مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
رئيس الشاباك الجديد رونين بار التقى في الأسبوع الماضي سراً في رام الله مع رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، وهذا هو اللقاء الأول بين الطرفين منذ تسلّم بار منصبه في الشهر الماضي. وقد اعتُبر الاجتماع من باب التعارف لكن الرجلين تحدثا عن عدد من الموضوعات بينها الوضع الاقتصادي الصعب في مناطق السلطة والتنسيق الأمني.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كان قد التقى في آب/أغسطس الماضي وزير الدفاع بني غانتس، وبحث الطرفان سبل تعزيز السلطة الفلسطينية. وكان هذا أول لقاء لمسؤول رفيع المستوى في الحكومة الإسرائيلية مع رئيس السلطة الفلسطينية منذ 2010.
وبعد مرور شهر اجتمع أبو مازن مع مسؤولي حركة ميرتس: الوزير نيتسان هوروفيتس وعيساوي فريج وعضو الكنيست ميخال روزين.
وصلت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد يوم الأحد إلى إسرائيل في زيارة هي الأولى لها التقت خلالها رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ، ورئيس الحكومة نفتالي بينت، ووزير الخارجية يائير لبيد، ووزيرة المواصلات ميراف ميخائيلي بطلب من الإدارة الأميركية.
خلال اللقاءات بحثت السفيرة موضوعات إقليمية استراتيجية ودولية. وشكر الرئيس الإسرائيلي وقوف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل في مؤسسات الأمم المتحدة خلال عملية "حارس الأسوار" وأثنى على عمل السفيرة في عدد من الموضوعات.
وقال نفتالي بينت خلال لقائه السفيرة أنها تستطيع أن ترى بعينها خلال هذه الزيارة التحديات التي تواجهها إسرائيل في مواجهة التنظيمات الإرهابية المدعومة من إيران والموجودة على طول حدودنا. وقال وزير الخارجية يائير لبيد: "من المعروف أن سفيرة الولايات المتحدة هي صديقة حقيقية لإسرائيل وقاتلت إلى جانبنا في إحدى الساحات الأكثر تعقيداً في المجتمع الدولي. وتعتمد هذه الصداقة ليس فقط على المصالح المشتركة بل أيضاَ على قيم مشتركة ونظرة مشتركة إلى العالم".
وكان لافتاً طلب السفيرة الاجتماع مع وزيرة المواصلات ورئيسة حزب العمل ميراف ميخائيلي بطلب من الجانب الأميركي تحديداً.
التقى الموفد الأميركي الخاص لشؤون إيران روبرت مالي كلاً من وزير الخارجية يائير لبيد ووزير الدفاع بني غانتس. وذكرت مصادر سياسية إسرائيلية أن الاجتماع كان جيداً وأن "الأميركيين يفهمون موقفنا جيداً". وخلال الاجتماع عرض لبيد على مالي وجهة نظر إسرائيل من المسألة النووية الإيرانية وتقديره بأن العودة إلى المفاوضات النووية هي محاولة إيرانية للمماطلة.
وهذه الزيارة هي الأولى لروبرت مالي لإسرائيل منذ تعيينه في منصبه. وقبل مجيئه إلى إسرائيل زار السعودية والإمارات، وذلك ضمن إطار المساعي لاستئناف المفاوضات النووية في نهاية هذا الشهر بين الدول الكبرى وإيران.
ولم يلتقِ رئيس الحكومة مالي وأوضح مصدر مقرّب من بينت هذا الأسبوع أن المقصود ليس مقاطعة بل بسبب قواعد بروتوكولية، وأيضاً بسبب المواقف السابقة لروبرت مالي من الاتفاق النووي مع إيران. وبحسب كلام المصدر: "بينت لا يقاطع مالي. هو يعتقد أن العودة إلى المحادثات أمر غير صحيح". وذكر مصدر رفيع المستوى لـ"هآرتس" أن مالي هو موظف من رتبة صغيرة نسبياً وليس من المفترض أن يجتمع مع زعماء دول في إطار اجتماعاته المهنية.
من المتوقع أن يقوم وزير الدفاع بني غانتس في الأسبوع المقبل بزيارة رسمية إلى المغرب حيث سيوقع مذكرة تفاهم أمني مع المغرب. وهذه أول زيارة يقوم بها وزير دفاع إسرائيلي إلى دولة عربية، وهو الاتفاق الأول من نوعه بين إسرائيل ودولة عربية.
