مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
الجيش الإسرائيلي يحشد قواته على الحدود مع غزة: المجلس الوزاري المصغر يسمح لنتنياهو وغانتس بشن هجوم على غزة إذا استمر إطلاق الصواريخ
Human Rights Watch: إسرائيل ترتكب جرائم أبرتهايد واضطهاد في المناطق الفلسطينية
ليس الغاز فقط ما يبحث عنه الإماراتيون في بئر تمار؟
مقالات وتحليلات
أوامر القائد العام للشرطة ساعدت نتنياهو على النزول عن الشجرة، لكن استمرار الأزمة له علاقة بقرارات أبو مازن
التصعيد في المنظومة الفلسطينية: تحليل سيناريوهات وتوصيات
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"هآرتس"، 26/4/2021
الجيش الإسرائيلي يحشد قواته على الحدود مع غزة: المجلس الوزاري المصغر يسمح لنتنياهو وغانتس بشن هجوم على غزة إذا استمر إطلاق الصواريخ

وافق المجلس الوزاري المصغر يوم الإثنين على السماح لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع بني غانتس بالدفع قدماً بهجوم على قطاع غزة إذا استمر القصف على إسرائيل. في موازاة ذلك بدأ الجيش بزيادة قواته على الحدود مع القطاع في ضوء التوترات الأمنية الأخيرة.

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي عرض خطة للهجوم المحتمل خلال النقاش الذي أجراه المجلس. وطلب غانتس من الوزراء الموافقة على السماح له ولنتنياهو باتخاذ القرارات إذا تجدد إطلاق الصواريخ، من دون الحاجة إلى عقد جلسة إضافية للمجلس.

وخلال الاجتماع عرض قادة الجيش عدة سيناريوهات على الوزراء إذا واصلت "حماس" إطلاق الصواريخ. وهي عبارة عن خطط على درجات متفاوتة من القوة سيكون الجيش الإسرائيلي مستعداً لها عند الضرورة. في هذه الأثناء تحاول المؤسسة الأمنية منع التصعيد الأمني بوسائل متعددة.

ورأت أوساط في المؤسسة الأمنية أن الضائقة التي تعانيها "حماس" في مواجهة الوضع الأمني والصحي في القطاع دفعت  جهات في الحركة إلى العمل من أجل تصعيد محدود، على أمل أن تحقق الحركة إنجازات، ولو محدودة، تسمح لها بمواجهة أفضل لمشكلاتها في القطاع.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" (26/4/2021) عن مسؤولين رفيعي المستوى بعد اجتماع المجلس الوزاري المصغر قولهم إن "الكرة الآن في يد "حماس"، وليس لدى إسرائيل رغبة  في التسبب بالتصعيد، لكننا مستعدون لأي سيناريو إذا استمر إطلاق الصواريخ." وأشار هؤلاء إلى جهود دبلوماسية تجري من وراء الكواليس وضغوطات على "حماس" لوقف إطلاق النار.

في هذه الأثناء سُجّل هدوء نسبي في منطقة باب العمود مقارنة بالمواجهات التي دارت في الأيام الماضية بين شبان عرب وعناصر الشرطة.

"هآرتس"، 27/4/2021
Human Rights Watch: إسرائيل ترتكب جرائم أبرتهايد واضطهاد في المناطق الفلسطينية

تتهم منظمة "Human Rights Watch" إسرائيل بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية. وبحسب تقرير المنظمة، تحدَّد أفعال إسرائيل، بحسب القانون الدولي في لاهاي، كسياسة أبرتهايد واضطهاد ضد الفلسطينيين. وهذه هي أول مرة تحدد فيها منظمة حقوق إنسان مؤثرة في العالم بصورة قاطعة أن السياسة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية هي جرائم من هذا النوع.

ورد في تقرير المنظمة الذي نُشر هذا الصباح (الثلاثاء) تحت عنوان: "تجاوز العتبة: السلطات الإسرائيلية وجرائم الأبرتهايد والاضطهاد"، أن مكونات جرائم الأبرتهايد والاضطهاد موجودة كجزء من سياسة إسرائيلية تشمل سيطرة اليهود الإسرائيليين على الفلسطينيين في شتى أنحاء إسرائيل، وفي الضفة وغزة والقدس الشرقية.  يضاف إلى هذا التوجه في هذه المناطق الثلاث قمع منهجي للفلسطينيين وأعمال غير إنسانية تُرتكب ضدهم، أمور تشكل تراكمياً جريمة أبرتهايد.

