نتانز، لم يعلن أحد مسؤوليته عنها - كذلك عملية الأمس واغتيال فخري زادة. لقد أثبتت إدارة ترامب في عملياتها في الماضي ضد إيران أنها ترفض وجهة النظر السائدة في الولايات المتحدة القائلة إن كل هجوم عسكري على إيران سيتدهور بالضرورة إلى حرب. ما يجري إلى حد ما هو تَبَنٍّ للعقيدة الإسرائيلية القائلة إن عمليات موضعية وجراحية وسرية - تسمح أيضاً للطرف الثاني بالعمل ضمن مجال الإنكار والتخبط.
- يبدو أن ترامب مصرّ على أن يترك وراءه إرثاً مهماً من خلال المس بمهندسي التهديدات المركزية في الشرق الأوسط: التهديد النووي، الإرهاب والهيمنة الإقليمية لإيران، والراديكاليون السنّة (فخري زادة، سليماني، البغدادي، عبد الله أحمد العبدالله). نتنياهو من جهته مصرّ على استغلال ما تبقى من ولاية ترامب للدفع قدماً بإنجازات أخيرة، حتى لو كان الثمن بدء العلاقة بإدارة بايدن بنبرة حادة.
- زيارة بومبيو في الأسبوع الماضي يبدو أنها لم تكن مخصصة فقط لزيارة معمل النبيذ في بساغوت. التسريب في الولايات المتحدة لصحيفة النيويورك تايمز بشأن اغتيال مسؤول رفيع المستوى في القاعدة في طهران، والاجتماع الليلي في السعودية الذي سُرِّب في إسرائيل، وإعادة ترامب لتغريدة من إسرائيل بأن فخري زادة "كان المطلوب رقم واحد من الموساد" كلها أمور تشير إلى اتجاه واحد. البنتاغون رد "لا جواب"، ومصادر استخباراتية في الولايات المتحدة قالت لوسائل الإعلام إن إسرائيل وراء العملية. لم تقدم إسرائيل رداً رسمياً، لكن رئيس الحكومة قال إنه لا يستطيع أن يقول كل شيء عمّا فعله في هذا الأسبوع. التكذيبات والتسريبات تساعد الإيرانيين في توجيه الاتهام إلى إسرائيل.
- القنبلة النووية الإيرانية كانت المهمة التي نذر محسن فخري زادة حياته من أجلها. في سنة 2003، وبعد إغلاق المشروع النووي العسكري الإيراني في أعقاب الغزو الأميركي للعراق، تقرّر في إيران الوصول إلى حافة النووي من خلال مسار مدني. فخري زادة الذي قاد مجموعة السلاح غير الشرعي، وليس لديها تغطية مدنية، احتفظ بالمعلومات في منظمات ومؤسسات متعددة. وعمل سنوات طويلة في كل النشاطات النووية الممنوعة التي ليس لها تغطية مدنية.
- إذا كان هناك مشروع سلاح نووي إيراني سري فإنه تلقى في الأمس ضربة مؤلمة، ليس فقط بسبب خسارة المعلومات العلمية، بل بسبب خسارة قيادة المشروع. مسار إيران إلى القنبلة النووية يمر داخل عنقي زجاجة - مراكمة مواد مخصبة بواسطة تخصيب اليورانيوم الذي تقوم به إيران تحت غطاء شرعي لمشروع مدني. بالإضافة إلى ذلك تطوير رأس حربي وتركيبه على صواريخ باليستية - مسار تكذّب إيران وجوده لأنه يشكل خرقاً لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية التي وقّعتها.
- حتى قبل الاتفاق النووي في سنة 2015، كانت إيران على مسافة أشهر معدودة للحصول على مواد مخصبة على درجة عسكرية تكفي لصنع القنبلة الأولى. اليوم أيضاً، وفي ضوء تطوير أجهزة الطرد المتطورة وخرقها للاتفاق النووي، هي قادرة خلال وقت قصير على تجميع ما يكفي من مواد مخصبة. تقاس المسافة التي تفصل عن القنبلة في الأساس بالقدرة على تحميل المواد في رأس حربي نووي. من دون شك غياب فخري زادة سيمدد الوقت لحصول إيران على سلاح نووي. هناك عدد قليل من الأشخاص الذين يملكون صفات قيادية وإدارية ومهنية، والمسّ بهم يترك فراغاً من الصعب ملؤه. يبدو أن فخري زادة ينضم إلى قاسم سليماني - من الصعب إيجاد بديل حقيقي لهما.