وستحدد المذكرة إطار العلاقات الأمنية بين الدولتين بصورة عامة، والعلاقة بين الجيشين الإسرائيلي والمغربي والتنسيق بينهما وقضايا الاستخبارات والمشتريات الأمنية، ولاحقاً سيجري الحديث عن تدريبات مشتركة.
لإسرائيل علاقات أمنية غنية مع مصر والأردن، وسبق أن وقعت مع الدولتين ملاحق أمنية شكلت جزءاً من اتفاقيات السلام. لكن هذه الملاحق تنظم ما يجري على الحدود المشتركة بين الدولتين ولا تحدد إطاراً لتسوية العلاقات الأمنية بصورة شاملة. والتقدير في إسرائيل أن المغرب مهتم بتوقيع المذكرة معها بسبب التوترات القائمة بينه وبين الجزائر. وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاق سيسمح للمغرب بشراء عتاد عسكري ومواد أُخرى من إسرائيل، وهذه المرة الأولى التي يجري الحديث عن اتفاق رسمي وعلني.
ولا يشكل الاتفاق البادرة الوحيدة التي تشير إلى عودة الحرارة إلى العلاقات بين إسرائيل والمغرب. ففي آب/أغسطس قام يائير لبيد بزيارة للمغرب، وكان أول وزير خارجية إسرائيلي يزور المغرب منذ 2003.
في العامين الأخيرين حسّن المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل بعد مساعي التطبيع مع إسرائيل في العالم العربي. ولقد دفع اعتراف إدارة دونالد ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية خطوة في اتجاه تسوية العلاقات بين الرباط وإسرائيل. وخلال هذه السنة افتتحت ممثلية دبلوماسية إسرائيلية في المغرب، وخلال أشهر الصيف جرى تسيير رحلات جوية مباشرة بين مطار بن - غوريون وأماكن عديدة في المغرب. والمعلوم أن المغرب جمد علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل في سنة 2000 تضامناً مع الفلسطينيين.
ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن شاباً فلسطينياً (26 عاماً) قُتل بنيران الجيش الإسرائيلي خلال مواجهات نشبت ليل الاثنين - الثلاثاء على مدخل قرية طوباس شمال نابلس. وقد اندلعت المواجهات في إثر وصول قوة من وحدة الدوفدفان لاعتقال فلسطينيين، وخلال العملية رُشقت القوة بعبوة من سيارة مارة فأطلق الجنود النار في اتجاهها وهو ما أدى إلى مقتل فلسطيني كان موجوداً في المكان.
والقتيل هو صدام حسين بني عودة من قرية طمون سبق أن جُرح في تموز/يوليو الماضي في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، ونشر بعدها تعليقاً على الفيسبوك كتب فيه: "لا يهمني أن أموت ومتى، المهم أن يبقى وطني". وأصدرت حركة الجهاد الإسلامي بياناً نعت فيه الشاب بني عودة واعتبرته "مقاتلاً في التنظيم وقف في وجه القوات الإسرائيلية والاقتحامات التي تقوم بها في القرى الفلسطينية في الضفة".
من جهة أُخرى ذكر الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن الجنود الإسرائيليين اقتحموا ليلاً قرية طوباس واعتقلوا شخصين مشتبهاً بهما. وخلال العملية تعرضوا لإطلاق النار ورُشقوا بعبوة ناسفة من سيارة مارة، فرد الجنود بإطلاق النيران على السيارة. لم تقع إصابات في صفوف قواتنا. لكن سقط قتيل فلسطيني نتيجة إطلاق النار.
- قرار رئيس الحكومة نفتالي بينت مقاطعة الموفد الأميركي الخاص لشؤون إيران روبرت مالي، الذي يزور المنطقة على خلفية مساعيه لاستئناف المحادثات النووية مع إيران، هو أمر استفزازي ومضر بإسرائيل. والأخطر من هذا أنه يقدمه بصورة سخيفة، كمن يلوّح بعلم "التغيير"، لكن عملياً تصرُّفه في الشأن الإيراني هو تقليد باهت لمن سبقه، بنيامين نتنياهو.
- بعكس الرئيس دونالد ترامب، يؤمن الرئيس جو بايدن بالدبلوماسية، انطلاقاً من التنسيق مع حلفاء أميركا. وصرّح بايدن أن الولايات المتحدة تتعهد بعدم حصول إيران قط على سلاح نووي، لكنه إلى جانب ذلك هو يؤمن بأن "العودة المتبادلة إلى الاتفاق النووي ستؤدي إلى إنجازات في منع انتشار السلاح النووي".