وبحسب المنظمة، القمع الذي يشمل فرض حكم عسكري صارم على الفلسطينيين بينما يحظى المستوطنون بكل الحقوق التي يمنحها القانون الإسرائيلي- يصل إلى درجة قمع منهجي يدخل ضمن تعريف الأبرتهايد. وتدّعي المنظمة أن انتهاك إسرائيل حقوق الفلسطينيين في المناطق يصل إلى درجة أعمال غير إنسانية. وجاء في التقرير أن إسرائيل تفرض قيوداً شاملة على التنقل، وإغلاقاً على قطاع غزة، وتطبّق نظام التصاريح على الفلسطينيين للسماح لهم بالانتقال على المعابر بين أنحاء الضفة والقطاع، وتصادر أكثر من ثلث أراضي الضفة الغربية، وتفرض شروطاً صعبة على أجزاء من الضفة تؤدي إلى تهجير قسري لآلاف الفلسطينيين من منازلهم، وحرمانهم من الإقامة.

وأشارت المنظمة إلى أنها توجهت إلى حكومة إسرائيل في تموز/يوليو 2020 وطلبت وجهة نظرها في هذه المسائل، لكنها لم تحصل على رد. ودعا مسؤولو المنظمة في تقريرهم المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إلى محاكمة الإسرائيليين الذين توجد ضدهم شبهات بالتورط في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وفرض عقوبات شخصية على أصحاب مناصب رسمية مسؤولين عن هذه الجرائم.

تجدر الإشارة إلى أن مركز بتسيلم نشر في كانون الثاني/يناير ورقة ادّعى فيها أن إسرائيل تمارس نظام أبرتهايد "في كل المنطقة الممتدة من البحر إلى نهر الأردن". لم تتعامل الوثيقة مع الأبرتهايد كجريمة حرب بل كصفات للنظام الإسرائيلي الذي يستند إلى التفوق اليهودي.

 

"الملحق الاقتصادي"، 27/4/2021
ليس الغاز فقط ما يبحث عنه الإماراتيون في بئر تمار؟

مذكرة التفاهم التي وُقّعت بين الشركة الإماراتية مبادلة بترليوم، التي تملكها حكومة أبو ظبي، وبين يتسحاق تشوفا مدير شركة ديليك لشراء 22% من مخزون الغاز في بئر تمار تمنح الإمارات موطئ قدم مهماً في إسرائيل. وتجدر الإشارة إلى أن قيمة الصفقة بلغت نحو 1.1 مليار دولار.

وكانت شركة ديليك أجرت مفاوضات مع ثلاث مجموعات قدمت عروض شراء، بينها شركات أوروبية، لكنها في النهاية وقّعت المذكرة مع الشركة من أبو ظبي.

عملية الاستحواذ الإماراتية لا تعطي الشركة أغلبية في بئر تمار، ولا حق الفيتو، ولا الحصول على صفة مشغّل (Operator) للبئر الذي سيبقى في يد الشركة الأميركية شفرون.

لكن مذكرة التفاهم مع شركة مبادلة تكشف سياسة الاستثمار التي تنتهجها حكومة أبو ظبي من أجل تنويع مصادر الدخل للدولة. حقل تمار يلائم جيداً استراتيجية الاستثمار في شركة مبادلة، والتي تستند إلى مكونين: اقتصادي وسياسي.

من وجهة نظر اقتصادية، تتركز استثمارات أبو ظبي على مشاريع تستطيع تحقيق إيرادات في المدى الطويل، وكذلك إيجاد شراكات مع شركات دولية رائدة في مجالها. وهي تتركز على أربعة قطاعات أساسية: الطاقة، والصناعة، وخدمات الطيران والفضاء، وقطاعات متطورة (الصحة والبنى التحتية والعقارات وغيرها). والمهم بالنسبة إلى حكومة أبو ظبي أن تخدم الاستثمارات مصالحها السياسية. ويعتقد الإماراتيون أنه يمكن تحقيق عائدات مهمة في حقل تمار في المدى الطويل.

