مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
رفض وزراء وأعضاء كنيست في الائتلاف الحكومي الانتقادات الشديدة التي وجّهها الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية إلى المستوطنين الذين هاجموا السكان الفلسطينيين وأملاكهم في المناطق [المحتلة] في الأيام الأخيرة، وذلك في إثر العملية المسلحة التي وقعت بالقرب من مستوطنة "عيلي" الأسبوع الماضي وأدت إلى مقتل 4 مستوطنين وإصابة آخرين بجروح.
وكان رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي، ورئيس جهاز الأمن العام ["الشاباك"] رونين بار، والقائد العام للشرطة يعقوب شبتاي، شجبوا في بيان مشترك صدر عنهم أول أمس (السبت) اعتداءات المستوطنين، ووصفوها بأنها "إرهاب قومي بالمعنى الكامل للكلمة".
وتعقيباً على هذا البيان، حثّ وزير المال والوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش [رئيس "الصهيونية الدينية"] الجيش وقوات الأمن على ردّ أقوى على الهجمات الفلسطينية.
وكتب سموتريتش على موقع "تويتر": "إن محاولة إيجاد تكافؤ بين الإرهاب العربي والإجراءات المضادة للمدنيين الإسرائيليين [المستوطنين]، مهما بلغت خطورتها، هي محاولة خاطئة من الناحية الأخلاقية وخطِرة على المستوى العملي. ينبغي على الجيش وقوات الأمن التصرف بحزم أكبر بكثير ضد الإرهاب وأعمال الشغب من طرف العرب. لا يمكننا قبول وضع يشعر فيه المستوطنون بأنهم أهداف سهلة على الطرقات وحول المستوطنات كل يوم، ويحصون موتاهم."
واستنكر سموتريتش استخدام الاعتقال الإداري ضد مشتبه فيهم يهود من اليمين المتطرف، وادّعى أن قوات الأمن تنفّذ عقاباً جماعياً في مستوطنة "عطيرت" عقب هجوم وقع في وقت سابق يوم السبت في قرية أم صفا الفلسطينية.
وقال وزير الطاقة يسرائيل كاتس [الليكود] إنه لا يمكن أن يكون هناك مقارنة، وإن "الإرهاب" هو فقط الذي يرتكبه الفلسطينيون ضد اليهود والجنود.
وقال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير [رئيس "عوتسما يهوديت"] إن سلطات إنفاذ القانون يجب أن تطبّق السياسات بالتساوي بين المجتمعات، وليس انتقاء واختيار مكان تطبيق القانون. وأضاف أنه من غير المقبول أن تُستخدم الاعتقالات الإدارية ضد المستوطنين.
كما انتقد بن غفير سلطات إنفاذ القانون على ما وصفه بأنه استسلام للعنف من طرف أفراد المجتمع الدرزي الذين اشتبكوا مع الشرطة هذا الأسبوع في أثناء احتجاجهم على بناء التوربينات الهوائية في هضبة الجولان. وقال بن غفير إن قوات الأمن لا يمكنها الاستسلام لعنف الدروز من ناحية، واستخدام القبضة الحديدية ضد المستوطنين من ناحية أُخرى. وأشار إلى أن المستوطنين لديهم أعلى معدلات تجنيد للجيش، ويساهمون أكثر من غيرهم في إسرائيل، ولذا، فإن إخضاعهم لعقاب جماعي شديد هو أمر غير مقبول بتاتاً.
كما هاجمت عضو الكنيست ليمور سون هار ميلخ، من حزب "عوتسما يهوديت"، المؤسسة الأمنية، وقالت إنه إذا كانت المؤسسة الأمنية غير قادرة على توفير الحماية الأساسية، فسنرى ظاهرة قيام مستوطنين بأخذ زمام الأمور في أيديهم لحماية حياتهم.