- في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية هناك مَن لم يعُد يتخوف من انتقاد السياسة التي قادها نتنياهو بشأن الاتفاق النووي، وأفضل مَن نجح في صوغ ذلك هو رئيس الموساد السابق أفرايم هليفي الذي قال: "دفع الولايات المتحدة إلى الخروج من الاتفاق كان أسوأ كارثة دبلوماسية في القرن الحالي". وأضاف هليفي: "هناك إجماع شامل في أجهزة الاستخبارات في إسرائيل على أن ما يجب فعله اليوم هو عدم وضع العصي في دواليب الأميركيين لدى ذهابهم إلى إجراء المفاوضات، بل يجب التحاور معهم كي تشمل مواقفهم الأمور التي نراها مهمة بالنسبة إلينا".
- بينت يتصرف بعكس ذلك. فهو يضع العصي في دواليب الأميركيين، وبذلك يُلحق ضرراً بمصلحة إسرائيل في الاتفاق الآخذ في التبلور مع إيران، وبالعلاقات مع إدارة بايدن. وبسلوكه هذا يتصرف كأنه يطبّق على الأميركيين وجهة نظره "لا مجال للاعتذار بعد اليوم". مقاطعته ليست تصرفاً صادراً عن زعيم، بل تذكّر بتصرف التلاميذ في المرحلة الإعدادية.
- مصدر مقرّب من بينت أوضح أن المقصود ليس مقاطعة، بل قرار بعدم عقد اجتماع يخرق قواعد البروتوكول، وبسبب المواقف التي يعرضها مالي بشأن الاتفاق النووي مع إيران. وقال المصدر: "يعتقد بينت أن العودة إلى المفاوضات ليست بالأمر الصحيح، ومالي يقود وجهة نظر العودة إلى المحادثات في الإدارة الأميركية". لكن في الخلاصة، إن موقف بينت هو بالضبط مقاطعة بغيضة وتافهة للموفد الأميركي.
- كفى كذباً على الجمهور وتضليله بأوهام وجود خطة واقعية لمهاجمة إيران، أو إحداث تغيير للنظام عن بُعد. الاتفاق النووي هو الخيار الوحيد لكبح المشروع النووي الإيراني. فبدلاً من محاولة إحباطه بوسائل سخيفة، من الأفضل تعزيز العلاقات مع إدارة بايدن ومع المجتمع الدولي كي نضمن أن يأتي الاتفاق وفق ما ترغب فيه إسرائيل.
- تقدير الوضع السنوي للجيش الإسرائيلي، والذي يُنشر للمرة الأولى صباح الثلاثاء، يرى أن وضع الأمن القومي لدولة إسرائيل تحسّن بصورة معتدلة في العام الماضي. والسبب أن معقولية شن حرب استباقية ضد إسرائيل من طرف أعدائها لا يزال ضئيلاً كما كان عليه في العامين الماضيين، وكذلك القابلية للانفجار (احتمالات حدوث تصعيد مفاجىء وغير منتظر)، التي كانت مرتفعة في الأعوام الأخيرة، تراجعت إلى حد كبير في الساحة الشمالية. في تقدير الجيش الإسرائيلي، الحساسية لا تزال كبيرة في الساحة الغزّاوية، وكذلك في الضفة الغربية، لكن احتمال اشتعال مفاجىء للجبهة اللبنانية والسورية والعراقية بسبب حوادث تتعقد وتؤدي إلى تصعيد، تراجع في سنة 2021، وسيبقى كذلك في العام المقبل. وهذه أخبار جيدة شرط ألاّ تؤدي إلى عدم مبالاة الجيش.
- ثمة سبب إضافي للتفاؤل في قيادة الجيش هو إقرار ميزانية الأمن، وبينها ميزانية الجيش، وهو ما يسمح بتسريع المشتريات والتسلح والتدريبات للنظاميين والاحتياطيين في العامين المقبلين. تجدر الإشارة إلى التحسن الملموس المتوقع حدوثه في الأعوام المقبلة في قدرات الجيش على المواجهة بواسطة وسائل دفاعية وهجومية إزاء تهديد الصواريخ والمسيّرات على الجبهة الداخلية والمنشآت الاستراتيجية الحيوية، وعلى القوات في الجبهة.
...
