مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن طائرات سلاح الجو شنّت مساء يوم الاثنين الفائت غارات جوية على مواقع تابعة للفصائل الفلسطينية في منطقة خانيونس جنوبي قطاع غزة، رداً على إطلاق بالونات حارقة من القطاع في اتجاه الأراضي الإسرائيلية في وقت سابق من ذلك اليوم.
وأضاف البيان أن البالونات الحارقة تسبب باندلاع 3 حرائق في مستوطنات إسرائيلية محاذية للقطاع.
ونقلت وكالة "وفا" الفلسطينية للأنباء عن شهود عيان قولهم إن طائرة حربية إسرائيلية مسيّرة من دون طيار استهدفت بصاروخ واحد على الأقل أرضاً زراعية غربي خانيونس.
وأشار الشهود العيان إلى أن مقاتلات حربية إسرائيلية من طراز إف 16 حلّقت في أجواء المنطقة بكثافة.
ذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الجنرال أفيف كوخافي قرّر في ختام تقييم عام للوضع الأمني أجرته قيادة الجيش أمس (الأربعاء) تمديد الطوق الأمني المفروض على مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية] حتى منتصف ليلة ما بين يومي السبت والأحد المقبلين، وأوضح أنه بعد انتهاء فترة تمديد الطوق سيخضع القرار لتقييم الوضع في حينه بناءً على نتائج تقييم آخر الأوضاع الأمنية وتقييم نتيجة الجهود التي تقوم بها إسرائيل لتحديد مكان الأسرى الأمنيين الفلسطينيين الستة الذين فروا من سجن جلبواع [شمال إسرائيل] يوم الإثنين الفائت.
وأضاف البيان أنه سيتم فتح معابر البضائع في قطاع غزة والضفة الغربية كما هو مخطَّط له عند منتصف الليلة الماضية.
وأشار البيان إلى أنه تقرر تعزيز قوات الجيش الإسرائيلي في مناطق الضفة الغربية وحشد مزيد من قوات الجيش والطائرات كجزء من تعزيز جهود القبض على الأسرى الفارين وإحباط أي حوادث أمنية.
وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى إن الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمال حدوث تصعيد في الضفة الغربية وقطاع غزة على خلفية التوترات المستجدة في إثر فرار الأسرى.
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت إن إسرائيل مستعدة لجميع السيناريوهات في المناطق [المحتلة].
وجاءت أقوال بينت هذه في سياق بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية مساء أمس (الأربعاء)، وذلك في إثر تصاعُد التوتر بين المعتقلين الفلسطينيين ومصلحة السجون الإسرائيلية عقب هروب 6 أسرى أمنيين فلسطينيين من سجن جلبواع، شدّد رئيس الحكومة فيه أيضاً على أن هذه الأحداث قادرة على أن تؤثر في عدة جهات، ولذا تبذل جميع الأجهزة الأمنية جهوداً مشتركة في هذا السياق.
وأفاد البيان أنه في ضوء الأحداث التي وقعت في السجون أجرى رئيس الحكومة في الساعة الأخيرة تقييماً للأوضاع بمشاركة كل من وزير الدفاع بني غانتس، ووزير الأمن الداخلي عومر بارليف، ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش الجنرال أفيف كوخافي، ورئيس جهاز الأمن العام ["الشاباك"] نداف أرغمان، والقائد العام للشرطة كوبي شبتاي، ومفوضة مصلحة السجون ورئيس هيئة الأمن القومي ومسؤولين كبار آخرين. وتم إطلاع رئيس الحكومة على آخر المستجدات، وسيقوم بإجراء مشاورات أُخرى وفق الحاجة.
رحّب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية مساء أول أمس (الثلاثاء) بفرار 6 أسرى أمنيين فلسطينيين، بينهم 5 أسرى من حركة الجهاد الإسلامي وزكريا الزبيدي القائد السابق في كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة "فتح"، من سجن جلبواع عبر نفق حفروه تحت نظام صرف صحي.
وذكر بيان صادر عن "حماس" أن هنية أجرى محادثة هاتفية مع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة جرى خلالها التشديد على التزام الحركتين بالإفراج عن الأسرى بغضّ النظر عن الثمن الذي ينطوي عليه الأمر، وعلى أن الموضوع يقف في رأس أولويات الحركتين.
ووفقاً للبيان، أكد هنية أيضاً أن هذا العمل بطولي ويشكل صفحة انتصار جديدة للشعب الفلسطيني في النضال ضد الاحتلال، كما أكد ضرورة توفير الحماية للأسرى الفارين وأهمية تزويدهم بشبكة أمان لمواصلة عملهم.