يُذكر أنه بعد ساعات على الهجوم بإطلاق النار، الذي نفّذه مسلحان فلسطينيان بالقرب من مستوطنة "عيلي"، اعتدى عدد كبير من المستوطنين على عدد من البلدات الفلسطينية في شمال الضفة الغربية، من ضمنها حوارة التي كانت مسرحاً لاعتداء دامٍ آخر للمستوطنين في وقت سابق من هذا العام، بعد هجوم فلسطيني. وفي اليوم التالي، قام مئات من المستوطنين أيضاً باقتحام بلدتيْ ترمسعيا وعوريف الفلسطينيتين، بعد وقت قصير على دفن قتلى الهجوم، وأطلقوا النار على السكان، وأضرموا النيران في المنازل والسيارات والحقول، وأرهبوا السكان. كما تكررت الاعتداءات أول أمس (السبت).
أفادت أنباء واردة من قبرص صباح أمس (الأحد) بأن أجهزة الأمن القبرصية تمكنت من إحباط اعتداء أعدّت لتنفيذه شبكة من "الإرهابيين" الإيرانيين ضد أهداف إسرائيلية أو يهودية في مدينة ليماسول، وذلك بفضل تعاونها المشترك مع وكالات استخبارات غربية، على ما يبدو أميركية وإسرائيلية. وأعربت أجهزة الأمن القبرصية عن اعتقادها أن هذا النشاط مرتبط أيضاً بالحرس الثوري الإيراني.
وبحسب التقارير، فإن الشبكة تعمل في شمال الجزيرة في إطار "جمهورية شمال قبرص" (التركية) التي لا تعترف بها أي دولة في العالم، باستثناء تركيا.
وتُعدّ هذه العملية ثاني عملية إحباط خلال عامين، عندما تم إحباط محاولة اغتيال قام بها رجل أذربيجاني يحمل الجنسية الروسية ضد رجال أعمال إسرائيليين قبل عامين. وبحسب التقديرات، فإن الشخص الذي تم القبض عليه، آنذاك، كان يعمل أيضاً لمصلحة الحرس الثوري، وأراد تنفيذ عملية انتقام، رداً على تصفية الخبير الرئيسي للمشروع النووي الإيراني محسن فخري زادة.
قررت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إقامة لجنة تحقيق رسمية لتقصّي وقائع تفجير مقر قيادة الجيش الإسرائيلي في مدينة صور اللبنانية يوم الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 1982، وذلك في إثر توفُّر قرائن جديدة لم يتم طرحها على لجنة عسكرية إسرائيلية شُكِّلت بعد التفجير، وتعزز إمكانية أن يكون انهيار المبنى عائداً إلى عملية مدبرة.
وجاء هذا القرار بناءً على توصية من لجنة أمنية إسرائيلية مشتركة أقيمت في كانون الأول/ديسمبر الماضي، مكوّنة من مندوبين عن الجيش وجهاز الأمن العام ["الشاباك"] والشرطة، للنظر في كافة المعلومات المتوفرة، إلى جانب جمع معلومات جديدة بشأن التفجير الذي أودى بحياة عشرات الجنود وعناصر الأمن الإسرائيليين.
وجاء في بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن فريق التحقيق، الذي قدم التوصية، كُلّف بالنظر فيما إذا كان هناك مجال للتوصية بإقامة لجنة تحقيق مكملة تابعة للجيش. وأوضح البيان أن الفريق، الذي ضم جهات مختصة من الجيش وجهاز الشاباك والشرطة، عمل على مدار شهرين تقريباً، وبعد عمل مكثف، قدّم نتائج العمل وتوصيته إلى رئيس هيئة الأركان العامة. وتقضي التوصية بإقامة لجنة تحقيق رسمية مشتركة، وذلك في ضوء النتائج الجديدة التي لم يتم طرحها في الماضي، وتعزز إمكانية أن يكون سبب انهيار المبنى عائداً إلى عملية مسلحة.
وأفاد البيان بأن لجنة التحقيق المكملة، التي سيكلفها رئيس هيئة الأركان بالتعاون مع جهاز الشاباك والشرطة، سيترأسها العميد احتياط أمير أبو العافية، وستنظر في النتائج التي خلص إليها الفريق وغيرها من المواد، وسيتعين عليها صوغ موقف نهائي من هذا الموضوع.
