مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن طائرات سلاح الجو شنّت الليلة قبل الماضية غارات ضد أهداف تابعة لحركة "حماس" في قطاع غزة، ردّاً على إطلاق قذيفة صاروخية من القطاع في اتجاه الأراضي الإسرائيلية أول أمس (السبت) سقطت في منطقة مفتوحة، من دون أن تتسبب بوقوع إصابات بشرية.
وأضاف البيان أنه تم في هذه الغارات قصف ورشة لإنتاج قذائف صاروخية ونفقاً في جنوب القطاع. وأشار إلى أنه خلال الغارات الجوية، أُطلقت النيران في اتجاه الطائرات الإسرائيلية، وردّاً على ذلك، قصفت الطائرات قاعدة عسكرية تابعة لـ"حماس".
يُذكر أن هذه هي أول مرة منذ شهر يتم فيها إطلاق صاروخ من قطاع غزة في اتجاه الأراضي الإسرائيلية، وهي المرة الثانية منذ انتهاء عملية "مطلع الفجر" العسكرية التي شنتها إسرائيل في القطاع في آب/أغسطس الفائت.
وبحسب التقديرات في إسرائيل، فإن القذيفة جاءت ردّاً على مقتل أحد قياديي "حماس" في اشتباك مع القوات الإسرائيلية الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى مقتل نعيم الزبيدي، ابن عم زكريا الزبيدي، وهو أحد المتورطين في عدة عمليات، بينها اختطاف جثة الشاب تيران فرو من مستشفى في جنين.
وبعثت قطر برسالة عاجلة إلى حركة "حماس"، حثتها فيها على تجنُّب تفجير الأوضاع الأمنية خلال المونديال الذي تستضيفه الدوحة، والمستمرة أعماله حتى يوم 20 كانون الأول/ديسمبر الحالي.
عقد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة ورئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ أمس (الأحد) جلسة مباحثات في المنامة في إطار أول زيارة من نوعها لرئيس إسرائيلي إلى المملكة، ناقشا خلالها مواصلة جهود حماية أمن منطقة الشرق الأوسط في ظل التحديات الحالية، وتعزيز الشراكة الأمنية والاقتصادية بين الدولتين.
وأفادت وكالة الأنباء البحرينية بأن جلسة المباحثات هذه عُقدت بحضور ولي العهد البحريني ورئيس مجلس الوزراء سلمان بن حمد آل خليفة. وخلالها قال ملك البحرين: "إننا على ثقة بأن لهذه الزيارة لها دوراً مهماً في توطيد العلاقات ودعم تطلعاتنا المشتركة على صعيد ترسيخ السلام والتنمية."
وأضافت وكالة الأنباء البحرينية أن الملك أكد أيضاً الموقف الثابت والداعم لتحقيق السلام العادل والشامل والمستدام الذي يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
بدوره، قال رئيس الدولة الإسرائيلية إن هذه الزيارة تاريخية وتؤكد تطلُّع الدولتين إلى تعزيز العمل على تقوية العلاقات فيما بينهما.
وكتب هرتسوغ في سلسلة تغريدات على موقع "تويتر" بعد اللقاء: "كانت زيارتي مؤثرة إلى جانب صديقي ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وأبارك رؤيته للسلام والصداقة والتسامح. وهي زيارة تؤكد الأهمية الكبرى التي توليها إسرائيل للعلاقات مع البحرين، والتي تشمل شراكات أمنية واقتصادية وسياحية وبيئية."
وكان هرتسوغ وصل إلى المنامة في وقت سابق أمس، في زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس دولة إسرائيلية، وكان في استقباله لدى وصوله إلى مطار البحرين، وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني.
وأفادت تقارير إعلامية، عشية الزيارة، بأن هرتسوغ سيُجري زيارته تحت حراسة مشددة، في إثر تظاهرات نُظِّمت ضد الزيارة. وأعلنت السلطات في البحرين أنها لن تسمح باحتجاجات ضد زيارة هرتسوغ في أثناء وجوده في المملكة. وبموازاة ذلك، جرى تغيير الجدول الزمني للزيارة من أجل خفض احتمال حدوث احتكاك بين هرتسوغ ومتظاهرين.