ماذا سيكون الرد الإيراني؟
- السؤال الأكثر أهمية الآن ماذا سيكون الرد. بعد اغتيال سليماني تحرك الإيرانيون خلال أيام قليلة ضد الجهة التي تحملت المسؤولية عن الاغتيال– الأميركيون، فأطلقوا عشرات الصواريخ على قاعدة أميركية في العراق.
- الرئيس الإيراني يتهم اليوم إسرائيل باغتيال فخري زادة. هل سنرى رداً إيرانياً؟ من جهة تعهد الإيرانيون بالرد - انتقاماً وأيضاً لترميم ردعهم. من جهة أُخرى، الإيرانيون حذرون جداً من رد يؤدي إلى سقوط كثير من المصابين، رد من المحتمل أن يوفر ذريعة لهجوم أميركي على المنشآت النووية الإيرانية، وهذا احتمال قيل إن ترامب فحصه مع مستشاريه مؤخراً. أثبت الإيرانيون في الماضي قدرة على التحليل والتفكير المعمّقين، وعرفوا كيف يؤجلون عمليات ثم ينفذوها ضد الهدف في الوقت والمكان الملائميْن. تنتظر إيران بفارغ الصبر بدء عمل إدارة بايدن. وسواء قامت إيران بالانتقام أو ضبطت نفسها، فإن هذا الأمر سيجعل من الصعب عليه العودة إلى الاتفاق النووي. وربما هذا كان هو هدف العملية في الأمس في طهران.
ماذا يجب أن تفعل إسرائيل حالياً؟
- أولاً يجب أن تلتزم صمتاً إعلامياً. وبينما إيران تتهجم ولكن أيضاً تتخبط، ومن البتاغون"لا يوجد رد"، تشير وجهات استخباراتية في الولايات المتحدة إلى مسؤولية القدس - من المهم أن تكون السياسة الرسمية في إسرائيل "مقيّدة بحكمة الصمت". يتعين على إسرائيل أن تفترض أن الرد الإيراني يمكن أن يوجَّه إليها أيضاً. لذا المطلوب يقظة استخباراتية عليا وجهوزية عملانية فورية في منظومات الدفاع الصاروخي. هناك حاجة إلى توجيه الاهتمام إلى احتمال أن تستخدم إيران وكلاءها في لبنان وسورية والعراق واليمن للهجوم على أهداف إسرائيلية، سواء داخل إسرائيل أم في الخارج. ضمن هذه الأُطر كلها من المهم التنسيق مع الولايات المتحدة التي تشكّل قوة استخباراتية وعملانية ودبلوماسية مضاعفة. يوجد الآن القليل من قنوات التواصل مع كبار المسؤولين في إدارة بايدن –من الممكن والمتوقع أن تستمر الأزمة خلال ولايتهم.
- في الخلاصة، مَن نفّذ الاغتيال حاول على ما يبدو أن يحقق 3 أهداف: ضرب المشروع النووي الإيراني، وخلق تصعيد ينتهي بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، ومنع عودة إدارة بايدن إلى الاتفاق النووي. الهدف الأول على ما يبدو تحقق - التصعيد في أعقاب العملية لا يزال أمامنا وثمنه يمكن أن يكون باهظاً. الهدفان الآخران مرتبطان جداً بالرد الإيراني، وفي كل الأحوال هما هدفان بعيدا المدى وفرص تحققهما ضئيلة.
-
- خط جديد أكثر عدوانية من العادة سُمع في التوجيهات للصحف من القدس منذ اغتيال العالم الإيراني محسن فخري زادة يوم الجمعة. من خلاله تبدو إسرائيل لاعباً مركزياً كلي القدرة تقريباً في الشرق الأوسط. قدراتها الاستخباراتية والعملانية، كما تجلت في العملية التي ينسبها الإيرانيون إلى الموساد، تمكّنها من أن تفرض مسار الأمور. في إمكانها أن تتحرك مجدداً ضد أهداف في إيران، أيضاً لو لم تختَر فعل ذلك، فإنها قادرة على تعطيل استئناف المفاوضات على اتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة بعد دخول الرئيس المنتخَب جو بايدن إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير.
- رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو نفسه لمّح إلى ضلوع إسرائيلي. "لا استطيع أن أخبركم كل شيء" قال، عندما لخص أعماله الأسبوعية بعد ساعات قليلة على الاغتيال. وراء الكواليس يوجد خلاف في القيادة الإسرائيلية: هل يوجد مبرر لسياسة الغموص، أو من الأفضل تحمّل المسؤولية عن عملية كهذه، على افتراض أن الكل يعرف؟
- [...] الإدارة الأميركية الحالية حرصت على أن تسرّب بسرعة أنها ليست مَن يقف وراء العملية في شرقي طهران، بل إسرائيل. ليس من الواضح أبداً ما يجري بين الثلاثي ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو - الذي زارنا مؤخراً معرباً عن تأييده لنتنياهو بحماسة - والجنرالات. تبعث واشنطن برسائل ملتبسة، بالتأكيد يجد الإيرانيون أيضاً صعوبة في فك رموزها. في الأيام الأخيرة نُشرت تقارير عن انتقال حاملة طائرات وقاذفات ضخمة إلى الشرق الأوسط وجنوب آسيا، لكن جرى التوضيح أن هذا له علاقة بالإعداد لتنفيذ توجيهات ترامب بإخراج ما بقي من قوات أميركية من العراق وأفغانستان. قبل كل شيء ليس مفهوماً ماذا يريد ترامب نفسه، وما مدى انتباهه لما يجري بين إسرائيل وإيران، بينما هو يحتج على الظلم الذي تعرّض له بالانتخابات، كما يدّعي.
- هل ستختار إيران الرد؟ أغلبية الخبراء تعتقد ذلك. الضربة التي تلقتها خطِيرة بحيث لا يمكن السكوت عنها، خاصة وأنها جاءت بعد عمليتين محرجتين جداً، اغتيال الجنرال قاسم سليماني في كانون الثاني/يناير الماضي، وقصف المنشأة النووية في نتانز في تموز/يوليو - الولايات المتحدة أعلنت مسؤوليتها عن العملية الأولى، الثانية نسبتها وسائل الإعلام إلى إسرائيل التي لم تعترف ولم تكذّب. يوجد قيود تكتيكية على الإيرانيين: في الماضي في سنة 2012، وفي 2018، وأيضاً هذه السنة، عندما حاولوا القيام بسرعة بعملية انتقامية ضد إسرائيل، وقعت أخطاء. وهناك مسألة التوقيت - هل رد سريع يبرر، في رأيهم، التورط مع ترامب قبل استلام بايدن منصبه؟
- تصريحات كبار مسؤولي النظام في طهران منذ الاغتيال كانت هجومية وتهديدية للغاية. في إحدى الصحف المقربة من الحرس الثوري نُشرت دعوات إلى مهاجمة ميناء حيفا. في إسرائيل لا يستبعدون أيضاً احتمالات أُخرى، بينها إطلاق صواريخ باليستية، هجوم مسيّرات، أو محاولة تفجير سفارات في الخارج. في الأمس وقّع جميع أعضاء البرلمان في طهران الدعوة إلى استئناف تخصيب اليوارنيوم بما يتجاوز الحدود التي وضعها الاتفاق على درجة أعلى من 20%.
- ويجب ألّا ننسى الهجمات السيبرانية. في أيار/مايو تحدثت تقارير عن محاولة إيرانية مهاجمة منشأة المياه في إسرائيل، وعن رد إسرائيلي، وطوال عدة أيام تعطلت حركة السفن في ميناء في جنوب إيران. في الفترة الأخيرة نُشرت تقارير تحدثت عن المزيد من محاولات هجمات سيبرانية- يبدو أنها أُحبطت بنجاح - ضد منشآت مياه وبنى تحتية للطاقة في إسرائيل.
- ميزة عمليات كهذه - مثل هجمات بواسطة ميليشيات في العراق أو في سورية - هي في المحافظة ظاهرياً على مجال الإنكار. على أية حال، على الأقل يبدو أن هناك لاعباً إقليمياً ليس متحمساً لأن يخدم في هذا الشأن إيران. صحيح أن حزب الله أعرب عن حزنه على موت الأخ في السلاح فخري زادة، لكنه لم يتطوع للمهمة. على العكس حرص كبار مسؤولي حزب الله على الإعلان في نهاية الأسبوع أن أحداً من مقاتلي الحزب لم يُصَب في الهجمات الأخيرة المنسوبة إلى إسرائيل في سورية. بكلمات أُخرى، تصفية الحسابات هنا هي مسألة إيرانية، وربما تخص نظام الأسد، ولا تخصّهم.