مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
كشف رئيس الأركان اللواء أفيف كوخافي، بعد ظهر اليوم [الاثنين]، أن القوى الأمنية أحبطت عشر هجمات على الأقل في الأسبوعين الأخيرين، وأن الجهود المكثفة للجيش الإسرائيلي، الدفاعية والهجومية، ستستمر حتى عيد الفصح وطوال شهر رمضان.
جاء كلام كوخافي هذا خلال حفل تسلُّم قائد سلاح الجو الجديد اللواء تومار بار منصبه، والذي يحلّ محل اللواء عميكام نوركين الذي يستقيل من الجيش، بعد 37 عاماً في الخدمة العسكرية. وقال كوخافي إن عمليات الإحباط هذه تمت بفضل معلومات استخباراتية وعملانية. وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يركز عمله اليوم على إحباط الهجمات، وقال: "سنصل إلى كل حيّ، وكل شارع، وكل بيت، وكل زاروب، للقبض على الجناة، وسنتحرك في كل مكان ونفعل كل ما هو مطلوب، ونستخدم كل الأساليب لوقف الإرهاب".
في هذه الأثناء، من المفترض أن يتخذ المستوى السياسي غداً قراره بشأن التسهيلات المقدمة إلى الفلسطينيين، بما يتلاءم مع تقدير الوضع، ومن المحتمل أن يؤدي استمرار الهدوء النسبي الذي ساد في الأيام الأخيرة، إلى جانب تعزيز التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، إلى ترجيح كفة سلسلة من التسهيلات، مثل السماح بأداء الصلاة في المسجد الأقصى ومنح تصاريح دخول لزيارة إسرائيل، كما في الأعوام الماضية.
تجمّع المئات من الشبان الفلسطينيين بعد الإفطار يوم أمس، بالقرب من بوابة نابلس، وعلى الرغم من الهدوء النسبي، فإن الشرطة اعتقلت شابين؛ الأول، بسبب قيامه بأعمال شغب، والثاني، بتهمة التحريض.
وقالت رئيسة شعبة العمليات في الشرطة سيغال بار تسفي: "نحن في حالة تأهُّب قصوى في مواجهة سلسلة الحوادث التي شهدناها ومعلومات استخباراتية غير مكتملة حتى الآن. الهدف هو خفض ألسنة اللهب والعمل على تخفيف حدة الانفجار". وتطرقت بار تسفي إلى ظروف عملية "حارس الأسوار"، فقالت إن الأسباب التي أدت إلى تلك العملية موجودة الآن، وشرارة واحدة تكفي لإشعال الأرض.
وكانت ليلة أمس بدأت بصورة طبيعية تقريباً، لكنها انتهت بعشرات الاعتقالات، بعد أن بدأ شبان عرب بمهاجمة الشرطة، وألقوا على أفرادها أشياء، وحاولوا الاعتداء عليهم. ونجحت قوة من الشرطة وحرس الحدود في السيطرة على مثيري الشغب، مستخدمةً وسائل تفريق التظاهرات، واعتقلت 10 من المشتبه فيهم الذين جرى التحقيق معهم بتهمة الاعتداء على رجال الشرطة بالضرب.
قام وزير الخارجية يائير لبيد أمس بزيارة خاطفة إلى أثينا، حيث التقى رئيس الحكومة اليونانية كرياكوس ميتسوتاكيس ووزير الخارجية اليوناني، وذلك في ضوء استمرار الحرب في أوكرانيا ونية الغرب تشديد العقوبات ضد روسيا.
ومن المتوقع أن يُعقَد أيضاً اجتماع ثلاثي بين وزراء خارجية كلّ من إسرائيل واليونان وقبرص، وسيجري البحث في سبل التعاون بين هذه الدول، كما سيتطرق المجتمعون إلى عودة الحرارة إلى العلاقات الإسرائيلية التركية وانعكاسات ذلك على دول المنطقة، وسيجري بحث أزمة الطاقة التي بدأت مع الحرب على أوكرانيا، وتفاقمت جرّاء العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا، والتي تبحث الآن عن بدائل من التزود بالغاز الطبيعي، والتخلي عن الغاز الروسي، بالتدريج. ومن المعروف أن الدول الغربية تعتمد على الغاز الروسي، وفرض عقوبات على روسيا من دون إيجاد بديل، يمكن أن يتسبب بأزمة طاقة حادة في أوروبا.