ومن المقرّر أن يقوم هرتسوغ اليوم (الاثنين) بزيارة إلى أبو ظبي، حيث سيلتقي رئيس الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد، للمرة الرابعة خلال العام الأخير.
دان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى الشرق الأوسط تور وينسلاند مقتل الشاب الفلسطيني عامر مفلح برصاص ضابط إسرائيلي من شرطة حرس الحدود في حوارة بالقرب من نابلس أول أمس (الجمعة)، بحجة محاولته اقتحام سيارة إسرائيلية والاستيلاء على سلاح الضابط وطعنه.
وكتب وينسلاند في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع "تويتر": "أشعر بالفزع لمقتل الفلسطيني عامر مفلح خلال اشتباك مع جندي إسرائيلي بالقرب من حوارة. يجب التحقيق بشكل كامل في مثل هذه الحوادث في أسرع وقت ممكن، ويجب محاسبة المسؤولين عنها."
وشجبت إسرائيل هذه الإدانة، وكتب رئيس وحدة الدبلوماسية العامة في وزارة الخارجية الإسرائيلية عمانوئيل ناحشون تغريدة في حسابه على "تويتر"، ردّاً على وينسلاند، قال فيها: "إن ردة الفعل هذه هي تشويه كامل للواقع. وهذا الحادث هو هجوم إرهابي تعرّض خلاله ضابط شرطة إسرائيلي للطعن في وجهه، وتعرضت حياة ضابط شرطة إسرائيلي آخر للتهديد، ونتيجة ذلك، أطلق النار على مُهاجمه."
وكانت فرنسا أعربت عن قلقها العميق من ازدياد المواجهات في مناطق الضفة الغربية خلال الأيام الأخيرة التي قُتل فيها خمسة فلسطينيين.
وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية في باريس أن فرنسا تكرر دعوتها إلى كل الأطراف المعنية بالامتناع من اتخاذ عمليات استفزازية والقيام بعمل أحادي الجانب.
تشهد الحلبة السياسية الإسرائيلية جدلاً ساخناً عقب قرار الحكومة الجديدة المقبلة برئاسة بنيامين نتنياهو، نقل وحدة المناهج التعليمية الخارجية من وزارة التربية والتعليم إلى مسؤولية رئيس حزب "نوعام" عضو الكنيست آفي ماعوز، المعروف بميوله السياسية اليمينية وتعصُّبه الديني الأصولي.
فقد بعث رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته يائير لبيد برسالة إلى رؤساء السلطات المحلية، مناشداً إياهم الامتناع من التعاون مع الوحدة التي يترأسها ماعوز. وقال إن الحكومة الجديدة ستهمل قضايا التعليم والتربية، وستنقل المسؤولية عنها إلى أيدي جهات متطرفة متعصبة.
وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية 13 أنه بعد الكشف عن الاتفاقية الائتلافية بين حزبيْ الليكود و"نوعام"، والتي بموجبها سيتسلم رئيس هذا الحزب الأخير، صاحب الآراء المتشددة، المسؤولية المباشرة عن وحدة البرامج الخارجية في وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، الأمر الذي سيسمح له بالسيطرة على المنظمات والمحتوى الذي سيدخل إلى المدارس، أعلن أكثر من 50 رئيس بلدية وسلطات محلية في إسرائيل أنهم سيحمون جهاز التعليم كي يبقى متسامحاً ويهودياً.
كما ناشدت جمعية المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية العشرات من رؤساء السلطات المحلية الانضمام إلى القول إنهم سيصرون على التعليم من أجل التسامح، وطلبت من أعضاء مجتمع المثليين المطالبة بذلك من رئيس سلطتهم المحلية.
