مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
نفى الناطق بلسان وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده تورُّط إيران في الهجوم الذي تعرضت له ناقلة النفط "ميرسر ستريت"، التي يشغلها الملياردير الإسرائيلي إيال عوفر في بحر العرب قبالة ساحل سلطنة عُمان يوم الخميس الفائت، والذي قالت مصادر أمنية إسرائيلية أنه نُفِّذ بواسطة طائرة مسيّرة من دون طيار وتسبّب بمقتل اثنين من أفراد طاقم السفينة، أحدهما روماني والثاني بريطاني، وأكد أن الاتهامات التي وُجهت إلى طهران بهذا الشأن من طرف إسرائيل لا أساس لها، كما ندّد بقيام إسرائيل في نهاية الأسبوع الفائت بممارسة ضغوط دولية واسعة لإدانة إيران.
وقال زاده في مؤتمر صحافي عقده أمس (الأحد): "على النظام الصهيوني وقف مثل هذه الاتهامات التي لا أساس لها. وهذه ليست المرة الأولى التي يوجهون فيها مثل هذه الاتهامات المباشرة إلينا."
وردّاً على نفي وزارة الخارجية الإيرانية هذا قال رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس: "إن إيران الجبانة تحاول التملص من مسؤوليتها عن الحادث وهي تنفي ذلك. لذا أقول هنا بشكل مطلق: إيران هي التي نفّذت الهجوم على السفينة. إن إيران خطرة، ليس فقط على إسرائيل، بل أيضاً على المصالح العالمية وعلى حرية الملاحة والتجارة الدولية."
وأضاف بينت أن هناك أدلة استخباراتية على تورُّط طهران في هذا الهجوم، ودعا المجتمع الدولي إلى التدخل قائلاً: "إننا نتوقع من المجتمع الدولي أن يوضح لإيران أنها ارتكبت خطأ فادحاً. ونحن من جهتنا سنعرف كيف نردّ عليها."
في سياق متصل كشفت صحيفة "الجريدة" الكويتية، نقلاً عن مصادر وصفتها بأنها مطلعة أمس، أن إسرائيل وضعت لائحة أهداف إيرانية للردّ على الهجوم الذي تعرضت له ناقلة النفط المذكورة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا أعطتا إسرائيل الضوء الأخضر للرد على الهجوم، مؤكدة أنه لن يمرّ مرور الكرام، وأن إسرائيل ستوجّه ضربة موجعة إلى إيران.
ووفقاً لتلك المصادر نفسها، سيكون الردّ الإسرائيلي داخل الأراضي الإيرانية، وأشارت إلى 3 أهداف محتملة، أولها أحد الموانئ الإيرانية وقد يكون مرفأ بندر عباس، وثانيها تدمير سفن بالقرب من الشواطئ الإيرانية، وآخرها استهداف سفينة حربية إيرانية يُعتقَد أن الطائرة المسيّرة التي شنت الهجوم ضد السفينة انطلقت منها.
وادّعت الصحيفة أن مصدراً في الحرس الثوري الإيراني قال لها إن الهجوم على ناقلة النفط جاء رداً على قصف إسرائيل شحنة نفط أرسلتها إيران إلى حزب الله في لبنان عبر ميناء بانياس السوري، وأضاف المصدر نفسه أن الحزب أفرغ النفط في شاحنات ونقلها إلى مخزن بالقرب من مطار الضبعة تمهيداً لنقلها براً إلى لبنان، لكن إسرائيل قصفت المخزن، وهو ما أدى كذلك إلى وقوع قتلى.
وفي السياق ذاته نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية عن دبلوماسيين غربيين قولهم إن الهجوم على الناقلة جاء رداً على غارات إسرائيلية ضد ميليشيات إيرانية في سورية. وقال أحد هؤلاء الدبلوماسيين للصحيفة: "يبدو أن طهران تحاول مع بدء ولاية الرئيس إبراهيم رئيسي فرض قواعد جديدة من خلال الرد في البحر على ضرب إيران براً في سورية."
من ناحية أُخرى قال بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية إن وزير الخارجية يائير لبيد تحادث هاتفياً في نهاية الأسبوع الفائت مع وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، متناولاً هذا الهجوم، وكذلك النشاط المشترك ضد إيران وضرورة صوغ رد دولي حقيقي وفعال.
وقال لبيد في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع "تويتر" في إثر هذا المحادثة: "إن إيران لا تمثل مشكلة لإسرائيل فحسب، بل هي أيضاً مصدر الإرهاب والدمار وعدم الاستقرار الذي يُلحق الأذى بنا جميعاً."