وبالاستناد إلى حسابات وزارة الطاقة الإسرائيلية، فإن إسرائيل قادرة على التصدير إلى أوروبا نحو 10% من الغاز الذي تشتريه اليوم من روسيا. وزيرة الطاقة كارين الهراري قالت للصحيفة: "أمام إسرائيل فرصة كي تصبح لاعبة مركزية في سوق الطاقة العالمية. ولقد طلبت من الوزارة فحص إمكانية تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا، بعد الطلب الذي وجّهه الاتحاد الأوروبي إلينا".
اعتبر الجيش الإسرائيلي التوترات بين العرب واليهود في البلد عنصراً استراتيجياً يمكن أن يكون له تأثير سلبي لدى نشوب القتال في الشمال. جاء هذا في أعقاب المواجهات التي وقعت بين السكان والقوى الأمنية في المدن المختلطة، خلال عملية "حارس الأسوار"، وأيضاً في ضوء الصلة المحتملة بين العرب في إسرائيل و"حماس"، في أثناء القتال مستقبلاً. ونتيجة لهذا، قررت قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي تحديث خططها العملانية القتالية، وأدرجت فيها الوضع الداخلي في إسرائيل.
تحديث خطط القتال ليس خطوة نادرة في الجيش الذي يقوم، من حين إلى آخر، بملاءمة خططه وفق الواقع المتغير. وخلال فترة التحديث، تؤخذ في الاعتبار عوامل جديدة يمكن أن تؤثر في القتال ومساره. تُسمى هذه العوامل "هموماً استراتيجية"، يتعين على المستويين السياسي والأمني أخذها في الحسبان في قراراتهما. ويقول مصدر أمني رفيع المستوى لـ"هآرتس": "تحول التحدي الأمني في داخل إسرائيل والتوترات الداخلية إلى همّ استراتيجي سلبي. والحوادث الأخيرة التي وصلت إلى ذروتها في عملية حارس الأسوار شكلت هماً استراتيجياً سلبياً أصعب وأكبر بكثير من إيران وحزب الله".
في شباط/فبراير من العام الماضي، قرر الجيش الإسرائيلي أن يضيف إلى خطط القتال وباء الكورونا، كعامل استراتيجي يمكن أن يكون له تأثير سلبي. ويهدف تحديث الخطط العملانية إلى الاستعداد لوقوع مواجهات واسعة النطاق في الأراضي الإسرائيلية، خلال القتال في الشمال.
السيناريوهات التي عرضها الجيش على المستوى السياسي بشأن القتال المقبل في الشمال تضمنت احتمال تعرُّض الأراضي الإسرائيلية لسقوط آلاف القذائف والصواريخ وصواريخ الكورنيت البحرية والمسيّرات التي تطلقها قوات متماهية مع حزب الله من لبنان، ومن غزة، ومن هضبة الجولان. ويستعد الجيش أيضاً لحدوث عمليات قطع للطرق على القوات الإسرائيلية بالقرب من البلدات العربية. وسيكون من الصعب على الشرطة فتح الطرقات أمام القوات المقاتلة ومنع نهب المنازل التي سيجري إخلاؤها خلال القتال. وبحسب التقديرات، في الحرب المقبلة في الشمال، سيجري إجلاء عشرات آلاف السكان من منازلهم. وفي تقدير الجيش، أنه خلال القتال، لن تنجح الشرطة في أن تضع نفسها في خدمته كما فعلت في حوادث أمنية سابقة، لذلك، يستعد الجيش لإعلان حالة طوارىء، تنتقل فيها صلاحيات الشرطة إلى الشرطة العسكرية التي ستتولى المسؤولية إزاء السكان المدنيين.