وقالت رئيسة الجمعية هيلا بار: "إن الأمر لا يتعلق باليمين أو اليسار، بل بحياة الأطفال، ويجب عدم التخلي عنهم ما دام الشخص المظلم والمتطرف في الكنيست هو المسؤول عن محتويات نظام التعليم. إن واجب كل رئيس سلطة محلية في إسرائيل هو أن ينطلق بصوت واضح ضد الكراهية، وبما يضمن تعليماً متسامحاً ومتساوياً في نظام التعليم الذي سيحمي شبابنا. حان الوقت للوقوف إلى جانب مجتمع المثليين، وأدعو رؤساء السلطات الأُخرى إلى التعبير عن موقف واضح ضد الكراهية."
في الوقت نفسه، أرسل أكثر من 200 مدير مدرسة من جميع أنحاء إسرائيل من مختلف القطاعات رسالة إلى رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو، كتبوا فيها: "سنقف بحزم للحفاظ على ديمقراطيتنا والحقوق الأساسية لمواطني البلد على أساس القانون الأساس لكرامة الإنسان وحريته."
- حكومة اليمين بالكامل التي من المفترض أن تبدأ عملها في الفترة القريبة هي بشرى سيئة لكل مَن يعتبر أن تحقيق الرؤيا الصهيونية عزيز على قلبه. ففي النهاية، هذه أقل الحكومات صهيونيةً، التي تشهدها إسرائيل منذ قيام الدولة.
- نصف أعضاء الائتلاف هم من الحريديم المتدينين، وجزء منهم لم يخدم في الجيش الإسرائيلي، ويكافح بشدة ضد خدمة الشباب الحريدي في الجيش. جزء من أعضاء الائتلاف يقدم مطالب تتعارض مع القيم التي قامت على أساسها الحياة هنا منذ قيام الدولة قبل 74 عاماً. ومطالبهم هذه يمكن أن تغيّر دولة إسرائيل بصورة مقلقة، كما يمكن أن تغيّر صورة دولة إسرائيل كدولة ديمقراطية.
- على سبيل المثال، يطالب جزء من أعضاء الائتلاف بتعزيز الهوية اليهودية؛ والفصل الجندري في المناسبات العامة، وفي تقديم الخدمات العامة؛ وبقانون متساهل للخدمة العسكرية الإلزامية، من دون أهداف التجنيد، ويمكن أن يغلق الباب على إمكانية قيام الشباب الحريدي بواجبه في الخدمة في الجيش الإسرائيلي؛ ويطالب بمنع تشغيل المواصلات العامة في أيام السبت، بما فيها السلطات التي تدير خدمات النقل للشباب؛ وتعزيز صلاحيات المحاكم الدينية؛ وتغيير الستاتيكو في الحرم القدسي الذي من شأنه إثارة كل العالم الإسلامي ضدنا، وإشعال الشرق الأوسط؛ إلغاء مسيرات المثليين؛ إلغاء حق الأحفاد في العودة؛ صدور برامج تعليم المثليين من وزارة التربية؛ تمويل أكثر اتساعاً للمؤسسات الحريدية واليشيفوت [المدارس الدينية] بمقدار مليارات الشيكلات على حساب القطاع العلماني، إلى آخره.
- صحيح أن جزءاً من هذه المطالب لن يتحقق، وأن نتنياهو يدرك بالطبع إشكاليتها، لكنها من الممكن أن تغيّر صورة الدولة نحو الأسوأ.
- لقد حرص نتنياهو في الأيام الأخيرة على التهدئة بواسطة التغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال مقابلة مع وسائل إعلام أميركية، عندما قال إنه سيحرص على أن تبقى دولة إسرائيل، في ظل حكمه، تتصرف كما تتصرف الآن. لكن يجب ألّا ننسى أن نتنياهو قال منذ وقت قصير إن إيتمار بن غفير لن يكون وزيراً في حكومته، وبذل جهداً كبيراً كي لا يتصور معه. وها هو بن غفير أصبح اليوم وزيراً للأمن القومي في حكومته.