وأوضح بيان الناطق العسكري أن 76 شخصاً من أفراد أجهزة الأمن الإسرائيلية، بينهم جنود وأفراد في حرس الحدود وجهاز الشاباك، قُتلوا في التفجيرات، وكذلك 15 لبنانياً كانوا معتقلين في المقر. وعلى مدار أعوام، تبنّت المقاومة اللبنانية تفجير المبنى، لكن إسرائيل كانت تؤكد أن الحادث عبارة عن انفجار عرضي، وليس تفجيراً متعمّداً.
ولمّح مسؤول سابق في جهاز الشاباك إلى أن سبب تستُّر الجهاز والجيش الإسرائيلي على حقيقة الانفجار هو أن المبنى يقع على بُعد 70 متراً عن الشارع، ولم يكن هناك سور حوله، وإنما فقط بوابة هي عبارة عن حبل. وبناءً على ذلك، فإن وقوع هجوم يشير إلى إهمال كبير من جانب الجيش وجهاز الشاباك.
أرجأ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أعمال بناء التوربينات الهوائية في هضبة الجولان إلى ما بعد عيد الأضحى.
وبلّغ نتنياهو الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل الشيخ موفق طريف، في محادثة هاتفية جرت بينهما أمس (الأحد)، موافقته على الامتناع من تجديد أعمال بناء التوربينات الهوائية في الجولان.
وجاء قرار نتنياهو بناءً على توصية القائد العام للشرطة الإسرائيلية ورئيس جهاز الأمن العام ["الشاباك"]، وعلى الرغم من موقف وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي أبدى دعماً لمواصلة الأعمال ابتداءً من يوم أمس.
كما أوعز نتنياهو بالعمل في الأيام المقبلة على إيجاد حلول لأزمة التخطيط والبناء في البلدات الدرزية في الكرمل والجليل، والتي تعاني الطائفة الدرزية جرّاءها.
يُذكر أن مواجهات وقعت يوم الأربعاء بين أهالي هضبة الجولان وعناصر الشرطة الإسرائيلية، أسفرت عن إصابات واعتقالات، وذلك في إثر تصدّيهم لمخطط إقامة التوربينات الهوائية الذي يهدّد بمصادرة أراضيهم. وامتدت الأحداث في الجولان إلى إغلاق مفارق رئيسية في إسرائيل بالإطارات المطاطية المشتعلة، تضامناً مع الأهالي، وضد مصادرة أراضيهم.
هدّد ضباط وجنود احتياط في الجيش الإسرائيلي أمس (الأحد) بالتوقف عن الخدمة العسكرية، وذلك بموازاة النقاش في لجنة القانون والدستور والقضاء في الكنيست بشأن إلغاء ذريعة عدم المعقولية التي تستخدمها المحكمة العليا لإلغاء قرارات حكومية تتعارض مع القانون، مثل تعيين وزراء لديهم ماضٍ جنائي، كما حدث في حالة رئيس حزب شاس أرييه درعي.
وجاء في بيان صادر عن ضباط وجنود الاحتياط المسرّحين من وحدة التنصت الإلكتروني 8200، أن هذا الإلغاء سيؤدي إلى تأسيس ديكتاتورية وترسيخ تعسُّف سلطوي. وأضاف البيان: "وبعد إلغاء ذريعة المعقولية، سيعيدون المجرم درعي إلى الحكومة، ويقيلون المستشارين القانونيين في الوزارات، وسيغيّرون تركيبة لجنة تعيين القضاة وغيرها."
وقال البيان إن إسرائيل تعاني جرّاء هجرة أدمغة، وإن خطوات الانقلاب على النظام القضائي من شأنها تفتيت الأسس الأساسية لوجود الدولة، وكلما استمر تدمير الديمقراطية، ستستمر هذه الهجرة.
كذلك أصدر ضباط وجنود احتياط في وحدة العمليات الخاصة في الجيش الإسرائيلي بياناً، أكدوا فيه أن مشروع قانون إلغاء المعقولية سيقضي، عملياً، على الديمقراطية في إسرائيل، ويسمح للحكومة بتمرير أي قرار وأي تعيين، وبعد ذلك، ستتم إقالة المستشارة القانونية للحكومة.