ادّعى الموساد في جلسة استماع عُقدت لبحث طلب الالتماس المقدّم إلى المحكمة العليا في إسرائيل من نشطاء مدافعين عن حقوق الإنسان، أنه من الصعب العثور على وثائق تاريخية في أرشيفه توثّق العلاقة التي كانت قائمة في السبعينيات والثمانينيات، بين الموساد وبين الميليشيات المسيحية في لبنان التي شاركت في مذبحة صبرا وشاتيلا، خلال حرب لبنان الأولى. رئيسة المحكمة العليا التي ترأست جلسة الاستماع أستر حيوت اعتبرت هذه الحجة "غريبة". ورأت أن على الموساد المحافظة على الوثائق، تحضيراً لنشرها علناً بعد مرور فترة المحافظة على سرّيتها وهي 90 عاماً، بحسب القانون؛ خلال تلك المدة، يتعين على الموساد المحافظة على هذه الوثائق وحفظها.
المحامي إيتي ماك ممثل مقدّمي الالتماس كتب في كتاب الالتماس المقدّم في سنة 2020: "مرّ 40 عاماً منذ كان الموساد مسؤولاً عن دعم إسرائيل للميليشيات في لبنان، والتي ارتكبت فظائع في الحرب الأهلية اللبنانية، وعلى الرغم من ذلك، فإن الموساد يعتقد أن من حقه مواصلة إخفاء الحقيقة عن الناس في هذا الشأن." وأضاف أن مجزرة صبرا وشاتيلا كانت حادثة من سلسلة حوادث قتل وخطف واختفاء قامت بها الميليشيات المسيحية. وفي رأيه، أن هذه القضية يجب أن تظهر على الملأ من أجل مناقشتها واستخلاص الدروس التي من شأنها أن تمنع دعم الموساد ودولة إسرائيل لقوى أمنية وميليشيات في أنحاء العالم ترتكب فظائع.
- أصعب الاتهامات التي توجهها الحكومات الإسرائيلية إلى السلطة الفلسطينية تلك المتعلقة بالإرهاب. السلطة تساعد، بسخاء، عائلات "الإرهابيين" الذين سُجنوا أو قُتلوا. نحن الإسرائيليون، من وجهة نظرنا، هذه جائزة ومحفّز لـ"الإرهاب" يكشف حقيقة السلطة. من وجهة نظر الفلسطينيين، هذه مساعدة لعائلات فقدت مُعيلها، والتزام أخلاقي تجاه الأشخاص الذين يُنظَر إليهم على أنهم أبطال. وفي الآونة الأخيرة، بعثت السلطة برسالة سرية إلى إسرائيل، مفادها: نحن مستعدون للتفاوض بشأن تغيير السياسة. وقام أبو مازن بتعيين مسؤول عن المحادثات. الأميركيون الذين كانوا على اطلاع، عيّنوا من جانبهم ممثلاً أيضاً. أمّا حكومة إسرائيل، فلم تُجِب حتى الآن.
- يمكن تفهُّم جميع الأطراف: أبو مازن الذي يتنقل ما بين تعاون يومي مع إسرائيل لمحاربة "الإرهاب"، وبين الضغوط الداخلية عليه؛ الدبلوماسيون الأميركيون الذين يبحثون عن طريقة لشرعنة السلطة في أوساط الديمقراطيين والكونغرس؛ وحكومتنا، التي تعرف أن هناك تنازلات سيكون من الصعب جداً قبولها في الشارع الإسرائيلي. ففي الوقت الذي يتوجب على بينت تفسير سبب رفضه لقاء أبو مازن، يطرح موضوع الدفعات. هذا تفسير جيد، وذريعة جيدة أيضاً.