أعلنت مصلحة السجون الإسرائيلية مساء أمس (الأربعاء) أنها قررت رفع حالة التأهب في جميع السجون الإسرائيلية إلى الدرجة القصوى بعد أن قام سجناء من حركة الجهاد الإسلامي بإضرام النار في عدد من الغرف داخل سجنيْ كتسيعوت في النقب ورامون في جنوب إسرائيل، وذلك احتجاجاً على عملية النقل التي تقوم بها مصلحة السجون لسجناء الجهاد الإسلامي، على خلفية عملية الفرار من سجن جلبواع [قام بعملية الفرار 5 سجناء من حركة الجهاد الإسلامي، هم: محمود ومحمد عارضة ويعقوب قادري وأيهم كممجي ومناضل يعقوب نفيعات بالإضافة إلى السجين زكريا الزبيدي من حركة "فتح"].
وأضرم السجناء من الجهاد الاسلامي النار في 9 غرف في سجنيْ كتسيعوت ورامون وتم إخماد النيران من دون وقوع إصابات بشرية.
كما أفيدَ بأن سجناء الجهاد الإسلامي في معتقل عوفر بالقرب من القدس رفضوا إعادة توزيعهم بين الغرف وتمت معاقبتهم بوضعهم في زنازين انفرادية. وحاول سجين إلقاء ماء ساخن على حارس في سجن جلبواع، وقالت إدارة السجن إن الحارس لم يصَب بأذى وتم وضع السجين في الحبس الانفرادي.
هذا وتواصل قوات الأمن الإسرائيلية أعمال البحث والتمشيط سعياً لإلقاء القبض على الأسرى الأمنيين الستة الفارين. ودفع الجيش الإسرائيلي بمزيد من قواته للمشاركة في أعمال البحث عن الأسرى الفارين ليرتفع عدد السرايا التي تقدم المساعدة للشرطة إلى 14 وانضمت إلى هذه المساعي قوة من سلاح الجو أيضاً.
وحتى مساء أمس أكدت قيادة المؤسسة الأمنية أنه لا يوجد لديها أي طرف خيط بشأن الأسرى الفارين، وشدّدت على أن الأمر يحتاج إلى كثير من الصبر.
من ناحية أُخرى تقرر استدعاء كبار المسؤولين في سجن جلبواع لتقديم إفادات خلال الأيام القريبة في وحدة التحقيقات القطرية مع أفراد مصلحة السجون التابعة للشرطة. وقالت مصادر في قيادة مصلحة السجون إن الحديث لا يدور حول تحقيق تحت طائلة التحذير كما لا توجد شبهات بشأن ضلوع سجّانين في عملية الفرار. وحتى الآن قدّم 19 سجّاناً إفاداتهم في هذه القضية.
وقالت مصادر فلسطينية إن قوات عسكرية إسرائيلية اعتقلت أمس وأمس الأول (الثلاثاء) عدداً من أقرباء الأسرى الستة في منطقة جنين، بينهم والد السجين يعقوب نفيعات من بلدة يعبد، وشقيق السجين محمود عارضة، وشقيق السجين محمد قاسم عارضة من بلدة عرابة. كما أجرت القوات عمليات تفتيش في قرية السجين الهارب يعقوب قادري، بير الباشا.
وأشارت المصادر الفلسطينية نفسها إلى أن مسلحين من الجهاد الإسلامي ومن كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة "فتح" قاموا بالانتشار في مخيم جنين استعداداً لمواجهة الجيش الإسرائيلي في حال قيامه باقتحام المخيم.
في المقابل ذكرت الشرطة الإسرائيلية أنها في إطار البحث عن الأسرى الأمنيين الفلسطينيين الذين فروا، قامت فجر أمس باعتقال 3 أشخاص من قرية الناعورة العربية القريبة من سجن جلبواع. وذكر شهود عيان أن قوات الشرطة داهمت أيضاً مسجداً في القرية للاشتباه بأن أحد الأسرى الهاربين أو بعضهم كانوا مختبئين فيه.
وكانت تحقيقات أولية قامت بها إدارة سجن جلبواع كشفت أن النفق، الذي فرّ منه الأسرى الأمنيون الفلسطينيون الستة، بدأوا بحفره قبل عام وذلك عبر نظام صرف صحي داخل زنزانتهم، وأن الستة ساروا على أقدامهم مسافة 3 كيلومترات حتى وصولهم إلى مركبة كانت تنتظرهم ونقلتهم من المكان.