- التحسن المعتدل في وضع الأمن القومي ينسبه الجيش الإسرائيلي إلى 4 عوامل:
- الأول، بروز تراجُع واضح في تطور التهديدات في الساحة الشمالية: كبح التمركز العسكري الإيراني في سورية، وفي الأساس بالقرب من الحدود مع إسرائيل؛ تباطؤ تعاظُم القوة العسكرية لحزب الله والميليشيات الموالية لإيران وتزوُّدها بسلاح استراتيجي نوعي دقيق (صواريخ ومسيّرات من كل الأنواع)، وعرقلة التزود ببطاريات دفاع جوي من إنتاج إيران تهدد حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في المنطقة. وهذه نتيجة مباشرة للمعركة بين الحروب التي يخوضها الجيش في الساحة الشمالية.
- ثانياً، تراجُع الحساسية في الساحة الشمالية بسبب توافق القوات الموجودة في سورية مع إخماد الحرب الأهلية هناك. نظام الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين المؤيد له يهمهما ترسيخ الاستقرار السياسي وسيطرة النظام على أغلبية الأراضي السورية كي يصبح من الممكن البدء بإعادة إعمار سورية. وتتوقع روسيا والنظام السوري أن يربحا من إعادة إعمار سورية إذا جرى العثور على طرف يموله، لكن حتى الآن لا يوجد مثل هذا الطرف. حتى السعودية ودول النفط الأُخرى في الخليج التي حسّنت علاقتها بالأسد مؤخراً لن تسارع إلى المشاركة في إعادة الإعمار ما دامت الولايات المتحدة لم تعترف بشرعية النظام السوري، وما دامت إيران تتمركز عسكرياً واقتصادياً في سورية.
- التمركز الإيراني يثير استياء الأسد لأن العمليات الإيرانية تقوّض حكمه وسيادة أرضه. لذا يتفهم هو والروس، حالياً أكثر من الماضي، الهجمات المتتالية التي تُنسب إلى إسرائيل، والتي تلجم الإيرانيين. هذه الهجمات بالطبع تردع المستثمرين، لكن بوتين، الذي يتنافس معه الإيرانيون اقتصادياً ويزعزعون استقرار سورية، يُبدي تفهماً. في الأعوام الأخيرة نشأ في سورية وضع جديد تداخلت فيه مصالح بوتين وبشار الأسد وإسرائيل. نتيجة ذلك تضاءل احتمال نشوء تصعيد مفاجىء في هذه الجبهة. وفي هذا المجال أيضاً يمكن أن نسجل نجاحاً للمعركة بين الحروب.
- لكن هذا ليس كل شيء. يوجد في المؤسسة الإسرائيلية مَن يعتقد أنه من أجل التخلص من الإيرانيين على حدودنا، أو على الأقل تقليص وجودهم، يجب انتهاج خطوات غير مباشرة تساعد الأسد على نشر سيطرته على سورية كلها. هناك مسعى سياسي لتجنيد واشنطن لمساعدة الأسد على إعادة إعمار بلده، وكي تصبح الولايات المتحدة مركز ثقل موازياً للنفوذ الروسي في الجبهة الشمالية...
- سبب إضافي لتراجُع حساسية الجبهة الشمالية هو حزب الله الغارق في تعقيدات سياسية ويُعتبر مسؤولاً، جزئياً على الأقل، عن الأزمة التي يغرق فيها لبنان من دون أمل بالحل. التقدير في الجيش الإسرائيلي أنه في المرحلة الراهنة تراجع استعداد نصر الله لخوض مواجهة مدمرة مع إسرائيل ستزيد في معاناة الشعب اللبناني. والخلاصة أن المعركة بين الحروب على الجبهة الشمالية أعطت نتائج لا بأس بها، ومن المفيد توسيعها.
- سبب ثالث لتحسّن وضعنا الأمني هو إقرار ميزانية الدولة التي تسمح للجيش بتسريع خطة رئيس الأركان لإحداث ثورة نظرية وبنيوية في الجيش كما تعبّر عنها خطة "تنوفا" المتعددة السنوات.
- في الجيش الإسرائيلي يقدّرون أن أي عملية في "الدائرة الثالثة" (إيران والعراق) ستجر وراءها مواجهة في الساحة الشمالية القريبة، وربما في غزة وداخل إسرائيل. وليس أكيداً أن توجيه ضربة إلى إيران ينهي المهمة. لذا، فيما يتعلق بإحباط قفزة إيرانية نحو سلاح نووي، يستعد الجيش لمعركة طويلة في المدى البعيد والقريب تشمل عمليات برية وأُخرى في العمق. وفي كل الأحوال، هذه الحرب لن تكون قصيرة...