- الأمن، والأخلاق، والسياسة: جميعها تؤدي دوراً مهماً في الموجة "الإرهابية" الحالية. خلال موجة العمليات السابقة، "إرهاب" الأفراد، قمت بجولة على طول الجدار الفاصل. تنقلت من خرم إلى آخر، ومن فتحة إلى أُخرى. كيف يهمل الجيش الجدار؟ سألت أحد الجنرالات. فأجاب بأن أحداً لا يهمله. الفتحات في الجدار مخصصة لعبور العمال من الضفة إلى إسرائيل. عمالة أكثر - أموال أكثر؛ أموال أكثر – "إرهاب" أقل. الجيش يترك الفتحات عن قصد، وهي مصورة ومراقبة.
- قرأت في الأمس أن الجيش يطالب بمليار شيكل لإصلاح الجدار وابتسمت. إنها خسارة للمال. عندما ستهدأ هذه الموجة وهذا ما سيجري، ستطرح مجدداً الحاجة الأمنية والاقتصادية لوجود فجوات في الجدار. الفصل الحقيقي غير ممكن. المحافظة على الفجوات مهم أحياناً من أجل الالتفاف على المعارضة السياسية لزيادة حصة العمال القانونيين.
- نحن لا نعلم إذا كان المقصود موجة او موجات. في الموجة السابقة في 2015-2016 قُتل 47 إسرائيلياً وثلاثة اجانب، وهذا حادث خطير لكنه ليس صادماً. وفي ضوء الدعوات إلى عملية حارس أسوار جديدة يمكننا أن نتساءل لماذا ومن أجل ماذا. في عملية حارس الأسوار وقبل ذلك في 2002 في العملية ضد مخيم بلاطة، كانت السلطة الفلسطينية هي العدو والأراضي الفلسطينية هي أراض عدوة. اليوم يتحرك الجيش في كل الأراضي والسلطة هي الخصم وليس عدواً عسكرياً. واليوم الأعين تنظر بقلق ليس فقط إلى الضفة وغزة بل أيضاً إلى إسرائيل والقدس الشرقية، والمدن المختلطة والمجتمع العربي.
- في وضع مركّب كهذا، كان من الأفضل للإعلام السيطرة على أعصابه أكثر. وللأسف، هذا لا يحدث، ولن يحدث. في السابق، حاولت إقناع زملائي والمحررين بالسيطرة على أنفسهم. في فترات الهدوء وافقوني الرأي. بعدها، مع بدء تصاعُد الأحداث، أمام السكين والدم والموت، أمام الخوف من المنافسين وعدد المشاهدات، عادوا وأشعلوا النار من جديد. وفي كل الأحوال، تأثير ما يقال ويُكتب في الإعلام قليل جداً فيما يحدث في الشارع. وسائل التواصل الاجتماعي هي مَن يحدد حجم الهستيريا، وهذه الوسائل مشتعلة. هذه طريقة عملها، هذه خيارات الخوارزميات.
- في سنة 2002، أمام موجة إرهاب لم نشهد لها مثيلاً، تمسّك الإسرائيليون بأرييل شارون. كان يعرف كيف يجمع ما بين سجل عسكري بطولي منتصر وبين سلطة ناضجة توحي بالثقة. بينت ليس شارون، كما أن لبيد وغانتس ليسا شارون أيضاً. ولكن، لنفترض أن الموجة ستستمر وقتاً طويلاً، فهناك حاجة إلى رسالة موحدة، وحتى إلى شخص واحد معروف بأنه ميال أكثر إلى الجانب الأخلاقي، وناضج كما كان سابقاً. لا يمكن للحكومة أن تسمح لنفسها بأن تكون مشتتة، والتشاجر أمام جمهور قلق، مشحون بالتحريض الموجود في شبكات التواصل. عليها رصّ صفوفها.
- ردّة فعلها الأولى على موجة العمليات كان معقولاً: الانتقال إلى العمل الهجومي في الضفة، واعتقالات احترازية في داخل إسرائيل، وتعزيز وجود الشرطة والجيش في الشوارع، وامتناع من الإغلاق، والاستمرار في تشغيل العمال في إسرائيل، وكذلك بالنسبة إلى العمال من غزة.