كما تحدث لبيد في نهاية الأسبوع مع وزيري الخارجية في بريطانيا ورومانيا، معزياً بمقتل مواطنيْن، روماني وبريطاني، كانا يعملان على متن السفينة، وناقش معهما الخطر الذي تشكله إيران، والذي يُلحق الأذى المتكرّر بالمدنيين الأبرياء.
من جهتها أكدت وزارة الخارجية الأميركية في بيان صادر عنها صباح أمس، أن الوزير بلينكن ونظيره الإسرائيلي بحثا الهجوم الذي وقع في بحر عُمان ضد السفينة الإسرائيلية "ميرسر ستريت"، وأشارت إلى أن الوزيرين اتفقا خلال محادثة هاتفية على العمل مع بريطانيا ورومانيا وشركاء دوليين آخرين للتحقيق في هذا الهجوم على السفينة.
كما أجرى وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس مشاورات أمنية مع رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي في إثر الهجوم على السفينة.
يُذكر أن السفينة التي تعرضت للهجوم هي بملكية يابانية وتشغلها شركة "زودياك ماريتايم" التي يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي إيال عوفر الذي يحتل المرتبة 197 على قائمة أثرياء العالم. ووُجِّهت السفينة بعد تعرّضها للهجوم إلى مرفأ في البحرين برفقة حاملة طائرات أميركية، حيث سيستمر التحقيق الذي يقوم به خبراء أميركيون.
وقالت مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى إن هذا الاعتداء هو خامس اعتداء إيراني على سفن تابعة لشركات إسرائيلية، والأول الذي يؤدي إلى وقوع خسائر بشرية.
أقرّت الحكومة الإسرائيلية في اجتماعها الأسبوعي أمس (الأحد) زيادة عدد العمال الفلسطينيين العاملين في قطاع البناء داخل إسرائيل بـ15.500 عامل، وذلك بالتنسيق بين وزارات البناء والإسكان والمال والدفاع والتعاون الإقليمي.
وأشاد وزير الدفاع بني غانتس بالقرار، وأكد أن من شأنه تمكين الاقتصاد الفلسطيني والاقتصاد الإسرائيلي على حد سواء.
وكان منسق شؤون الحكومة الإسرائيلية في المناطق [المحتلة] اللواء غسان عليان أجرى اتصالات بمسؤولين في السلطة الفلسطينية في أواسط الأسبوع الفائت وبلّغهم نية إسرائيل زيادة حجم حصة العمال الفلسطينيين في قطاع البناء في إسرائيل بـ15.500، وأشار إلى أن هذه الخطوة هي جزء من عملية شاملة لتقوية العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
ذكر بيان صادر عن حركة "حماس" أن الحركة انتخبت مؤخراً إسماعيل هنية رئيساً لمكتبها السياسي لولاية أُخرى، كجزء من الانتخابات الداخلية للحركة.
وتُعتبر هذه الولاية الثانية لهنية وستستمر حتى سنة 2025.
وبهذا تنتهي انتخابات قيادة "حماس" التي انتُخب خلالها خالد مشعل مسؤولاً عن إقليم الخارج، وصالح العاروري رئيساً لإقليم الحركة في الضفة الغربية، وسلامة قطاوي مسؤولاً للحركة داخل السجون الإسرائيلية، ويحيى السنوار قائداً للحركة في قطاع غزة، وأخيراً إسماعيل هنية رئيساً لمكتبها السياسي وهو بمثابة الرئيس العام للحركة.
وينص القانون الداخلي للحركة على السماح بانتخاب رئيسها لفترتين متتاليتين ولا يحق انتخابه لفترة ثالثة.
وتُجري "حماس" انتخاباتها الداخلية مرة كل أربعة أعوام في ظروف مُحاطة بالسرية التامة نظراً إلى اعتبارات تتعلق بالملاحقة الأمنية من طرف إسرائيل.
علمت قناة التلفزة الإسرائيلية "كان" [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] من مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى بأنه ستبدأ هذا الأسبوع أعمال إقامة عائق في منطقة الحدود الشمالية [مع لبنان] وأعمال تحصين مبانٍ سكنية وعامة تقع على بعد كيلومتر من منطقة الحدود.