وأشار البيان إلى أن إلغاء ذريعة عدم المعقولية هو واحد فقط من بين 190 قانوناً ترفرف فوقها راية سوداء كبيرة.
من ناحية أُخرى، تظاهر مئات آلاف الإسرائيليين في تل أبيب ومدن أُخرى في جميع أنحاء إسرائيل أول أمس (السبت) للأسبوع الـ25 على التوالي، ضد خطة الإصلاح القضائي التي تروّجها حكومة نتنياهو، وذلك بعد أسبوع على تعليق قادة المعارضة مشاركتهم في المفاوضات بشأن هذه الخطة.
ونُظّمت التظاهرة المركزية في شارع كابلان في تل أبيب، وشارك فيها نحو 130.000 متظاهر، وحاول المتظاهرون النزول إلى شارع أيالون المركزي لإغلاق الطريق أمام حركة المرور في كلا الاتجاهين.
- رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هو المسؤول عمّا يجري في المناطق، بما في ذلك العمليات الإرهابية اليهودية. ففي ظل زعامته، هُدر دم الشعب الفلسطيني، وأهينت زعامته، وجرى القضاء على تطلعاته الوطنية، ونُهبت أراضيه، وحصل المستوطنون على ضوء أخضر، ولم يعد هناك ما يكبحهم، واستسلموا لنشوة قوة التفوق اليهودي. إسرائيل تحصد ما زرعه نتنياهو.
- مئات المستوطنين، بعضهم مسلح، خرجوا في نهاية الأسبوع في عملية انتقامية هوجاء لعدة أيام: أحرقوا منازل وسيارات وأراضي زراعية، وكان الدافع إلى ذلك الهجوم في عيلي. وكون رئيس الحكومة هو المسؤول المباشر عن الوضع في المناطق، فإن هذا لم يدفعه إلى توبيخ وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير على الدعم الذي قدّمه للمستوطنين في بؤرة أفيتار عندما دعاهم إلى "الذهاب إلى الهضاب". وكأنه ليس هو الذي منح الشرعية لهذا الكهاني المُدان بتسلئيل سموتريتش، وعينه على أكثر المناصب حساسية في الحكومة. وكأن المستوى السياسي لم يطلب من الجيش عدم إجلاء عشرات المستوطنين الذي تجمعوا في أفيتار في الأسبوع الماضي، ولم يعرف مسبقاً بإقامة بؤر استيطانية في الضفة الغربية في الأيام الأخيرة.
- "الكلام الذي يدعو إلى السيطرة على الأراضي بصورة غير قانونية غير مقبول،" قال نتنياهو، وكذلك "الأفعال الرامية إلى السيطرة على الأراضي بصورة غير قانونية،" لأنها تزعزع القانون والنظام في الضفة، قال هذا الكلام كمعلم، وليس كرئيس للحكومة. لكن سيد الأمن لم يقل كلمة واحدة عن اعتداءات المستوطنين في الضفة. هو يعلم بأنه يعتمد على مجرمي الهضاب، وعلى وكلائهم في الحكومة من أجل بقائه السياسي. ولم يكن صدفة أنه أعطى المستوطن المسياني بتسلئيل سموتريتش السيطرة المدنية على الضفة.
- نتنياهو ورئيس الأركان هرتسي هليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، والقائد العام للشرطة كوبي شبتاي أصدروا بياناً مشتركاً أمس، دانوا فيه اعتداءات المستوطنين، ووصفوها بأنها "إرهاب قومي بكل معنى الكلمة،" من المهم تسمية الأشياء بأسمائها، لكن مَن الذي يُفترض أن يحارب الإرهاب إن لم يكن هم؟ من واجبهم القضاء على الإرهاب اليهودي بالمنهجية والوسائل والموارد والقوة نفسها التي تُستخدم ضد المخربين. لكن الجيش هو الذي سمح بالعنف في حوارة، وفي ترمسعيا، وفي أم صفا، وبالهجمات اليومية على المزارعين والرعاة وقطع الأشجار ومهاجمة الأطفال. الجيش دائماً لم يسمع ولم يرَ، وفي بعض الأحيان، يشارك جنوده في الهجمات. هل تذكّروا الآن أن عليهم أن يدينوا؟
- لقد سبق للمجتمع الدولي أن عبّر عن صدمته وإدانته. لكنه هو أيضاً ليس بريئاً. ما يجري في المستوطنات يحدث لأن هناك مَن يسمح بحدوث بذلك. الأمور ستواصل تدهورها، ويتعين على المجتمع الدولي وعلى الحكومة والمؤسسة الأمنية اتخاذ قرار لوضع حدود للمستوطنين.