- أتمنى ألّا أبدو قاسياً، لكن موجات "الإرهاب" دائماً كانت الوقت الجيد للأجهزة الشرطية. هذا ما حدث في أميركا، عندما جرى الهجوم على البرجين التوأمين، ويوم هجوم أتباع ترامب على مباني الكونغرس، وكذلك الأمر في إسرائيل. قلة هي التي تحب الشرطة في الأيام الهادئة: في عيون البعض، هي كسولة وفاشلة وفوضوية؛ وفي عيون آخرين، هي انتقامية وسيئة وفاشلة. الحكومات الإسرائيلية قامت بكل ما تستطيع، بهدف إضعاف الشرطة. بنيامين نتنياهو تميز بهذا، لأسباب معروفة.
- وكقيادة الجيش، تتسابق قيادات الشرطة لاستغلال الظرف، بهدف طلب ميزانيات إضافية. هذه ردة فعل معروفة. هناك منطق في تعزيز صفوف الشرطة بآلاف الشرطيين. لكن في حال سوق عمل ناجح، أشك في كونهم سيجدون الأشخاص المناسبين لتجنيدهم. سابقاً، كان الأهالي يقولون لأبنائهم الذين أغرقوا الصحون بالطعام ولم يعرفوا كيف يأكلونه - عيون كبيرة، وأفواه صغيرة.
- في آذار/مارس 1996، شهد البلد سلسلة أحداث "إرهابية" قاسية نفّذتها "حماس"، انتقاماً لاغتيال أحد أهم عناصرها، المهندس يحيى عياش الذي اغتيل بعملية مركزة، من خلال تفخيخ هاتفه الخليوي. والعملية الثالثة في سلسلة هذه الهجمات هي التي وقعت بالقرب من مركز ديزنغوف في قلب تل أبيب، حيث قُتل عدد غير قليل من المواطنين. بعدها أجرى السيد بيرس، الذي كان، حينها، رئيساً للحكومة، تقديراً للوضع في مبنى وزارة الدفاع في تل أبيب، اقترح خلاله أحد الأمنيين فرض إغلاق في دولة إسرائيل.
- عندما جاء دوري في الكلام، وكنت يومها رئيساً لدائرة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية، تناولت أمرين: الأول، إن فرض الإغلاق سيكون بمثابة نجاح كبير لـ"الإرهاب"، وأن هذا ما يريد "الإرهابيون" تحقيقه - أن تتوقف إسرائيل عن العمل؛ وأضفت أنه، في تقديري، ليس المقصود موجة هجمات. وحتى لو وقع هجوم مؤلم آخر، فإن إسرائيل ليست في مواجهة موجة.
- قبِل رئيس الحكومة اقتراحي ولم يفرض الإغلاق على دولة إسرائيل، ولم تكن هذه موجة هجمات.
- يخيَّل إليّ أن تقديري السابق يصح أيضاً بالنسبة إلى الأحداث الأخيرة التي تبدو العلاقة فيما بينها ضعيفة، وإذا كان هناك علاقة، فهي خلق جو، وليس لأن هذه الأحداث هي جزء من موجة مخطَّط لها ستُغرق إسرائيل.
- صحيح أن لدى إسرائيل نقطة ضعف استخباراتية وقانونية؛ هي أن جمع معلومات استخباراتية وسط العرب في إسرائيل، كونهم مواطنين إسرائيليين، أمر معقد في طبيعته. إمكانية القيام بعمليات ملاحقة وجمع معلومات استخباراتية، ومستوى الجهوزية المطلوب لاعتقال مواطنين في إسرائيل، والحاجة إلى إقناع المنظومة القضائية في إسرائيل بالتشدد مع المواطنين الإسرائيليين المشتبه فيهم بـ"الإرهاب" - كل هذا يقيّد عمل الشاباك والشرطة بشدة. من أجل التغلب على نقطة الضعف هذه، يجب تغيير القانون والسماح للشاباك باستخدام كامل قدراته، تماماً مثل إجراءاته ضد المشتبه فيهم بـ"الإرهاب" في الضفة الغربية، وهم مواطنون في السلطة الفلسطينية. تغيير القواعد وزيادة الرقابة الاستخباراتية سيؤديان إلى المسّ بالديمقراطية في إسرائيل، لكن لا مفرّ من ذلك إزاء كل ما له علاقة بالمواطنين الإسرائيليين المشتبه في انتمائهم إلى داعش، أو تعاطفهم معها. هؤلاء الأشخاص، وهم ليسوا كثراً، وربما بضع مئات، يتطلبون تعاملاً مختلفاً إذا أردنا تقليص الخطر الناجم عنهم. وهم مثل المهاجمين الثلاثة الذين نفّذوا الهجوم في بئر السبع وفي الخضيرة: عرب ومواطنون إسرائيليون تأثروا بداعش.