أبو ظبي تلمّح من خلال هذه الصفقة الكبيرة إلى لاعبين محليين في المنطقة بأن اتفاق السلام مع إسرائيل يخدم مصالحها الوطنية والاقتصادية. ويجب الانتباه إلى توقيت مذكرة التفاهم التي أتت في ذروة موجة التوترات مع الفلسطينيين في القدس. ولا يقل أهمية تلميح الإماراتيين إلى الإدارة الأميركية الجديدة التي كانت حتى الآن باردة في تعاملها معها، وأعادت فحص اتفاق بيع طائرات أف -35 لها، والتي كانت جزءاً من اتفاق أبراهام. وهناك رسالة لا تقل أهمية موجهة إلى قطاع الأعمال الإسرائيلي أن أبو ظبي التي يوجد لديها المال الكثير وليس دبي- لن تتردد في أن تضيف إلى الملف استثمارات في أرصدة تتلاءم مع استراتيجيتها. ومما تجدر الإشارة إليه أن شركة مبادلة بترليوم قررت فتح مكاتبها في تل أبيب.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 26/4/2021
أوامر القائد العام للشرطة ساعدت نتنياهو على النزول عن الشجرة، لكن استمرار الأزمة له علاقة بقرارات أبو مازن
عاموس هرئيل - محلل عسكري
  • القائد العام للشرطة كوبي شبتاي اتخذ مساء أمس القرار المطلوب وأزال الحواجز في منطقة باب العمود - السبب المركزي لتأجيج العنف في القدس. قرار وضع الحواجز في بداية شهر رمضان بُرِّر في البداية بمنع التجمعات خوفاً من تفشّي الكورونا، ثم التخوف من الازدحام، بحسب قرار شرطة لواء القدس. قرار إزالة الحواجز أتى من مستوى رفيع واحد، لكن من الصعب التصديق أن الأمر انتهى. على المستوى السياسي عرفوا ووافقوا على أوامر شبتاي بالانسحاب، لكن الاختباء خلف القائد العام للشرطة أسهل، بالنسبة إليهم، من الاعتراف بالمسؤولية عن خطوة ستبدو أنها انسحاب تحت ضغط فلسطيني.
  • يذكّر التصعيد الحالي في القدس من نواحٍ عديدة بالأزمة التي نشأت جرّاء وضع بوابات ممغنطة بعد مقتل عنصرين من الشرطة الإسرائيلية في الحرم القدسي في صيف 2017. في الحالتين أدى قرار إسرائيلي تكتيكي لم يُدرَس حتى النهاية إلى عنف فلسطيني شديد. هذه المرة، ولحسن الحظ، حدث التراجع قبل وقوع خسائر في الأرواح - قبل 4 سنوات كان هناك قتلى، وبصورة خاصة في الهجوم الفتاك على مستوطنة حلميش [هجوم طعن أدى إلى مقتل 3 مستوطنين يهود وإصابة شخص رابع بجروح بالغة].
  • أزمة الأبواب الممغنطة ولّدت أول احتكاك بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والقائد العام للشرطة المعيّن من طرفه روني ألشيخ. اليوم يجد شبتاي، الذي حلّ محله (عمل قائماً بالأعمال مكانه طوال عامين)، صعوبة في ضبط الوضع في القدس. القائد العام الجديد أيضاً لا يملك فعلاً التفصيلات. فقد ادعى هذا الأسبوع أن الشارع [بالقرب من باب العمود] كان يُغلق في الماضي في رمضان، على الرغم من أنه كان يبقى مفتوحاً في كل سنة، باستثناء السنة الماضية في ذروة الكورونا.
  • شبتاي قدّم أمس سلّماً مريحاً لنتيناهو لينزل عن الشجرة. الآن ينتظرون سلّماً أكثر أهمية، ويمكن أن تكون نتائج استخدامه بعيدة المدى أكثر بكثير. في الأيام القادمة من المتوقع أن تقرر قيادة السلطة الفلسطينية التراجع عن نيتها إجراء الانتخابات البرلمانية في 22 أيار/مايو. الوضع الحساس في القدس، أو رفض إسرائيلي علني للسماح بتصويت سكان القدس الشرقية يمكن أن يشكل ذريعة للقرار. السبب الحقيقي هو إدراك رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المتأخر أن "فتح" قد تخسر الانتخابات أمام "حماس".