- المحاولة الانقلابية التي شهدتها روسيا هي إحدى أصعب اللحظات التي مرت بها حرب بوتين ضد أوكرانيا، لأنها كشفت التوترات الكبيرة وتصاعُد العداوات والصراعات الهائلة على النفوذ، والتي تجري بين القيادة الروسية وبين قادة الجيش والمنظومة الأمنية الروسية.
- كما يظهر أنه بالإضافة إلى كون هذه المحاولة خطوة دراماتيكية وغير مسبوقة من ناحية التوقيت والمفاجأة والسرعة التي جرت فيها في قلب روسيا، فإنها من وجهة نظر تاريخية، عملية متطرفة تم التخطيط لها وإعدادها بصورة جيدة، تجري للمرة الأولى منذ سنة 1905، ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي في سنة 1991. ولقد حدث هذا كله من دون سفك دماء، ومَن قام بها هو صديق وحليف بوتين: يفغني بريغوجين.
- علاوةً على ذلك، عندما ننظر عن قُرب إلى ما قام به زعيم فرقة المرتزقة فاغنر، نرى أنه على الرغم من فشله الذريع في إطاحة الرئيس الروسي، فإن الانقلاب الذي قاده بريغوجين كشف ضُعف روسيا. والمقصود عملية قاسية لها تداعيات استراتيجية كبيرة - سياسية وعسكرية ورمزية أيضاً، تتخطى حجمها المباشر.
- ويبدو منذ اليوم أنه على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها النخبة ووسائل الإعلام والجيش الروسي لطمس، أو إخفاء الحقائق، فإن محاولة الانقلاب العسكرية كشفت، علناً، ضُعف بوتين والتصدعات في المؤسسة السياسية والعسكرية والأمنية في روسيا، وعدم سيطرته على الدولة والجيش، وعلى آلة الحرب الروسية.
- بريغوجين لم يؤذِ فقط كبرياء وكرامة ومكانة الرجل الذي يُعتبر الأكثر قوةً ودمويةً، والأخطر في روسيا، وفي السياسة العالمية، بل أيضاً الخطوة الاستفزازية التي قام بها كشفت حجم إدراك القيادة السياسية والعسكرية في موسكو – بعكس الرأي الشائع في الغرب - أن غزو أوكرانيا كان كارثة روسية هائلة. بكلمات أُخرى، ما يجري هو أكثر اللحظات انحطاطاً في فترة حُكم بوتين الذي يعاني جرّاء أزمة حوكمة وزعامة وشرعية، وهي من أكبر الأزمات التي عرفتها روسيا منذ بداية حكمه في سنة 2000.
- بناءً على ذلك، ليس من المستغرب أن يصف بوتين أفعال بريغوجين – زعيم ميليشيات مجرمة، هي مجموعة فاغنر المتهمة بقتل آلاف الأبرياء - بالخيانة، وبأنه يشكل تهديداً للأمن الروسي. وبريغوجين ليس فقط الخصم الأكثر شراسةً والبديل المحتمل من حُكم بوتين، بل إن إبعاده إلى بيلاروسيا هو محاولة لإنهاء الاضطرابات التي شهدتها روسيا خلال 24 ساعة. وعلاوةً على ذلك، فإن الغرض من هذه الخطوة هو ردع المتمردين والخصوم ومعارضي النظام الآخرين، بمن فيهم معارضو الحرب الروسية والمؤيدون لأوكرانيا.
- ومن دون شك، إن المحاولة الانقلابية ترمز إلى "حشرة الاحتضار" لزعيم الكرملين الذي يمكن أن يخسر سيطرته، وأن يقوم بخطوات متطرفة يمكن أن تؤثر في مصير أوكرانيا والحرب في أوروبا.