- الحادث الثالث في بني براك مختلف تماماً. فهو نتيجة جهد متواصل لشبكات "إرهابية" من أنواع وتنظيمات مختلفة، أو أفراد للقيام بهجمات في الضفة الغربية، أو في داخل إسرائيل. وتوجد تحذيرات غير قليلة من ذلك، وهناك مئات عمليات الإحباط التي قام بها الشاباك منعت عشرات العمليات، وهذا جهد مستمر ويجري طوال الوقت، لكشف واعتقال مثل هؤلاء المهاجمين في الضفة الغربية. لا علاقة بين القتَلة الذين جاؤوا من وسط العرب في إسرائيل والمهاجم الذي جاء من منطقة جنين، وليست الشبكة عينها، ولا التنظيم نفسه، وليست الصعوبة نفسها، وليس التحدي الاستخباراتي عينه. من الأفضل لنا، ومن أجل نوعية النقاش، أن نُجري هذه الفروقات.
- الآن، الرد: أشك في أن كل الوسائل التي اتُّخذت، باستثناء زيادة عدد حاملي السلاح في الشوارع، ستقلل من فرص العرب في إسرائيل، المتأثرين بداعش، في تنفيذ هجماتهم. ميزة المهاجمين أنهم منخرطون جيداً في المجتمع الإسرائيلي، ولا يتعين عليهم اجتياز أي جدار أو حاجز، والوسائل الاستخباراتية المستخدمة إزاءهم ضعيفة نسبياً ومحدودة، لأسباب قانونية كما هو شائع في أغلبية الدول الديمقراطية الغربية، كما شرحنا أعلاه.
- في المقابل، الشبكة التي جاء منها المهاجم، من يعبُد، يمكن ويجب اقتلاعها من المثلث. بعد أن يتضح لنا أسلوب تنقُّله، وأين وكيف عبَر الجدار، وكيف حصل على السلاح الذي حمله - يجب استخلاص الدروس وسدّ الفجوات. في الضفة الغربية، بعكس الأراضي الإسرائيلية، السيطرة العسكرية والاستخباراتية أفضل بكثير، ومثل هذه الفجوات يجب إغلاقها قبل أن يأتي منها المهاجم القادم. هذا على خلفية الاعتقاد أن لدى الأجهزة الاستخباراتية معلومات نوعية، وربما تحذير ملموس بشأن نية تنظيمات "إرهابية"، على رأسها "حماس"، إشعال الضفة الغربية، وربما أيضاً دولة إسرائيل، قبيل شهر رمضان.
- على أي حال، ما يجري الحديث عنه ليس موجة، في رأيي، حتى لو وقع هجوم قاسٍ جديد في فترة رمضان - عندما تصبح أعصاب المتدينين في المجتمع الفلسطيني في الضفة وإسرائيل حساسة، وتتصاعد الرغبة في القتل لدى الأقلية العربية. ويجب ألّا نضخّم الردود على هذه الأعمال الشنيعة، والحذر من الرد بصورة غير متوازنة، والذي يُلحق الضرر بوتيرة الحياة الطبيعية في إسرائيل - لأن هذا ما يطمح إليه "الإرهاب" - إلحاق الضرر بالحياة الطبيعية.