- يُعتبر نتنياهو في هذه الأيام الحلقة الأضعف في المفاوضات الائتلافية التي يجريها مع شركائه الذين يعرفون مشكلاته جيداً، ويعرفون أين يجب أن يضغطوا، وماذا يتوقع منهم أن يقدموه بشأن كل ما له علاقة بمحاكمته. كل هذا يخلق شعوراً بأننا مقبلون على أيام صعبة، من دون التطرق إلى المشكلات الأمنية الداخلية والخارجية التي ستضطر إسرائيل إلى مواجهتها.
- لم يسبق أن كانت مكانة إسرائيل الإقليمية والدولية أفضل مما هي عليه في الوقت الحالي، فقوتها العسكرية والاقتصادية جعلتها دولة يسعى الجميع للتقرب منها ونيل مساعدتها. ولعلّ ما ساهم في ذلك في الآونة الأخيرة الحرب في أوكرانيا، وقبلها فإن التهديد الإيراني المتعاظم ساعد في تثبيت وتعزيز العلاقات بين إسرائيل ومعظم الدول العربية، ومع دول أوروبا التي كانت تُعَد من أكبر منتقدي إسرائيل.
- ولا بد من أن نعيد إلى الأذهان بهذا الشأن أن أول رئيس حكومة في إسرائيل دافيد بن غوريون هو الذي كرّر الادعاء أن مستقبل إسرائيل متعلق، ليس بقوتها وبعظمتها فقط، بل أيضاً بعدالة طريقها، والتي ينبغي أن تتسبّب باعتراف العالم، المتنور والديمقراطي على الأقل، بشرعية إسرائيل وشرعية سياستها وخطواتها.
- غير أن هذه الشرعية تعيش منذ عدة أعوام تحت وطأة هجوم الفلسطينيين ومؤيديهم، لكن أمواجه تتحطم في الغالب أمام الجدار الحديدي الإسرائيلي. ولذا، فلا معنى لحملات المقاطعة والتحريض والقرارات التي تتخذها المؤسسات الدولية، والتي توجد للفلسطينيين أغلبية تلقائية فيها. لكن من الخطأ الاستخفاف بحملة نزع الشرعية الجارية ضد إسرائيل؛ فبعد كل شيء، وقبل أقل من عقد، اضطر زعماء وضباط كبار من إسرائيل إلى الفرار مثل لصوص الليل من دول في الغرب زاروها، خشية اعتقالهم وتقديم لوائح اتهام ضدهم بشبهة خرق القانون الدولي في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. وهذا الموضوع تمت تسويته، وفي بعض دول أوروبا، مثل بريطانيا، تم تغيير القانون الذي سمح لجهاز القضاء بتنفيذ حملات اعتقال كهذه بسهولة. ومع ذلك، تم ترسيخ السابقة، وقد تتكرر.
- وفي كانون الأول/ديسمبر 2016، في أواخر عهد إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، اتخذ مجلس الأمن قراراً تُعَدّ بموجبه المستوطنات الإسرائيلية في المناطق [المحتلة] غير شرعية، ودعا إسرائيل إلى وقفها. والولايات المتحدة، التي بادرت على ما يبدو إلى القرار، امتنعت من التصويت، لكنها سمحت بذلك بإقراره عملياً. ولحُسن الحظ، لم يتضمن القرار تطرُّقاً إلى المادة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تقضي أن بوسع مجلس الأمن فرض عقوبات اقتصادية، أو أن يأمر باستخدام القوة العسكرية، في حال خرق القانون الدولي. ومع ذلك، لا شك في أن هذا القرار هو بمثابة سيف مُصلت فوق رأس إسرائيل، وفيه ما يقيد حرية عملها في المناطق [المحتلة].