  • إطلاق الصواريخ في الأيام الماضية من قطاع غزة، والذي شمل أربعة إطلاقات بعد إزالة الحواجز في القدس، يبدو أنه تلميح من "حماس" إلى نواياها. هنا أيضاً يوجد تفسير رسمي (التضامن مع نضال القدس)، وهناك ظروف سياسية أكثر تعقيداً (تهديد السلطة وإسرائيل إزاء احتمال إلغاء الانتخابات). لقد ردت إسرائيل بصورة مضبوطة نسبياً على إطلاق الصواريخ خوفاً من تصعيد لا يمكن السيطرة عليه. لكن يبدو أن "حماس" نجحت، في نظرها، من خلال خطواتها في توسيع معادلة الردع بين الطرفين. وردّت بإطلاق النار من غزة على التصعيد في القدس، من دون مقتل أي فلسطيني.
  • اعتُبرت سنة الكورونا سنة هادئة نسبياً توثّقت خلالها العلاقات الإنسانية بين السكان اليهود والعرب في القدس. لكن التزامن بين نهاية أزمة الكورونا وشهر رمضان أخرج العديد من الشبان الذين يشعرون بالملل إلى الشوارع، وانضموا بحماسة إلى العنف. يعتبر العرب في القدس أنفسهم مدافعين عن الأقصى، لذلك أيضاً سارع  شبان من غير المتدينين بصورة خاصة إلى المشاركة في المواجهات. المسافة بين هجمات التيك توك المصورة  ضد يهود حريديم وبين النضال دفاعاً عن الحرم القدسي كانت هذه المرة قصيرة.
  • حوادث أُخرى ساهمت في الاشتعال مرت من دون أن تثير انتباه أغلبية وسائل الإعلام في إسرائيل: إسكان المزيد من اليهود في منازل في قرية سلوان، وقرار المحكمة العليا الموافقة على هدم منازل فلسطينيين في حي الشيخ جرّاح. في هذه الدوامة دخل هذا الأسبوع أيضاً زعران اليمين المتطرف في إسرائيل، والذين خاضوا حملات انتقامية ضد العرب، من دون أن تبذل الشرطة ما فيه الكفاية لردعهم.
  • في ضوء الأحداث في القدس والقطاع، قرر رئيس الأركان أفيف كوخافي تأجيل زيارته المخطط لها إلى الولايات المتحدة، وإلغاءها لاحقاً. كان من المفترض أن يشارك كوخافي هناك في مهمة إسرائيلية دعائية مع رئيس الموساد ورئيس مجلس الأمن القومي ورؤساء شعبة الاستخبارات والشعبة الاستراتيجية في الجيش. هؤلاء ذهبوا إلى واشنطن ممثلين لنتنياهو في مسعى أخير للتأثير في الأميركيين كي لا يسارعوا إلى توقيع اتفاق نووي آخر مع إيران.
  • بحسب التقارير، أرسل نتنياهو المسؤولين الرفيعي المستوى مع توجيهات مفصلة بعدم الخروج عن صفحة الرسائل، وألّا يفتحوا حواراً مع مضيفيهم بشأن تفصيلات الاتفاق الوشيك. بقي كوخافي في البلد تخوفاً من خروج الأحداث عن السيطرة. المتشائمون قد يشككون في أن عدم ذهابه إلى واشنطن أراحه من مهمة سياسية يبدو مصيرها الفشل حالياً.
  • على الأرض ليس واضحاً ما إذا كان التراجع الإسرائيلي المحدود كافياً لإغلاق الحادثة. الاعتبارات الأُخرى، وعلى رأسها السباق الداخلي الفلسطيني بين "فتح" و"حماس" على خلفية مسألة الانتخابات، يمكن أن تؤثر في سير الأحداث في الأسابيع القادمة.
الموقع الإلكتروني للمعهد، 26/4/2021
التصعيد في المنظومة الفلسطينية: تحليل سيناريوهات وتوصيات