وأشارت المصادر نفسها إلى أن هذه الأعمال ستبدأ بعد أن أُقرت الميزانية الأمنية الإسرائيلية الأسبوع الفائت، وأوضحت أنه من المتوقع أن تبلغ التكلفة الإجمالية لهذه الأعمال 850 مليون شيكل، وسيتم تزويد العائق الحدودي بوسائل تكنولوجية وكاميرات ومجسات على غرار العائق المحاذي لمنطقة الحدود مع قطاع غزة.
- عندما يناسبها الأمر تتمسك إيران بسياسة الغموض إلى أقصى الحدود. في نهاية الأسبوع اتُّهم الحرس الثوري بشن هجوم بالمسيّرات الانتحارية على سفينة "ميرسر ستريت" قبالة شواطىء عُمان، الأمر الذي أدى إلى مقتل مواطن بريطاني ومواطن روماني.
- الناطق بلسان الخارجية الإيرانية أعلن أمس أن بلاده ليست مسؤولة عن الهجوم على السفينة التي يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي أيال عوفر. التكذيب الإيراني الخارج عن المألوف بحدته يمكن أن يكشف الإحراج بعد مقتل المواطنيْن.
- رئيس الحكومة نفتالي بينت ردّ قائلاً: "تحاول إيران بطريقة جبانة التملص من المسؤولية عن الحادث. هم يكذبون. وأنا أقول بصورة قاطعة إن إيران هي التي نفّذت الهجوم ضد السفينة. والأدلة الاستخباراتية على ذلك موجودة." وفعلاً تشير المعلومات لدى الأجهزة الاستخباراتية في إسرائيل والغرب إلى أن ما جرى عملية قام بها سلاح الجو التابع للحرس الثوري.
- قائد سلاح الجو في الحرس الثوري أمير علي حاجي زاده حصل من الزعامة الإيرانية على شيك مفتوح للهجمات بالمسيّرات في حال وقوع عملية إسرائيلية. والهجوم الأخير كان رداً على الهجوم المنسوب إلى إسرائيل قبل أسبوعين على سورية. خلال فترة أسبوع وقعت 3 هجمات على سورية. استهدفت إحداها منطقة قريبة من مدينة حمص، حيث جُرح ضابط في فيلق القدس، ولم يُقتل كما ورد في عدد من التقارير.
- شكّل هذا الهجوم ذريعة استخدمها حاجي زاده للرد من خلال المبادرة إلى شن هجوم بالمسيّرات. هذا كان مبرر العملية الإيرانية، وليس الهجوم السيبراني الذي نُسب إلى إسرائيل، والذي عرقل حركة القطارات في إيران الشهر الماضي. مسؤولون رفيعو المستوى في الحرس الثوري حسّاسون إزاء الخسائر البشرية أيضاً في القتال في سورية، وضعوا جباية ثمن كما فعل قبلهم حسن نصر الله عندما أُصيب عناصر من حزب الله في قصف معسكرات إيرانية في سورية.
- بالاستناد إلى بينت، "السلوك الإيراني لا يهدد إسرائيل فقط، بل يمس بمصالح عالمية، وبحريّة الملاحة والتجارة الدولية." وفي كلامه تلميح إلى سلّم الأولويات الإسرائيلي في الفترة المقبلة. في إسرائيل يريدون استغلال الهجوم الإيراني ومقتل المواطنيْن الأوروبييْن من أجل شن حملة دبلوماسية ضد طهران. الخارجية البريطانية سبق أن أعلنت أمس أنها تحمّل إيران مسؤولية الهجوم، والخارجية الأميركية أصدرت بياناً مشابهاً. في هذه الأثناء جرت مكالمة هاتفية بين رئيس الأركان أفيف كوخافي وبين نظيره البريطاني عُرضت خلالها معلومات استخباراتية إسرائيلية.
- توقيت الأحداث مهم أيضاً. هذا الأسبوع سيؤدي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي القسم، والذي من المتوقع قريباً أن يؤثر في إدارة المفاوضات مع الدول العظمى بشأن الاتفاق النووي الجديد. فرص توقيع اتفاق كهذا ليست واضحة البتة. تسعى إسرائيل لتقديم إيران كعائق أمام المجتمع الدولي - وهذه المرة قُبِض على إيران بالجرم المشهود. هذا لا يعني التخلي عن رد عسكري على الخطوة الإيرانية. في الماضي مرت أحياناً أسابيع قبل أن ترد إسرائيل على الخطوات ضدها. من الممكن التقدير أيضاً أن الرد هذه المرة سيكون على مسارين، سياسي وعسكري. بينت الآتي بعد رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، نراه يحذو حذوه ومن الصعب عليه تجاوُز التحدي الإيراني من دون الرد عليه.