ورجحت مصادر في الشرطة، بناء على قيامها بمسح المنطقة، أن الفارين ذهبوا في اتجاه مدينة بيت شان [بيسان] وحتى أنهم توقفوا للتدخين خلال هروبهم، ومن هناك اختفت آثارهم.
كما تبيّن في وقت لاحق أن سائق سيارة أجرة مرّ من المكان لحظة خروج الستة من النفق فقام بتبليغ الشرطة هاتفياً بما شاهده في عتمة الليل بالقرب من السجن. وقال السائق بعد ساعات من تبليغه بالأمر إنه قام بتبليغ الشرطة بأنه رأى 3 أشخاص فقط في حين شاهد 6 أشخاص وأكد أنه كان مرتبكاً للغاية وقت التبليغ.
وقال السائق لوسائل إعلام: "أدركت أنه حدث غير عادي. فجأة رأيت بعض الأشخاص يركضون عن يساري وانطلقوا مسرعين، الأمر الذي أثار الشبهات لدي. حاولوا الاختباء وراء الأدغال فأدركت أن شيئاً ما غير عادي يحدث هنا. رأيت أكثر من 3 أشخاص، لكنني بدأت أفكر في أنني ربما كنت أهلوس، وربما كنت متعباً، وحتى لا يشتبهوا بأنني أتعرض للهلوسة بلّغت عن ثلاثة فقط وليس أكثر. في حال لم أبلّغ على الفور فمن يعلم متى كانوا سيلاحظون حقيقة فرارهم؟"
وما زال مسؤولو سجن جلبواع وقادة الشرطة ومصلحة السجون عرضة لانتقادات واسعة، وذلك بسبب الهفوات التي سهلت عملية الهروب، وارتكاب سلسلة من الأخطاء الفادحة التي سمحت بحدوث عملية الفرار في المقام الأول، وكذلك بسبب الإخفاق في فهم خطورة الموقف عدة ساعات بعد حدوثه.
في سياق متصل قالت قناة التلفزة الإسرائيلية "كان" [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] مساء أمس إن هناك شبهات قوية بأن الأسرى الفارين تلقوا مساعدة من سجّانين، وأشارت إلى أنه تم أمس استجواب 5 سجّانين من السجن للمرة الثانية. كما أشارت إلى أنه من المتوقع أن تقوم الشرطة اليوم (الخميس) بالتحقيق مع اثنين من عناصر مصلحة السجون الذين شاركوا في اتخاذ قرارات في هذه القضية.
ويمكن القول إن الخشية الرئيسية القائمة في صفوف قيادة الشرطة هي أن الأسرى الفارين ما زالوا في الأراضي الإسرائيلية، إما في بيوت عائلات [عربية] تخبئهم، أو في مناطق مفتوحة، وهم ينتظرون أقرب فرصة للهرب من البلد، أو للقيام بعمليات دامية. وما يعزّز الاحتمال الأخير [القيام بعمليات دامية] أن 4 أسرى من بين الستة محكومون بالسجن المؤبد مدى الحياة، ولذا ليس لديهم ما يخسرونه. وثمة احتمال آخر هو أن الستة هربوا إلى أراضي الضفة الغربية التي يعرفونها جيداً، ولا سيما أراضي منطقة جنين حيث كانوا يقطنون. إن أربعة منهم مسجونون منذ أكثر من 20 عاماً، ولذا فإن احتمال أن يبقوا في الأراضي الإسرائيلية التي لا يعرفونها جيداً ضئيل للغاية. ويمكن القول إن اختباءهم في الضفة الغربية هو خيار مفضل بالنسبة إلى إسرائيل بسبب سيطرة قوات الأمن الإسرائيلية على المنطقة أمنياً واستخباراتياً. ومع ذلك، من شأن إلقاء القبض عليهم في أراضي الضفة أن يؤدي بشكل شبه حتمي إلى وقوع مواجهة عنيفة مع قوات الجيش الإسرائيلي.
- "لستَ بحاجة إلى أن تكون عبقرياً كبيراً كي تفهم أن ما حدث إخفاق كبير." هذا ما أعلنه وزير الداخلية عومر بارليف أثناء حديثه عن فرار الأسرى الأمنيين الستة من سجن جلبوع يوم الاثنين، وشدد على أنه لن يكتفي بتحقيق بسيط في الحادثة. وتطرّق بارليف في التعليق الذي نشره على الفايسبوك إلى الأخطاء الهندسية في مبنى السجن، والتي كانت تعرفها المؤسسة، وإلى محاولة الفرار التي جرت بالطريقة نفسها في سنة 2014 بواسطة المعابر عينها تحت الأرض، والتي أُحبِطَت في اللحظة الأخيرة، وبعدها شُكلت لجنة تحقيق. وفعلاً من الصعب التفكير في دليل أكثر إقناعاً بوجود "إخفاق خطِر"، بحسب كلام الوزير، وعدم استخلاص الدروس من عملية الهروب الأولى.