- وأضيفَ إلى ذلك القرار قرارٌ آخر اتخذته إحدى لجان الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، وبموجبه، طُلب من المحكمة الدولية في لاهاي إبداء رأيها في "المعنى القانوني للاحتلال الإسرائيلي المتواصل" في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، وأن تقرر ما إذا كان هذا يُعتبر خرقاً للقانون الدولي، أو جريمة حرب. وسبق لهذه المحكمة أن قضت، قبل أكثر من عقد، بأن إقامة إسرائيل للجدار الفاصل ليست قانونية، لأنه يخرج عن تخوم أراضي دولة إسرائيل، والتي حددتها المحكمة بالخط الأخضر لـ4 من حزيران/يونيو 1967.
- إن احتمال اتخاذ محكمة لاهاي قراراً يقضي بأن الوجود الإسرائيلي في يهودا والسامرة هو جريمة حرب ستكون له آثار بعيدة المدى على مكانة إسرائيل الدولية، إذ إنه يمكن أن يُشكّل أساساً لاتخاذ قرارات حادة وصعبة أكثر، مثل تبنّي عقوبات ضد إسرائيل، كالتي فُرضت على روسيا. فهل يمكن التعويل على الولايات المتحدة في منع مثل هذا القرار؟ ربما. لكن مثلما سبق أن رأينا، قد يؤدي التوتر في العلاقات مع الولايات المتحدة إلى الامتناع، أو حتى إلى تأييد أميركي للقرار.
- كان ينبغي إيقاف خطوة التوجه إلى لاهاي فور انطلاقها. أما الآن، فيبدو أن القطار غادر المحطة، وسيكون الصراع ضده في المستقبل معقداً وأشدّ صعوبة مما كان عليه حتى الآن.
- حان الوقت إلى بعض التروي من جانب المراسلين الرياضيين ومندوبي الإعلام إلى المونديال في قطر، الذين اكتشفوا وتفاجأوا - وتحدثوا عن ذلك بتفصيل دقيق - بكمية "الكراهية" حيالهم كونهم إعلاميين إسرائيليين فقط. ولأن الحديث يدور عن مراسلين رياضيين، ليسوا مراسلين ميدانيين، وفقط تم إرسالهم إلى الدوري الرياضي مرة واحدة في الخليج، سأسمح لنفسي بأن أحدثهم عن مكان آخر، حيث هناك مَن يعانون كراهية حادة... وفقط لأنهم إعلام إسرائيلي.
- أدعو المراسلين الإسرائيليين في قطر إلى الخروج إلى شوارع البلد في أيام الروتين المباركة. هذا يمكن أن يكون في تل أبيب، أم الفحم، شرقي القدس، بيت شيمش، أشكلون، أو إلى جانب أي بؤرة في منطقة نابلس. حيث في اللحظة التي ترفع المايكروفون أو الكاميرا، لن تعرف كيف سينتهي يومك في العمل. رأيت صحافيين يتعرضون للضرب، حجارة تسقط عليهم وحفاضات مستعملة، بالإضافة إلى مرافقة شرطية بعد أن ثقبت اطارات السيارة التي كان من المفترض أن تأخذك إلى المنزل.
- من أجل ذلك، ليس عليك السفر إلى إحدى الإمارات الإسلامية. حاولوا مثلاً الوصول إلى بلدة أو مدينة تُعَد أحد معاقل اليمين، وتغطية أيّ حدث سياسي أو أمني من هناك. فباستثناء الصحافي التابع لقناة "التراث اليهودي" 14، فإن الأغلبية المطلقة من المصورين والمراسلين يتعرضون فوراً إلى موجة من الشتائم، والبصق، والتهديدات، وكل ما يلحق مَن يطلق عليهم الجمهور صفة "خونة". لن يساعد الذهاب إلى القضاء، ولن يساعد أيضاً الكشف عن جرح من لبنان. يكرهونك لمجرد كونك صحافياً، ممثل الإعلام المكروه، اللا صهيوني، اليساري والخائن الممول طبعاً من حكومات أوروبية.
- في الضفة الغربية والقدس الشرقية، من الصعب أيضاً القيام بتغطية "مهنية" ميدانية، لأن الأمور ستنقلب سريعاً إلى فيلم رعب. تهديدات وإلقاء حجارة من الفلسطينيين من جهة؛ ومن جهة أخرى غاز مسيل للدموع وعنف من الشرطة. الطرفان يرون فينا ممثلين لهيئات سيئة تتنافس وتتقاتل من أجل المال.