- سبب رابع للتفاؤل في مجال الأمن القومي هو التعاون الاستخباراتي والأمني الوثيق والمتعاظم مع دول المنطقة. لا يمكننا التوسع في الموضوع، لكن المناورة الجوية "علم أزرق" التي جرت بقيادة سلاح الجو في إسرائيل، وزيارة قائد سلاح الجو الإسرائيلي عميكام نوركين هذا الأسبوع إلى الإمارات، هي علامات أساسية يمكن الإشارة إليها في هذا السياق.
- في جبهة غزة، وبعد عملية "حارس الأسوار" في أيار/مايو الماضي جرى التوصل إلى استقرار في مقابل تسهيلات اقتصادية. لكن تبقى هذه الجبهة حساسة جداً كما في الأعوام الماضية. الهدوء الذي يسود الآن هو أطول من الهدوء في الجولات الماضية بسبب المال القطري، والتدخل المصري، والإرادة الحسنة لإسرائيل لتقديم تسهيلات اقتصادية بوتيرة سريعة، بما فيها العمل في إسرائيل. لكن الحساسية لم تتراجع لأن "حماس" والجهاد الإسلامي هما تنظيما مقاومةٍ إسلامية متطرفة، ولأن إسرائيل لا تزال ترفض جزءاً من مطالبهم الاقتصادية، ولأن مفاوضات صفقة تبادل الأسرى والمفقودين في مقابل إطلاق المعتقلين لا تزال معلّقة.
- حساسية الجبهة الغزاوية ستزداد بسبب طلب الجيش من المستوى السياسي عدم السماح لـ"حماس" والجهاد الإسلامي بزيادة قوتهما العسكرية. معنى ذلك أن أي معلومات موثوق بها تدل على مكان أو أشخاص يعملون على زيادة القوة العسكرية، مثل إنتاج صواريخ وقذائف وحفر أنفاق أو إنتاج مسيّرات، ستجري ترجمتها إلى عمل عسكري لإحباطها... نموذج من ذلك إسقاط المسيّرة التي أُطلقت من غزة، وقامت بتحليق تجريبي فوق البحر بالقرب من سواحل غزة قبل أسبوع، بصاروخ من القبة الحديدية. وهذا تغيير واضح في سياسة العمل في الساحة الغزاوية يمكن أن يشعل المواجهات، لكنه مبرَّر من الناحية الأمنية وبالنسبة إلى ظروف المواجهة الكبرى المقبلة.
- الجبهة البحرية يسودها الهدوء والاستقرار. ربما لأن إيران وإسرائيل وصلتا إلى وضع من الردع المتبادل. الأمر الذي يسمح للإيرانيين بالتركيز على عمليات بحرية استفزازية ضد الأسطول الأميركي الخامس في الخليج الفارسي وفي خليج عُمان.
- في تقدير الجيش السنوي للوضع، في سنة 2022 هناك عامل غامض يتعلق بالمشروع النووي العسكري الإيراني. صحيح أن إيران خففت في الأشهر الأخيرة من وتيرة تخصيب المواد الانشطارية، لكنها راكمت كميات صغيرة من اليورانيوم المطلوب على درجة 60%، ولم تخصّب كل اليورانيوم على درجة 90% من أجل الوصول إلى درجة السلاح...
- في المقابل، من الواضح أن النظام الحالي في إيران، برئاسة المرشد الروحي علي خامنئي والرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي، ليس موضع ثقة الغرب. يتساءلون في القدس وفي واشنطن ما إذا كان الإيرانيون سيعودون فعلاً إلى الاتفاق النووي، أم سيعلنون عودتهم إلى طاولة المفاوضات في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، لكنهم سيماطلون للضغط على بايدن كي يستجيب لمطالبهم.
- في الجيش، كما في المستوى السياسي، يدركون أنه لا يمكن اليوم التأثير في سلوك الأميركيين في المسار الدبلوماسي مع إيران. الأميركيون مصرّون على إعادة إيران إلى الاتفاق النووي بواسطة الدبلوماسية، وهم يريدون إجراء هذه المحادثات بكل الطرق. في كل الأحوال، إلى أن تتضح نيات الإيرانيين والأميركيين، على إسرائيل بلورة استراتيجيا متماسكة خاصة بها حيال الموضوع النووي الإيراني، وسيكون من الصعب علينا تلبية مطالب الأميركيين وتنسيق المواقف ومساعدتهم لنا في مواجهة هذا التهديد.