- الساحة الإيرانية ليست وحدها التي سجلت ارتفاعاً في الحرارة في ذروة موجة القيظ الحالية. اليوم ستبحث المحكمة العليا في طلب إذن الاستئناف الذي تقدمت به 4 عائلات فلسطينية من حي الشيخ جرّاح في القدس الشرقية ضد أوامر إخلاء منازلها من أجل جمعية مستوطنين. المواجهات في حي الشيخ جرّاح، بالإضافة إلى الحوادث في الحرم القدسي، هي التي ساهمت في زيادة التوتر في المنطقة في أيار/مايو الماضي وأدت إلى عملية "حارس الأسوار" ضد "حماس" في غزة.
- تأجيل مناقشة القضية والقرارات التي اتُّخذت لفرض قيود على مسيرة الأعلام في القدس ساهما قليلاً في تهدئة الأجواء في المدينة. الآن يتصاعد التوتر مجدداً، على الأقل في حي الشيخ جرّاح الذي شهد تظاهرات في الأيام الأخيرة قبل استئناف النقاش في المحكمة العليا. في الضفة الغربية ساهم الجيش الإسرائيلي في تأجيج اللهب. في الأسبوع الماضي قُتل 4 فلسطينيين في حوادث متفرقة في شوارع الضفة – كلهم مدنيون غير مسلحين، بينهم شاب وطفل. في المؤسسة الأمنية يعترفون، بالاستناد إلى تحقيقات أولية، بأن هناك تساؤلات صعبة تتعلق بسلوك القوات الإسرائيلية على الأرض ومبرر استخدام النار الحية في جميع هذه الحالات. وجرى هذا تحديداً بينما كان يبدو أن العنف في الضفة انخفض. التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية عاد وتوثق بعد التوتر الذي رافق العملية في القطاع، ويبرز الجهد الذي تبذله السلطة للسيطرة على الأرض.
- خطوات السلطة ناجمة عن سببين: التخوف من التهديد الذي تمثله "حماس" التي ازدادت شعبيتها على خلفية صمودها في مواجهة إسرائيل في غزة؛ ومحاولة إظهار إرادة حسنة حيال إدارة بايدن - على أمل أن تساعدها هذه الأخيرة في وصول الأموال إلى رام الله واستئناف العملية السياسية بينها وبين إسرائيل. أحد مخاوف الفلسطينيين الأساسية هي اقتصادية. فقد عادت إسرائيل إلى حسم الأموال التي تجبيها عن السلطة على المعابر، رداً على المساعدة المالية التي تقدمها إلى عائلات القتلى الفلسطينيين والأسرى الأمنيين في السجون الإسرائيلية.
- هذه الصعوبة تزداد لأسباب بيروقراطية. الحكومة مضطرة إلى العمل قانونياً بعد التشريع الذي أقره الكنيست في فترة حكومة نتنياهو. حساب الحسم يجري بحسب التقرير الذي تصدره وزارة الدفاع، والمتعلق بحجم الأموال التي تدفعها السلطة إلى الأسرى وعائلات المقاتلين. لكن في سنة 2019 لم يصدر تقرير، ومؤخراً صدر تقرير يلخص العامين الماضيين - وهكذا أصبح المبلغ المحسوم مضاعفاً. وتحسم إسرائيل من أموال الفلسطينيين نحو 100 مليون شيكل شهرياً، بينما تصل ميزانية السلطة كلها إلى نحو مليار ونصف مليار شيكل شهرياً. هذا أيضاً يزيد الصعوبات الاقتصادية للسلطة التي ستضطر إلى تقليص رواتب موظفي الدولة قريباً- بينهم العاملون في الأجهزة الأمنية الذين يعتمد التنسيق الأمني مع إسرائيل في الأساس عليهم.
- الصاروخان اللذان أُطلقا من لبنان على إسرائيل قبل أسبوعين لم يكونا ظاهرة أولى من نوعها. فقد سبق ذلك حادث مشابه خلال عملية حارس الأسوار في أيار/مايو 2021. وراء الحادثين على ما يبدو أطراف فلسطينية تتماهى مع "حماس" وتحركت بموافقة صامتة من جانب صاحب البيت الحقيقي في لبنان - حزب الله.