- أدعو المراسل الرياضي المسلح بصفحة إحصائيات ومعطف ملون الذي يريد أن يشعر بكراهية حقيقية، التخلى عن الدلال القطري، وأن يحاول تغطية العنف والإجرام في المجتمع العربي داخل إسرائيل. قتلُ صحافي - كان في يوم من الأيام سيناريو مبالَغاً فيه - حدث فعلاً في أيلول/سبتمبر الأخير، حين قام مجهولون بإطلاق النار على نضال اغبارية من أم الفحم. صديقه المقرب حسن شعلان مراسل صحيفة "يديعوت أحرونوت" تعرض إلى إطلاق النار على منزله، وعلى غرفة أطفاله، عبوة وتهديدات، إلى جانب الشعور بالعجز.
- بالمناسبة، تم الاعتداء على شعلان بالضرب على يد الشرطة، أكثر من مرة. كراهية الإعلام في إسرائيل غير معزولة عن السياق. الجزء الكبير منها هو نتاج تحريض السياسيين وأذرعتهم، وهو ما يؤثر أيضاً في أجهزة فرض النظام. فعلى الرغم من أن الحديث يدور عن دولة تعرّف نفسها بأنها "ديمقراطية"، فإن الاعتداءات على الصحافيين بالأساس تتم على يد الشرطة. بالنسبة إلى الشرطة، لا يهم إن كنت تصور تظاهرة، أو تشارك فيها. فالخيالة وأقدام الخيول ستدوسك من دون أيّ تخوف من الرقابة الاجتماعية. المصور سيحصل على ضربة في الوجه، الكاميرا ستُكسر، ومضخات الماء ستجعلك تلتصق بالأرض. وحتى إذا تم الاعتداء عليك من مواطن، ففي أغلب الأحيان يكون الشرطي ينظر إلى الجهة الثانية.
- الوصف أعلاه ليس خيالياً، ولا نادراً. في الآونة الأخيرة، تعرضت شخصياً إلى عدة اعتداءات كانت ستنتهي باعتقالات في دولة طبيعية. أنا والصحافي يارون شارون عانينا جرّاء الاعتداء بالضرب وغاز الفلفل في العيون وتكسير للمعدات، خلال تغطيتنا الاعتداء الذي قام به داعمو اليمين على موسى سعيد في بات يام في أثناء "حارس الأسوار" (الشرطة لم تقم بأي شيء للدفاع عنا). تعرضنا للعنف وتضررت معداتنا حين وثّقنا صلاة عادية خلال انتشار وباء كورونا في بني براك [حي في تل أبيب يقطنه الحريديم]. كما تم الاعتداء علينا بمضخات الماء والخيول خلال تغطية تظاهرات اليسار في بلفور. بصق وشتائم في كل تغطية لساحة عملية، حتى توقفنا عن العد، وهذا يشمل سحب المايكروفون بسرعة خلال التغطية. الوصول إلى موقع من أجل تغطية سقوط قذيفة من غزة انتهى بتحطيم المعدات.
- لذلك، أنا أحسد المراسلين الرياضيين اللطيفين وغير الواعين لما يحدث مع الزملاء في وطنهم. امنحوني الفرصة للتغطية من مركز تجاري فخم ومكيف أكثر من اللزوم في الدوحة. امنحوني الفرصة لتغطية مشجعين غير سكارى تحت رقابة شرطة فعالة تقوم بدروها. امنحوني الفرصة لمقابلة أناس من دون غطاء المايكروفون الذي يرمز إلى القناة، أن أكذب على مَن أقابلهم، وأن أستبدل هويتي القومية. أتمنى أن تكون أكبر مشاكلي أن يترك أحدهم المقابلة وهو يقول "الحرية لفلسطين". ربحتم تغطية المونديال؟ قفوا بثقة وقوموا بعملكم.