- ليس بارليف فقط مَن يعترف بما هو أمر مفروغ منه. مسؤولون رفيعو المستوى في مصلحة السجون يقولون إن الإخفاقات الأمنية التي سمحت للأسرى بالفرار كانت مصلحة السجون على علم بها منذ وقت طويل، لكنها لم تُعالَج. سلسلة الإخفاقات التي أدت إلى عملية الفرار طويلة: قرار إبقاء الأسرى الستة معاً على الرغم من أنهم كلهم من جنين القريبة من السجن، وثلاثة منهم جرى تصنيفهم مسبقاً بأنهم "أسرى مع خطر كبير للفرار"؛ حقيقة أن سجن جلبوع الذي يُعتبر سجناً شديد الحراسة ليس لديه سيارة دورية تدور حوله للكشف عن عمليات فرار؛ غضُّ مصلحة السجون النظر عن استخدام الأسرى هواتف خليوية مهربة، (يبدو أن الأسرى خططوا للفرار بمساعدة عناصر خارجية بواسطة هاتف هُرِّب إلى الزنزانة، وهربوا بسيارة كانت في انتظارهم)؛ كون المخطَّط الهندسي للسجن – وهو من الأفضل في إسرائيل - منشوراً علناً على الإنترنت وكان في متناول الجميع؛ اعتراف السجّانة، التي كانت في برج الحراسة المشرف على فتحة النفق الذي هرب منه الأسرى، بأنها كانت نائمة حين حصول الحادثة؛ حقيقة مرور ساعتين قبل التقرير الأول عن الفرار وبعد الانتهاء من إحصاء الأسرى.
- عملية الفرار تفرض إعادة عملية تقييم لمنظومة مصلحة السجون، بما في ذلك إدخال وسائل تكنولوجية تحل محل حراس مرهقين. إهمال مصلحة السجون ومنشآتها لأعوام طويلة هو الذي تسبب بهذا الإخفاق. لقد تحولت مصلحة السجون إلى باحة خلفية للمؤسسة الأمنية والميزانيات التي صُرفت عليها ذهبت إلى الرواتب والمعاشات التقاعدية بدلاً من بناء مبانٍ حديثة وتحسين حياة الأسرى.
يتعين على بارليف تشكيل لجنة تحقيق خارجية تحدد المسؤولين عن هذا الإخفاق والتوصل إلى استخلاصات شخصية وبنيوية والتأكد هذه المرة من أن هذه الاستخلاصات ستنفَّذ على الأرض. يجب عدم الاكتفاء بمحاسبة حارسة غفت، بل فحص كل الهرم، بما في ذلك مَن تقف على رأسه رئيسة مصلحة السجون كاتي بيري التي وقعت خلال توليها منصبها حادثة الفرار التي تُعتبر أخطر إخفاق في تاريخ مصلحة السجون.
- اجتماع وزير الدفاع بني غانتس بمحمود عباس مهم كبادرة حسن نية، لكن إذا بقي عند هذا الحد ولم يتطور إلى محادثات سياسية تشمل قيادة "حماس" - ليس تلك الموجودة في قطر، بل الموجودة في غزة - فإن أهمية الاجتماع ستضيع.
- لقد شبع الفلسطينيون والإسرائيليون من اجتماعات من هذا النوع، هدفها التخفيف من اللهب وليس إطفاء النيران. الشعبان بحاجة إلى زعماء يمتازون بالسمو والشجاعة ولا يختبئون وراء اعتبارات حزبية أو ائتلافية ويخافون من ردة فعل المعارضة؛ زعماء يقفون أمام أبناء شعبهم ويقولون لهم الحقيقة: حان الوقت لاتخاذ قرارات سياسية حاسمة من أجل الأجيال المقبلة.
- صحيح أنه يوجد انقسام عميق في الجانب الفلسطيني، وفي الجانب الإسرائيلي تحكم حكومة اتفقت على عدم الاتفاق على الموضوعات السياسية، لكن لا مفر من المضي قدماً في تحقيق حل الدولتين.
- النهج الذي تنتهجه النخب السياسية والعسكرية لدى الطرفين - إدارة النزاع وتقليصه بانتظار الوقت لحسمه - فشل مرة تلو المرة. تكفي كلمات، مثل "جولات عسكرية"، كي نفهم أن الطريقة العسكرية ليست ناجعة، وكلما حصدت المزيد من الضحايا كلما خسرت شرعيتها، وستُضعف قدرة حكم مستخدميها، وستُخرج الجماهير إلى الشوارع. "الجولة العسكرية" الأخيرة"، عملية "حارس الأسوار"، تقدم نموذجاً جيداً مما ينتظرنا: سواء "فتح" أو حكومة إسرائيل ستخسران قدرتهما على الحكم لمصلحة ازدياد قوة العناصر القومية.