- من المعروف أحياناً أن حادثاً منفرداً كان يُعتبر قبل وقت قليل استثنائياً قد يتحول إلى سلوك دائم. فما يبدو أنه تماهٍ من أطراف فلسطينية مع "حماس" في لبنان يمكن أن يتحول إلى طريقة عمل ثابتة تمتاز بها أطراف فلسطينية وتخرق وضع الهدوء الذي ساد هذا القطاع منذ حرب لبنان الثانية.
- سيناريو قيام عناصر من "حماس" في لبنان بقصف شمال إسرائيل بالصواريخ من حين إلى آخر، لديه فرصة تحقُّق معقولة. هذا الأمر يتطابق مع التوجه الاستراتيجي للحركة كما عبّرت عنه قبل عملية حارس الأسوار وخلالها، والرامي إلى فصل السياق المحلي للمواجهة بينها وبين إسرائيل وربطه بالوضع العام في الشرق الأوسط، وقبل كل شيء بعملية التطبيع الإسرائيلي - العربي. بالنسبة إلى "حماس"، أعمال الشغب في المدن المختلطة في إسرائيل خلال حرب غزة، وكذلك تسخين الأجواء في الضفة الغربية، هما جزء من هذا التوجه الذي يجب، في ضوئه، تحليل اهتمام الحركة بتوسيع المواجهة العسكرية إلى لبنان.
- القصف من لبنان في اتجاه إسرائيل لا يخدم فقط مسعى توسيع إطار المواجهة الشاملة مع إسرائيل، بل يترافق مع التردد الدائم لـ"حماس" بين الرغبة في إدارة وإعادة بناء قطاع غزة وبين الرغبة في مواجهة مع إسرائيل. فقد أظهرت "حماس" حذراً كبيراً نسبياً في سلوكها حيال إسرائيل في الشهرين اللذين أعقبا عملية حارس الأسوار، وحاولت استئناف إطلاق البالونات الحارقة والامتناع من إطلاق القذائف الذي يمكن أن يجدد القتال. من وجهة النظر هذه، توسيع المواجهة إلى لبنان قد يمنح "حماس" وسيلة تكتيكية – عملانية ضد إسرائيل ويوسع ساحة الاشتباك المحتمل من غزة إلى الجنوب اللبناني، ويحمي القطاع نسبياً من رد إسرائيل التي تُظهر نوعاً من التردد إزاء الرد على إطلاق النار من الشمال.
- تجري هذه التطورات على خلفية التفكك السياسي والاجتماعي للبنان، الذي لا يسمح فقط لهذه الأطراف الفلسطينية باستغلال الأرضية لقصف إسرائيل، بل يُضعف أيضاً قدرة الجيش على فرض إرادته على الأطراف الفلسطينية المارقة.
- حتى الآن دور حزب الله في حادثتيْ القصف ليس واضحاً: هل أعطى موافقته المسبقة على القيام بهما، أم أن هذا حدث رغماً عن أنفه، ومن خلال استغلال انشغاله بالأحداث والتطورات التي تجري في لبنان. على أي حال سيكون من الصعب على حزب الله في الظروف الحالية لجم أحداث مشابهة أُخرى. ونتيجة ذلك من الممكن أن يؤدي تكرار القصف من طرف جهات فلسطينية تتماهى مع "حماس" من الأراضي اللبنانية إلى وضع إسرائيل أمام تحدٍّ كبير.
- حتى الآن امتاز الرد الإسرائيلي بإطلاق نيران المدفعية على لبنان، تقريباً من دون أهداف محددة بالإضافة إلى كلام علني صادر عن المستويين السياسي والعسكري، بأن إسرائيل لن تقبل مثل هذا الواقع. لكن الكلام شيء والأفعال شيء آخر، إذ سيخلق تكرار حوادث القصف وتحوُّل الشمال إلى ساحة اشتباك جديدة على خلفية تفكّك لبنان واقعاً جديداً. حينها ستضطر إسرائيل إلى مواجهة مسألة الرد وقدرتها على منع القصف: هل سيكون عنوان الرد لبنان – في ضوء انهيار الدولة وضعف الجيش، وهو ما يقلص قدرتهما على منع مثل هذه الحوادث - أو حزب الله، الأمر الذي سيعرّض إسرائيل لإمكان تبادل الضربات مع الحزب. إن هذه المعضلة غير بسيطة وليس من الواضح البتة ما إذا كانت إسرائيل تملك في الوقت الحالي الأدوات والقدرة لمنع تحوّل القصف المتقطع إلى صليات متفرقة من القصف.