ميخائيل ميلشتاين - باحث في معهد هرتسليا للسياسات والاستراتيجيا
  • منذ قرابة أسبوع برز تصعيد غير مسبوق من حيث حجمه وقوته في المنظومة الفلسطينية. مصدر موجة التصعيد كان القدس التي شهدت توترات شديدة ناجمة عن تضافر عدد من العوامل: سلسلة حوادث عنيفة قام بها سكان عرب ضد يهود حظيت بتسمية "انتفاضة التيك توك"؛ حوادث شغب تطورت بسبب مزاعم فلسطينية تقول إن إسرائيل تفرض قيوداً على مشاركة المسلمين في الصلاة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان (شهر يشهد جواً مشحوناً منذ البداية)؛ الاحتجاج المستمر في حي سلوان وحي الشيخ جرّاح على خلفية مزاعم فلسطينية ضد جهود مصادرة متعمدة لأراضيهم؛ واحتكاكات عنيفة وواسعة النطاق بين اليهود والعرب تطورت في الأيام الأخيرة في منطقة المدينة القديمة.
  • الأزمة في القدس، والتي حظيت بتسمية "انتفاضة رمضان"، امتدت إلى مجمل المنظومة الفلسطينية، وحتى إنها تخطتها: فقد جرّت إلى إطلاق صواريخ من قطاع غزة على إسرائيل، تقف وراءه "حماس" وسائر الفصائل؛ أعمال شغب واسعة النطاق نسبياً في عدد من المراكز في الضفة الغربية (على الرغم من أن حجم ما يجري لا يمكن أن نطلق عليه اسم "انتفاضة ثالثة")؛ توتر في المجتمع العربي في إسرائيل، الذي يشهد أجواء مشحونة منذ البداية، على خلفية احتكاكات بين اليهود والعرب في عدد من المدن المختلطة (في الأساس يافا والرملة واللد)، والجريمة والعنف المترافقان مع انتقادات لاذعة للحكومة؛ التنديدات من طرف جهات عربية على رأسها الأردن ومصر، اللذين يلومان إسرائيل على التوتر في القدس.
  • التصعيد تغذى من الجو الفلسطيني الداخلي المشحون، على خلفية الافتراض السائد أن أبو مازن يستعد لتأجيل الانتخابات البرلمانية (المخطط أن تجري في 22 أيار/مايو)- والتي تبدو فيها حركة "فتح" حتى الآن منقسمة وضعيفة في مواجهة "حماس". ومن خلال استخدام ذريعة أن إسرائيل لا تسمح بإجراء الانتخابات في القدس الشرقية. من جهة أُخرى تصر "حماس" على إجراء الانتخابات في ضوء تقديرها أنها ستحقق فيها إنجازات. وتدّعي "حماس" أن تأجيل الانتخابات بذريعة القدس سيفسَّر كخضوع فلسطيني لإسرائيل في إطار "المعركة للسيطرة على المدينة"، وهي تلمّح إلى أن التأجيل يمكن أن يثير غضب الجمهور الفلسطيني على أبو مازن.
  • التوتر الحالي يؤكد حقيقة أن موضوع القدس - خصوصاً الجانب الديني - هو من الموضوعات القليلة التي تستطيع اليوم دفع الجمهور الفلسطيني إلى نضال شعبي وتسليط الضوء على ما يجري في الساحات الجغرافية في المنظومة الفلسطينية. توترات مثل التي تطورت في الأسبوع الماضي لم تنشب في العقد الماضي جرّاء أزمات أُخرى بين إسرائيل والفلسطينيين، والتي ترافقت أحياناً مع تقديرات تتعلق بتغيير استراتيجي متوقع في المنظومة الفلسطينية يتمحور على تطور "انتفاضة ثالثة" في الضفة الغربية.