- في حالة الضفة الغربية، ضعف "فتح" يمكن أن يؤدي إلى ازدياد قوة اليسار الراديكالي والتنظيمات الإسلامية. أولى التباشير يمكن رؤيتها في انتخاب نادية حبش ممثلة "حماس" والجبهة الشعبية رئيسة لنقابة المهندسين. في حالة غزة، ضعف قيادة "حماس" يمكن أن يؤدي إلى تقوية التنظيمات الجهادية، سيطرة طالبان على أفغانستان، الشبيهة بالثورة الإسلامية في إيران سنة 1979، تعطي زخماً لهذه التنظيمات الإسلامية.
- في الجانب الإسرائيلي، ضعف الجهات المولجة فرض القانون يمكن أن يؤدي إلى تراجُع إضافي في ثقة الجمهور العربي بمؤسسات الدولة، ونتيجة ذلك توجّه الشباب نحو تنظيمات قومية وإسلامية متشددة. تستغل هذه الأطراف الإحساس بالإقصاء وعدم تقدير الشباب الفلسطيني لإقناعهم بأن ما يجري نزاع أساسه ديني استعماري. وهم يعتبرون توجهات الاندماج لدى المواطنين العرب في المجتمع والاقتصاد الإسرائيلييْن، وكذلك مسارات التطبيع مع إسرائيل، ظاهرات سلبية تفرّغ الهوية الفلسطينية من مضمونها التاريخي والأخلاقي والثقافي وتُضعف النضال من أجل التحرر الوطني.
- هذه العناصر الدينية والقومية تدعو إلى إلغاء الفصل الجغرافي والعزل الذي فرضته إسرائيل على التجمعات الفلسطينية عندما أسرت سكان الضفة الغربية في "سجن أوسلو"، و"عرب 48" في سجن "الهوية الإسرائيلية"، وسكان غزة في "سجن الحصار"، واللاجئين في "سجن المخيمات". وهم يطالبون باستبدال النخب السياسية، التي وقّعت اتفاقات أوسلو وتخلت عن استراتيجية النضال الثوري، بزعامة وطنية عليا تعمل على تعزيز التضامن بين الفلسطينيين أينما كانوا، وإقناع كل المترددين بأنه حان الوقت لإعلان مرحلة جديدة من النضال ضد الصهيونية، بحسب نموذج الربيع العربي ومسيرات اللاجئين نحو الحدود. رد عسكري من طرف إسرائيل سيُلحق بها أضراراً سياسية ودبلوماسية وأخلاقية.
- هذه الأفكار يجري الدفع بها قدماً عبر المحطات الفضائية، ومحطات الراديو، وشبكات التواصل الاجتماعي، ومعاهد الأبحاث، وفنانين فلسطينيين، وحركة الـBDS. الشعار الذي يتردد في كلامهم "هذا ممكن": "اليوم 15 أيار/مايو، تحرير فلسطين كلها من البحر إلى النهر ممكن... استقلال السلاح هو شرط استقلال الوطن... المقاومة هي الممثل الوحيد الشرعي والحصري للشعب الفلسطيني. المقاومة تقرّبنا من بعضنا البعض؛ المفاوضات، والتطبيع والأنظمة الديكتاتورية، والحروب المستقبلية، تبعدنا عن بعضنا البعض. كل من يدعم المستبدين والمطبّعين يخدم الجيش الإسرائيلي"، هذا ما قاله الشاعر تميم البرغوثي في مقابلة أجرتها معه قناة الجزيرة خلال عملية "حارس الأسوار".
- كي نمنع انسياق الشباب وراء هذه العناصر يتعين على السلطة الفلسطينية و"حماس" وحكومة إسرائيل الإصغاء إلى الرسائل التي يرسلها هؤلاء الشباب. ويجب على غانتس وعباس ويحيى السنوار منح هؤلاء الشباب الإحساس بأنهم رصيد وليسوا عبئاً؛ وأنهم جيل حر ومبدع يمكنه أن يؤمن بأن لديه أفقاً ويستطيع أن يتعلم ويتطور ويعيل عائلته، وأن يشارك في القرارات التي تتعلق بمصير شعبه - وهم ليسوا تابعين لأحد، ولا يعيشون في انتظار أموال التبرعات.