  • بنظرة إلى المستقبل - يمكن أن يزداد التوتر في المنظومة الفلسطينية في المدى القريب، على الرغم من رفع الحواجز في منطقة باب العمود، الخطوة التي اعتبرها الفلسطينيون إنجازاً، لكنهم يوضحون أنها لا تعني نهاية الصراعات على القدس. استمرار الأزمة من المتوقع أن ينجم عن سببين مركزيين: الأول- أجواء رمضان التي من المتوقع أن تنتهي في منتصف أيار (قبل الاحتفال بليلة القدر التي تمتاز بجو ديني مشحون)؛ السبب الثاني- الأزمة السياسية التي يمكن أن تتطور في المنظومة الفلسطينية بعد إعلان تأجيل الانتخابات، خطوة يمكن أن تدفع أبو مازن إلى تأجيج احتجاج شعبي ضد إسرائيل، وخصوصاً في القدس، من أجل تحويل الانتقادات الداخلية عنه، ومن جهة ثانية ستشجع "حماس" على خلق احتكاكات شعبية موجهة، سواء ضد إسرائيل أو ضد السلطة الفلسطينية.
  • على هذه الخلفية يمكن أن تعود التنظيمات المسلحة في قطاع غزة إلى العمل بعنف ضد إسرائيل، وخصوصاً من خلال إطلاق الصواريخ والتشجيع على احتجاج شعبي في منطقة السياج الحدودي، الأمر الذي يزيد من معقولية التصعيد الأمني في هذا القطاع. بالإضافة إلى ذلك، يزداد احتمال تطور احتجاج شعبي حاد أيضاً في المجتمع العربي في إسرائيل، ومن المتوقع تفاقم ردود العالم العربي بصورة تجعل من الصعب الدفع قدماً بخطوات تطبيع إضافية، ويؤذي تلك التي حدثت.
  • الواقع المتفجر يفرض على إسرائيل اتخاذ عدد من الخطوات الواعية والسريعة في الأسابيع المقبلة، وخصوصاً خلال شهر رمضان، بشأن الموعد المحتمَل لتأجيل الانتخابات في السلطة الفلسطينية. في هذا الإطار نوصي بالدفع قدماً بعدد من الخطوات:
  • تركيز الجهود لمنع احتكاكات عنيفة بين اليهود والعرب في القدس، وهو اتجاه يغذي جزءاً كبيراً من أجواء التوتر في المنظومة الفلسطينية في الوقت الراهن.
  • المحافظة على نسيج الحياة المدنية في الضفة الغربية عموماً، وفي القدس خصوصاً، خلال شهر رمضان، الأمر الذي أثبت أنه أداة ناجحة لضمان الهدوء في المجال الفلسطيني العام.
  • الامتناع من القيام بخطوات يمكن أن تُفسَّر كمحاولة لتغيير الوضع القائم في القدس عموماً، وفي الحرم القدسي خصوصاً.
  • إرسال رسائل إلى السلطة الفلسطينية بأن التصعيد الذي يوصف حالياً بأنه معركة وطنية جامعة ضد إسرائيل يمكن أن يتطور بسرعة إلى احتجاج داخلي تقوده "حماس"، التي تحاول من خلاله تأجيج موجة التوترات الحالية كوسيلة لتعزيز مكانتها في المنظومة الفلسطينية.
  • تجنيد أطراف عربية ودولية من أجل دفع السلطة الفلسطينية إلى العمل على التهدئة في الضفة الغربية والامتناع من تشجيع احتجاج عنيف في منطقة القدس.
  • التعامل بحذر في مواجهة الاحتجاج العام في المجتمع العربي في إسرائيل، الذي يشهد أجواء متوترة أيضاً كما ذكرنا.
  • كبح مساعي "حماس" لاستغلال موجة الاحتجاج الحالية لتعزيز وجودها في الحيز العام في القدس خصوصاً، وفي الضفة الغربية عموماً.

في ضوء حاجة إسرائيل في الوقت الحالي إلى تركيز جهودها على تحديات استراتيجية مهمة أُخرى، على رأسها المواجهة المتفاقمة مع إيران في مجالات متعددة (الموضوع النووي، والساحة الشمالية، والمجال البحري)، نوصي بالعمل بسرعة على التخفيف من التوترات في الساحة الفلسطينية، والتي يمكن أن تنزلق أيضاً إلى الساحة الإسرائيلية الداخلية، وتكبدنا ثمناً باهظاً على صعيد منظومة علاقاتنا بالساحتين العربية والدولية.